البرلمان اليمني يتهم رئيس الحكومة بـ"ممارسة التضليل" ويعلن تعليق عمل اللجان الرقابية عقب انتهاء مهمتها في مأرب

رئيس مجلس النواب اليمني سلطان البركاني

بران برس:

أعلن البرلمان اليمني، الخميس 24 يوليو/ تموز 2025م، تعليق أعمال اللجان الرقابية المكلفة فحص أنشطة السلطات المحلية في المحافظات، والتصرفات المالية والإدارية والموارد العامة المركزية والمحلية، مرجعا سبب التعليق إلى ما حدث للجنة المكلفة بالنزول الى حضرموت، ومنعها من ممارسة مهامها، وإجبارها على المغادرة.

جاء ذلك خلال اجتماعين عقدتهما هيئة رئاسة المجلس ورؤساء الكتل البرلمانية، يومي الأربعاء والخميس 23 و24 يوليو/تموز 2025، برئاسة رئيس المجلس سلطان البركاني، لمناقشة تطورات الأوضاع العامة في البلاد، والانهيار الاقتصادي، وتقييم أداء اللجان البرلمانية المشكلة للنزول الميداني إلى عدد من المحافظات لممارسة مهامها الرقابية. 

وأوضح البرلمان في بيان له، اطلع عليه "بران برس"، أن اللجنة المكلفة بالنزول إلى محافظات حضرموت والمهرة وسقطرى تعرضت لاعتداء مباشر بتاريخ 21 يوليو من قبل مجاميع مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، أجبرتها على المغادرة، دون أي تدخل من السلطات المحلية، رغم مناشدات اللجنة المتكررة لتوفير الحماية اللازمة. 

وحملت هيئة رئاسة المجلس ورؤساء الكتل البرلمانية السلطة المحلية في حضرموت المسؤولية الكاملة عما تعرض له النواب وعن عدم تعاونها، مؤكدين أن ما جرى "يهدد مفهوم الدولة ويكرس منطق الفوضى والاعتداء على الدستور والقوانين". 

وفي ضوء هذه التطورات، قرر المجلس تعليق أعمال اللجنة البرلمانية المكلفة بزيارة عدن وتعز والمحافظات المجاورة، والتي كان مقرراً وصول بقية أعضائها إلى عدن في نفس اليوم الذي تعرضت فيه لجنة حضرموت للاعتداء، في حين تواصل لجنة مأرب – شبوة – أبين أعمالها الميدانية في محافظة مأرب دون عراقيل. 

وبخصوص اللجنة المكلفة بالنزول إلى محافظات (مأرب – شبوة – أبين)، قال المجلس إنها تواصل أداء مهامها في مأرب، على أكمل وجه وأنها ستختتم عملها خلال الساعات القادمة، إلا أن قال إنها "لن تتمكن من أداء مهامها في المحافظات الأخرى (شبوة - أبين)، دون توضيح سبب ذلك. 

البرلمان حيا السلطة المحلية في محافظة مأرب (شمال شرقي اليمن)، على "تعاونها المطلق وتعاملهم الكريم، واحترامهم قيم الدولة والنظام والقانون وإعلاء أحكام الدستور ودور المؤسسات"، وفق البيان. 

وفي المقابل، عبّر المجتمعون عن أسفهم الشديد لما وصفوه بـ"التواطؤ" من بعض الجهات الرسمية، بما فيها رئاسة الحكومة، التي لم تصدر توجيهات واضحة بالتعاون مع اللجان البرلمانية، رغم مخاطبات رسمية من رئيس المجلس لرئيس الوزراء المعيّن سالم بن بريك، مطالباً إياه بإلزام المؤسسات والوزارات المختصة بتسهيل عمل اللجان وتوفير البيانات المطلوبة. 

وأشار البرلمان إلى أن رئيس الحكومة لم يفِي بوعوده ولم يصدر أي توجيهات، رغم ادعائه غير ذلك، متهمين إياه بممارسة "التضليل وغياب المصداقية"، الأمر الذي اعتبرته هيئة رئاسة المجلس مؤشرًا خطيرًا على غياب الجدية في محاربة الفساد وتمكين الدولة من أداء وظائفها. 

ولفت المجلس إلى أن تعاطي رئيس الوزراء والسلطة المحلية في حضرموت مع أعمال لجان مجلس النواب لا يعطي أي مؤشر على وجود رغبة لتجاوز الاختلالات القائمة وتمكين مؤسسات الدولة للقيام بواجباتها واستكمال بناها كخطوة ضرورية لاستعادة الدولة وتحسين أداء مؤسساتها. 

وأكد البرلمان أن تشكيل اللجان الرقابية جاء بالتنسيق مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي ورئيس الوزراء، ضمن خطة شاملة لتحريك مؤسسات الدولة واستئناف انعقاد مجلس النواب، معتبرًا أن تعطيل هذه الجهود يخدم مصالح الفساد والفاسدين. 

وحذر المجلس من استمرار التدهور الاقتصادي والمعيشي، محملاً مسؤولية تفاقم الأزمة للجهات التي تستحوذ على موارد الدولة دون توريدها إلى الخزينة العامة، وتفرض جبايات غير قانونية بعيدًا عن رقابة مؤسسات الدولة، ما أدى إلى تعميق الأزمة وتوسيع دائرة الفساد. 

وشدد البرلمان على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمحاسبة من يقف وراء تعطيل عمل لجانه ومنع انعقاد جلساته، داعيًا مجلس القيادة الرئاسي للقيام بمسؤولياته في تمكين السلطات الثلاث من أداء مهامها وفقًا للدستور. 

تعطيل الرئاسي للبرلمان 

وخلال الاجتماع، ناقشت هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني، مع رؤساء الكتل البرلمانية، العراقيل المستمرة التي تواجه انعقاد المجلس، على الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلتها الهيئة عبر سلسلة من الزيارات إلى عدن والرياض، بهدف حث مجلس القيادة الرئاسي على تمكين المجلس من أداء مهامه الدستورية والتشريعية. 

وأكد المجتمعون أن مجلس النواب سيواصل جهوده لعقد جلساته بشكل دائم في العاصمة المؤقتة عدن، مشيرين إلى أن استكمال أعمال المؤسسة التشريعية سيكون داعمًا أساسيًا لاستعادة الدولة ومساندة جهود الإصلاح، وتوجيه الموارد العامة ومراقبة أدائها. 

ونوه البيان إلى أن تلك المساعي قوبلت بوعود لم تُنفذ، ووصفوها بـ"السراب"، مشيرين إلى أن هيئة الرئاسة وعدداً من الأعضاء تواجدوا فعلياً في عدن (المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد)،استعداداً لعقد جلسة رسمية في 15 أغسطس 2023، غير أن الجلسة أُجّلت بطلب من مجلس القيادة الذي برر ذلك بعدم جاهزية القواعد المنظمة لأعماله وهيئاته، متعهداً بإرسالها خلال 15 يوماً، وهو ما لم يتم حتى اليوم. 

وأشار البرلمان إلى أن تعطيل انعقاد المجلس لم يقتصر على هذا الجانب فقط، بل تجاوزه إلى عرقلة مباشرة لأعمال لجانه الرقابية، مؤكدين أن جهات ومكونات سياسية مارست ضغوطاً ممنهجة لمنع تلك اللجان من أداء مهامها، بما في ذلك مواجهة حملات تشويه ومضايقات ميدانية. 

وحمّل المجلس رئيس الحكومة المعين سالم بن بريك مسؤولية فشل التعاون مع البرلمان، واتهمه بنكث وعوده المتكررة، سواء عبر مخاطبات رسمية أو أمام سفراء الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن تعامله مع السلطة التشريعية يفتقر إلى المصداقية، ويتنافى مع أبسط القواعد الدستورية والسياسية. 

وشددت الهيئة على أن البرلمان هو السلطة الشرعية والدستورية القائمة، وسيواصل ممارسة مهامه الرقابية والتشريعية حتى إجراء انتخابات جديدة، استناداً إلى المادة (65) من الدستور والمادة (4) من لائحة المجلس، التي تتيح استمراره في حال تعذر إجراء الانتخابات بسبب ظروف قاهرة. 

واستغرب المجتمعون من ازدواجية تعامل بعض الجهات الرسمية مع البرلمان، خاصة أن مجلس القيادة الرئاسي أدى اليمين الدستورية أمام المجلس بعد تفويض السلطة إليه من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، وهو ما يعزز من شرعية المجلس ويستوجب دعمه لا تهميشه. 

وأكد المجتمعون أن إعادة تفعيل المؤسسة التشريعية في العاصمة المؤقتة عدن يمثل خطوة محورية لدعم مجلس القيادة والحكومة في مواجهة الاستحقاقات المعيشية والاقتصادية المتفاقمة، خاصة في ظل تنامي الفساد وتدهور أداء مؤسسات الدولة. 

واعتبرت هيئة رئاسة البرلمان أن مكافحة الفساد مهمة أصيلة تقع في صميم مسؤوليات كل مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها مجلس النواب، محذّرة من مغبة تجاهل هذه المهمة الوطنية أو تسييسها، أو التعامل معها بانتقائية. 

وقدمت الهيئة شكرها العميق لجهاز الرقابة والمحاسبة وفروعه على تعاونهم المثمر، كما ثمّنت مواقف الجهات الرسمية والشعبية التي أبدت تضامنها مع المجلس، ورفضت ما تعرضت له لجانه الرقابية في حضرموت، منوهة بالدور المشرف للأقلام الحرة التي عبرت عن رفضها للمساس بالسلطة التشريعية. 

وفي ختام الاجتماع، كلّف المجلس لجانه الرقابية بإعداد تقارير شاملة تستند إلى الوثائق والمعلومات التي حصلت عليها من مختلف الجهات، بما يكفل فضح الممارسات الفاسدة، ووضع حد لسوء استخدام السلطة ونهب المال العام. 

وجدّدت هيئة رئاسة البرلمان التزامها بمواصلة العمل على تمكين المجلس من الانعقاد الدائم في العاصمة المؤقتة عدن، بما يمكّنه من أداء دوره التشريعي والرقابي في ظروف بالغة الصعوبة، مؤكدة أن المعركة ضد الفساد باتت مسؤولية وطنية شاملة لا تقبل التأجيل.

سلطان البركاني

مجلس النواب اليمني

البرلماني اليمن

اللجنة البرلمانية الرقابية