تتعرض المواقع الأثرية في محافظة إب لموجة غير مسبوقة من الاعتداءات وعمليات الحفر العشوائي والنهب المنظم، في ظل اتهامات مباشرة لمليشيا الحوثي بالوقوف وراء هذه الجرائم وقيادة شبكات تهريب منظمة تستهدف طمس تاريخ اليمن وتراثه العريق.
ووفقاً لمصادر محلية، طالت أعمال التخريب عشرات المواقع الأثرية في مركز المحافظة ومديرياتها المختلفة خلال الأسابيع الماضية، على يد عصابات مسلحة ترتبط بشكل مباشر بقيادات في مليشيا الحوثي، التي تلتزم الصمت حيال ما يحدث، وسط تجاهل متعمد لأي مطالبات بوقف العبث.
وكان أبرز تلك الاعتداءات ما تعرّض له موقع “العصيبية” الأثري في جبل عصام بمديرية السدة شرقي المحافظة، حيث نفذت عصابة مسلحة تابعة للمليشيا عملية تنقيب ليلي هي الثالثة خلال أشهر، وسط اشتباكات مع سكان المنطقة الذين حاولوا التصدي لهم.
المصادر أوضحت أن العصابة، المكوّنة من ثمانية مسلحين، اقتحمت الموقع في وقت متأخر من مساء الثلاثاء الماضي، ونفذت أعمال نبش وتجريف بحثًا عن آثار وكنوز، بينما كانت تحمل السلاح وتتوعد كل من يحاول الاعتراض، دون أن تتحرك أي جهة أمنية تتبع مليشيا الحوثي لإيقافها.
وفي حادثة أخرى، أقدم مجهولون على الاعتداء على موقع “ذي الصولع” التاريخي قرب مدينة ظفار شمال شرقي إب، حيث شوهدوا وهم ينفذون عمليات حفر بالقرب من مبنى أثري يحتوي على نقوش قديمة باللغة اليمنية، يُعتقد أنها تُهرّب إلى خارج البلاد عبر شبكات يديرها عناصر مقربون من المليشيا.
وتشير المعلومات إلى وقوع ما لا يقل عن عشر عمليات اعتداء على مواقع أثرية في إب منذ مطلع الشهر الجاري، أبرزها مسجد الأسدية في المشنة، وجبل الرئسي في ذي السفال، وحصن يفوز في العدين، وموقع مريت في السياني، إلى جانب ضريحي مفضل والحداد في السبرة، ومواقع أخرى في النادرة.
وتُعدّ إب من أغنى المحافظات اليمنية بالمواقع التاريخية، نظراً لكونها كانت مركزًا مهمًا في الدولة الحميرية، وشهدت قيام الدولة الصليحية في العصور الوسطى، ما يجعلها هدفًا رئيسيًا لمليشيا الحوثي التي تسعى، وفق مختصين، لطمس الهوية التاريخية واستبدالها برواية طائفية تخدم مشروعها.
ويحذر خبراء في الآثار من أن ما يحدث في إب ليس مجرد أعمال نهب، بل حملة موجهة ومدعومة من المليشيا لتدمير الذاكرة الحضارية لليمن، مطالبين منظمة اليونسكو والمنظمات المعنية بالتدخل العاجل لوقف عمليات النهب واستعادة الآثار اليمنية المهربة.
الخبير اليمني في الآثار، عبد الله محسن، كشف عبر منشوراته عن تداول مجوهرات وحلي أثرية في معارض الذهب بمحافظة إب والعاصمة المختطفة صنعاء، بعد استخراجها بشكل غير قانوني وبيعها عبر شبكات تهريب منظمة.
وأكد محسن رصد صور لتلك المقتنيات في أسواق مثل سوق الملح بصنعاء، لافتًا إلى أن المجوهرات تُباع لمهربين ينقلونها عبر المنافذ البرية والبحرية والمطارات إلى خارج البلاد، حيث تُعرض في مزادات دولية.
كما كشف مسؤول سابق في الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي عن تورط قيادات بارزة في المليشيا في نهب وتهريب قطع أثرية من مختلف مديريات إب، مؤكدًا أن ما يجري يمثل جريمة ممنهجة بحق حضارة اليمن وتاريخه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news