يقاس مدى حضارة الشعوب واتساع جغرافيتها بامتداد الهوية الوطنية لها ولعلَّ أهم عوامل تعزيز الهوية يتمثل في توطين الصناعات الحرفية ومنتجاتها المحلية والتي تراجعت كثيرا اليوم فصار مصطلح الدول المستهلكة يكاد يكون مرادفا لهويتها للأسف.
“المنتجات المحلية، الصناعات الحرفية”.. تتصدر مقومات أية حديث عن الموروث الثقافي للبلدان.
وفي اليمن، ظلت الصناعات الحرفية جزءًا لا يتجزأ من هويتها الثقافية، ويسهم توطينها في الحفاظ على تراثها الغني، عدا أن مساحة شاسعة من الموروث يحتظر على شفا الانهيار بسبب الاعتماد على الاستيراد بنسبة كبيرة.
في الوقت الذي عانى ولا يزال يعاني اليمنيون من البطالة وقلة مصادر الدخل، تستورد اليمن منتجات غذائية 50% منها يمكن انتاجه محليا وبالتالي توفير فرص عمل للعمالة المهدرة في الداخل اليمني، وتحسين مستوى المعيشة.
ولهذا ليس مبالغة القول إننا ننسلخ عن يمننتنا شيئا فشيئا بالتغاضي عن الإتكاء على المنتجات المستوردة والإتكال على الخارج في أبسط الخدمات التي يمكن أن نقوم بها محليا عبر إنتاج وسائلها محليا وعبر توطين الصناعات الحرفية.
إن التوجه نحو توطين الصناعات الحرفية وتشجيع الإنتاج الوطني، يبدأ بتوعية المواطن إزاء اهمية توطين المنتجات والصناعات ويتعزز بقنوات التواصل بين القيادة والقطاعات المعنية وبتضافر الجهود بين الحكومة وشعبها وتشجيع الاستثمار والتجارة بهذا المجال الحيوي الهام.
إن هذا التوجه يتجسد في إطار رؤية الدولة نحو بناء اقتصاد متنوع، قادر على المنافسة في الأسواق العالمية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية والوسيطة، مما يسهم بدوره في تقليل الاعتماد على الاستيراد وخفض فاتورة الواردات التي تثقل كاهل الاقتصاد الوطني.
وحسب خبراء اقتصاد بشأن الأثار الإيجابية لتوطين الصناعات الوطنية يتجسد ذلك في إطار العمل علي خفض فاتورة الاستيراد وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ووصفوا الصناعة الوطنية، بقاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأداة فاعلة لتحقيق الأمن القومي الاقتصادي، ولعل هذا يكمن وراء توجه الحكومة المصرية مؤخرا نحو إعادة هيكلة وتطوير شركات قطاع الأعمال العام، وتحديث بنيتها التحتية، ورفع كفاءة خطوط الإنتاج، بما يتماشى مع المتطلبات التكنولوجية الحديثة، بغية التعزيز من تنافسية المنتجات المصرية في الداخل والخارج، إذ تركز خطة الدولة في توطين الصناعات المحلية، على عدد من القطاعات الحيوية، مثل الصناعات الكيماوية، الغذائية، الدوائية، الغزل والنسيج، المعدنية، والهندسية.
تجدر الإشارة هنا إلى حرص الحكومة إذا ما حملت على عاتقها هذا التوجه، على إقامة شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي، وتوفير الحوافز والتيسيرات الاستثمارية، من أجل جذب رؤوس الأموال والخبرات إلى القطاع الصناعي، وتحفيز نقل التكنولوجيا الحديثة وتوطينها في المصانع المحلية.
ولعل ما يجب التأكيد عليه أن التوطين في مجال الصناعات الحرفية والمنتحات المحلية على حد سواء يمثل أهمية كبيرة للاقتصاد المحلي والتنمية المستدامة، حيث يساهم في تعزيز الهوية الوطنية، وتوفير فرص العمل، وتحسين مستوى المعيشة، والحفاظ على الموروث الثقافي. كما أنه يقلل من الاعتماد على الاستيراد ويدعم الإنتاج المحلي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news