بيروت كانت، يوم أمس، على موعد مع صباحٍ ليس ككل صباحاتها…
صباحٌ بلا زياد، حزين بلا نغمة، بلا ضحكةٍ ساخرة كانت تجلد الواقع وتقول الحقيقة دون رتوش..
رحل الفنان اللبناني الكبير زياد الرحباني…
ابن فيروز وعاصي، ابن بيروت والوطن المتعب، الذي صرخ باسمه كثيرًا، ولم يهادن يومًا..
عن 69 عامًا، وبعد صراع مع المرض، صمتت أنامله، لكن ألحانه لا تزال تنبض حبًا، ومسرحه حيّ في ذاكرة جيل لم يعرف كيف يقول الحقيقة إلا على لسان زياد.
لحّن لفيروز وهو في السابعة عشرة، وحمل المسرح اللبناني على كتفيه في عزّ الحرب.
واجه الطوائف والطغاة والكذب بنكتةٍ ساخرة، وجملة صادقة، وبيانو لا يكذب.
“سهرية”، “بالنسبة لبكرا شو”، “فيلم أميركي طويل”…
لم تكن مجرّد مسرحيات، بل مرايا كسرت زيف المجتمع، وعرّت السياسة بجرأة لا يملكها إلا من تشبّع بالصدق، كزياد.
“البوسطة”، “عندي ثقة فيك”، “أنا عندي حنين”، “بعتلك” وسواها…
ألحان بصوت فيروزي، ستبقى رسائل حب لبلدٍ لم يبادله الحب يومًا.
كيف يرحل من حوّل فوضى بلد إلى سيمفونية؟
كيف يموت من أعاد للصمت معناه، وللنقد روحه ووجدانه؟
إلى غير غياب، يا زياد…
في رحاب الخلود، يا رحباني.
نم قرير العين، كما يليق بعارفٍ.. بعازفٍ، لم يهادن حتى في صمته…
بفنانٍ لم يكذب يومًا؛ لا على نفسه، ولا على الناس، ولا على الوطن.
وداعًا زياد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news