بقلم / محمد علي رشيد النعماني
لسنوات، ظل الخطاب العفاشي (الموالي لأسرة صالح) يُطارد خصومه، وخاصة الحوثيين وآل حميد الدين، بتهمة السلالية الهاشمية، مصوراً إياهم كطغمة عنصرية تحاول استعادة ماضٍ إمامي بائد. وهو خطاب يجد له بعض الوجاهة حين يُقاس بتصرفات جماعة الحوثي في صنعاء التي تحتكر مراكز القرار تحت لافتة “الولاية” و”آل البيت”.
لكنّ ما يثير السخرية المرّة، أن هذا الاتهام يخرج من أفواه مريدين أمضوا أكثر من اربعين عاماً وهم يقدّسون “سلالة عفاش”، ويُبجلون كل من حمل لقب “صالح”، من الأب إلى الأبناء إلى أبناء الأخ.
“من إمامة الهاشمي إلى “وراثة السنحاني”
اقرأ المزيد...
بن الوزير يتفقد مقر القيادة العامة لقوات دفاع شبوة
28 يوليو، 2025 ( 4:21 مساءً )
تدهور الزراعة في اليمن في بسبب الجفاف وإرتفاع درجة الحرارة
28 يوليو، 2025 ( 4:16 مساءً )
الحوثي، وهو يسعى إلى إعادة إنتاج فكرة “الحكم الإلهي”، لا يخفي سلاليته ولا يتبرأ منها. بل يجاهر بها، وينظّر لها دينياً وسياسياً .
أما العفاشيون، فقد مارسوا السلالية السياسية في أفظع صورها، ولكن بلا عمامة، ولا صكوك نسب، بل بقبيلة وسلاح وجهاز أمن.
صالح، الذي حكم اليمن باسم الجمهورية، رسّخ في العمق جمهورية عائلية تقوم على النسب والولاء الشخصي، ثم سلّم مفاتيح الدولة لأحمد علي، وأقاربه، وأصهاره، وخصخص مؤسسات الجيش والحزب على أسس عائلية صرفة.
“الإخوان.. بين الدعوة ودوائر الدم”
وإن كانت الحوثية والعفاشية أكثر وضوحاً في البعد العائلي، فإن جماعة الإخوان المسلمين في اليمن (حزب الإصلاح) لم تكن استثناءً.
فقد تحول الحزب – الذي يرفع شعار “المبدأ فوق العصبية” – إلى كيان محكوم بـ”سلالة الجماعة”، حيث تُكرَّس الزعامات، وتُعاد إنتاج الوجوه، وتُحتكر مراكز القرار داخل دائرة ضيقة من أبناء المؤسسين أو المتنفذين، ولو بأسماء مختلفة.
“المفارقة الفاضحة”
ما يجمع هذه الأطراف المتصارعة ظاهرياً هو أنها جميعاً تتقاسم العقلية نفسها: عقلية “العائلة أولاً”.
•الحوثي يحكم باسم “البيت النبوي”.
•العفاشي يحكم باسم “البيت الجمهوري”.
•الإخواني يحكم باسم “بيت الجماعة”.
وجميعهم – رغم كل ادعاءاتهم – لا يؤمنون بالدولة، ولا بالمواطنة، ولا بتكافؤ الفرص، بل بتوريث السلطة والنفوذ ضمن دائرة مغلقة.
الجنوب شاهداً… ومتهماً إن تمرد
ولأن الجنوب خارج هذه السلالات، فقد أصبح موضع ريبة من الجميع. يُتَّهَم بالانفصال إن طالب بحقه، وبالرجعية إن تشبث بهويته، وبالعمالة إن اختار تحالفاته.
كل هذا فقط لأنه يرفض أن يُحكم باسم العائلة، أو السلالة، أو الجماعة.
الخلاصة: من يحارب السلالية عليه أن يبدأ من نفسه
لن يكون هناك يمن جديد، ولا مشروع وطني ما دامت الولاءات العائلية والمذهبية والحزبية تُقدم على الولاء للدولة والقانون والمجتمع.
السلالية ليست فقط ما يرتديه الحوثي، بل ما يمارسه العفاشي، ويخفيه الإخواني، ويُعانيه المواطن في الشمال والجنوب معاً .
..
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news