يمن إيكو|تقرير:
أقرت لجنة رؤساء الجامعات الإسرائيلية، باتساع دائرة المقاطعة العالمية لتشمل الجامعات والباحثين في إسرائيل، مؤكدة أنها سجلت أكثر من 750 حالة مقاطعة مثبتة للمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، على خلفية جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل مستخدمة سلاح الجوع والحصار والقتل المباشر للفلسطينيين الجوعى على مراكز الإغاثة.
وحذرت اللجنة- في تقرير حديث نشرته صحيفة “هآرتس” ورصده وترجمه موقع “يمن إيكو”- من أن اتساع المقاطعة بوتيرة متسارعة لتشمل الجامعات، تطور ينذر بتداعيات جسيمة على الاقتصاد القائم على المعرفة، مؤكدة أن حالات المقاطعة تنوعت بين قرارات فردية كرفض نشر أبحاث، وإلغاء منح بحثية، وصولاً إلى قرارات مؤسساتية شاملة بقطع العلاقات الأكاديمية.
ونقل الموقع عن عمانوئيل نحشون، مدير مقر مكافحة المقاطعة الأكاديمية، إن “جميع الجامعات في بلجيكا تقريباً، و80% من المؤسسات الأكاديمية في هولندا، أعلنت مقاطعتها لإسرائيل”، لافتاً إلى انتشار المقاطعة في إسبانيا والنرويج، وظهور حالات محدودة في دول مثل إيطاليا وإيرلندا وسويسرا.
وأوضح التقرير أن الخسارة تبدو أكثر وضوحاً في تراجع فرص التمويل الأوروبي، مشيراً إلى أن مجلس البحوث الأوروبي أفاد بأن تسعة علماء إسرائيليين فقط حصلوا على منح من أصل 100 مقترح تقدّموا به، مقارنة بنسب تراوحت بين 29% و9% فقط خلال السنوات الخمس الماضية.
وعلّق البروفيسور نوعام سوبيل، عضو لجنة البرنامج في معهد وايزمان، بالقول: “نُعتبر ورقة حمراء الآن… والناس في أوروبا وأمريكا يرون مجازر غزة، وهذا يغير مزاجهم جذرياً تجاه التعاون معنا”. حسب تعبيره.
وترى ميلّيت شمير، نائبة رئيس جامعة تل أبيب للعلاقات الأكاديمية الدولية، أن “التحول الحاد حصل بعد مارس الماضي، حين تدهور الوضع الإنساني في غزة وانتهى وقف إطلاق النار”. وأضافت أن “المقاطعة باتت ظاهرة أسبوعية، مع تلقي 7 إلى 10 بلاغات عن حالات جديدة أسبوعياً، أي بزيادة ثلاث مرات مقارنة بالعام الماضي”.
وتجاوز القلق المؤسسات الأكاديمية إلى الأمن والاقتصاد، إذ حذّر رئيس جامعة تل أبيب، بروفيسور أريئيل بورات، من أن إخراج إسرائيل من برنامج “هورايزون” الأوروبي قد “يلحق ضرراً هائلاً بمجال العلوم الإسرائيلي”، مؤكداً أن “العلوم تمثل بنية تحتية حيوية للأمن القومي والاقتصاد والمجتمع”.
ويأتي هذا التصعيد في سياق أوسع من المقاطعة العالمية التي تطال الشركات، والمنتجات، والمؤسسات المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بدعم إسرائيل وجرائمها في غزة، في ظل تصاعد الوعي الحقوقي العالمي الذي بات يربط بين التمويل الأكاديمي والجرائم الإنسانية في غزة، بما في ذلك استهداف الأطفال، والمراكز الصحية، ومخيمات النازحين. وهو ما يهدد، بحسب محللين، ليس فقط التمويل البحثي، بل السمعة العلمية لإسرائيل ككل، ومكانتها في الاقتصاد العالمي القائم على الابتكار والتعاون.
وفي سياق متصل، أغلق مئات النشطاء والمتضامنين حول العالم، أمس الجمعة، مقار عدة سفارات إسرائيلية وغربية، احتجاجاً على استمرار الحرب في غزة، وتنديداً بالدعم السياسي والعسكري المقدم لإسرائيل من قبل الحكومات والأنظمة الغربية.
ووفقاً لما نشرته وسائل إعلام دولية، فقد شهدت كل من: لندن، باريس، بروكسل، مدريد، سيدني، ونيويورك تحركات مفاجئة ومتزامنة، حيث قام نشطاء من حركات مناهضة الحرب وحقوق الإنسان والطلاب المتضامنين مع فلسطين، بتنفيذ عمليات إغلاق رمزية وشاملة لمداخل السفارات، في خطوة تهدف إلى الضغط السياسي والإعلامي، ولفت الأنظار إلى حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان قطاع غزة الذين يموتون جوعاً وقتلاً مباشراً على مراكز الإغاثة.
وفي العاصمة البريطانية لندن، أغلق العشرات من نشطاء حركة “أوقفوا الحرب” بالتعاون مع اتحاد الطلاب من أجل فلسطين، البوابة الرئيسية للسفارة الإسرائيلية في حي كنسينغتون، باستخدام سلاسل بشرية وأقفال معدنية، في حين رفع آخرون لافتات كُتب عليها: “العار لحكومتنا”، “ارفعوا أيديكم عن غزة”، و”الدعم العسكري لإسرائيل دماء الأبرياء”.
ووفقاً لما نشره “ميدل إيست آي” البريطاني، فقد دعا نحو 220 نائباً بريطانياً رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى اتباع خطى فرنسا في الاعتراف بدولة فلسطينية في رسالة بعثوا بها يوم الجمعة، ويمثل أعضاء البرلمان- وهم نحو ثلث المشرعين في مجلس العموم- جميع الأحزاب الرئيسية الأربعة في بريطانيا: حزب العمال، والمحافظون، والديمقراطيون الليبراليون، والحزب الوطني الاسكتلندي.
وقالوا في الرسالة: “نكتب إليكم قبل مؤتمر الأمم المتحدة الذي ترأسه فرنسا والمملكة العربية السعودية يومي 28 و29 يوليو في نيويورك، لتسجيل دعمنا لاعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية”، كما جاء في الرسالة، مضيفين: “إننا نتوقع أن تكون نتيجة المؤتمر هي أن تحدد حكومة المملكة المتحدة متى وكيف ستتصرف بشأن التزامها الطويل الأمد بحل الدولتين، وكذلك كيف ستعمل مع الشركاء الدوليين لجعل هذا حقيقة واقعة.”
وفي باريس، شهدت السفارة الأمريكية إغلاقاً مفاجئاً من قبل متضامنين فرنسيين وأوروبيين، عبر حواجز خشبية وأغطية حمراء رمزية تمثل دماء الأطفال الفلسطينيين. وندد المحتجون بالدور الأمريكي في استمرار حرب الإبادة في غزة، معتبرين أن الدعم غير المشروط الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل يشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم.
وقبل هذا الإغلاق، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس الفائت، أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، ويأتي هذا الإعلان في أعقاب خطوات مماثلة اتخذتها إسبانيا والنرويج وأيرلندا العام الماضي، وقد أثارت إدانة شديدة من إسرائيل والولايات المتحدة.
أما في بروكسل، فقد أغلقت مجموعة من الناشطين مدخل السفارة الإسرائيلية بينما نظم آخرون وقفة صامتة أمام مقر البرلمان الأوروبي، مرتدين الكوفية الفلسطينية ورافعين صوراً لضحايا العدوان، ولافتات تطالب بفرض عقوبات دولية على إسرائيل وإحالة قادتها إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت الناشطة البلجيكية “ليز دو بليسي”، وهي إحدى المشاركات في تحركات بروكسل: ما يجري في غزة جريمة موثقة، ولا يمكننا التزام الصمت. حكوماتنا مشاركة في سفك الدماء من خلال صفقات الأسلحة والدعم الدبلوماسي، مؤكدة أن إغلاق السفارات رسالة رمزية، لكنها تعبر عن الغضب الشعبي المتصاعد”.
وفي سيدني الأسترالية، أغلق محتجون مدخل القنصلية الإسرائيلية، بينما رفعوا لافتات تطالب الحكومة الأسترالية بوقف جميع أشكال التعاون العسكري والتجاري مع الاحتلال.
كما شهدت نيويورك تحركاً أمام مقر البعثة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة، حيث ألقى المتظاهرون نعوشاً رمزية تمثل ضحايا المجازر في رفح والسودانية وخان يونس، مؤكدين أن الصمت الدولي يشجع إسرائيل على مواصلة “الإبادة الجماعية” بحق المدنيين.
وجاءت هذه التحركات بعد أسابيع من تصاعد الحراك الطلابي في الجامعات الغربية، حيث شهدت جامعات مثل هارفارد، أكسفورد، السوربون، وغيرها، اعتصامات مفتوحة ومقاطعة أكاديمية لإسرائيل، في موجة احتجاجات غير مسبوقة منذ عقود.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news