عن الدروز والاستنجاد بإسرائيل

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 59 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
عن الدروز والاستنجاد بإسرائيل

يصعب تبرير استنجاد قسم من دروز سوريا يمثلهم الشيخ حكمت الهجري، بإسرائيل، لكن من الواضح أن هذه الخطوة لم تأتِ من فراغ بل يبدو أنها كانت مسبوقة بعرض قديم كان مطروحا على الطاولة وأشبه ما يكون بضوء أخضر إسرائيلي متاح للاستخدام عند الحاجة الدرزية القصوى، والخلاف الجوهري من شقين: الأول حول أخلاقية الحاجة لاستخدام هذا العرض الخبيث والثاني حول من له الحق في تحديد ان الوقت مناسب وملزم لاستخدام هذه الورقة، ومن خلال جاهزية إسرائيل للتدخل وسرعتها واضح أن خدمات تل أبيب كانت تحت الطلب وجاهزة وفق خطة معدة سلفا بالفعل، وكانت فقط تنتظر فرصة سانحة للتدخل في ظل الوضع الهش الذي تعيشه سوريا.

والأهم من ذلك أن حكمت الهجري لم يتصرف كما قد يتصور البعض، من منطلق هوى شخصي، بل انطلاقاً من دوافع عميقة لا تخصه وحده، فمن موقعه ومكانته، ربما شعر بأن واجبه يملي عليه اتخاذ أي إجراء يراه ضرورياً لدرء خطر الإبادة الذي كان يحدق بالطائفة أو رأى أنه على وشك أن يحدث وأن المسألة مسألة وقت وحشد واستعدادات ونفير تتلاقى أطرافه، وإن لم يكن بيد الدولة سيكون على يد العشائر.

ولو أن حشد العشائر الذي شهدنا تفاعلاته إعلاميا كان قد حدث في الماضي، قبل عصر الإعلام الحديث والتصوير والهواتف الجوالة المتصلة بالإنترنت والبث المباشر، لكانت أعداد الضحايا من الدروز قد بلغت الآلاف دون ان يدري أحد، ولربما أُبيدت قرى بأكملها خصوصا أن المبررات كانت لتصبح جاهزة، والصدور الموتورة كانت ستجد في الفتاوى والثارات الطازجة وقوداً لها، ناهيك عن رغبة أي سلطة ناشئة في جعل الحلقة الأضعف عبرة لمن يجرؤ على تحديها، ولم يكن يهم دمشق إن كان الدروز أو غيرهم العبرة المرشحة لضرب مثال على قدرة السلطة الجديدة على إثبات حضورها وبسط نفوذها وإسكات من يتطاولون عليها ويحاولون فرض شروط أو وضع مطالب غير مرحب بها.

المتفرجون من بعيد ونحن منهم لا نقبل (عاطفيا) بأي حال تبرير الاستعانة بإسرائيل، أو حتى الصمت تجاه تدخلها المباشر، لكننا نعلم أن التدخل الإسرائيلي المدعوم سياسياً من أمريكا، هو ما ألجم التحرك الحكومي ثم العشائري ضد الدروز. ومن الضروري إذا شئنا فهم مختلف الأطراف أن نحلل الأحداث كمراقبين محايدين من دون تعاطف أو خلفيات ثقافية وعقائدية ومن دون انحياز إلا للطرف الأضعف الذي كان معرضاً بالفعل لخطر المحو، بالنظر إلى حجم التحشيد العقائدي والعشائري والمذهبي الذي كان في قمة ذروته لولا الكارت الأحمر الذي رفعه الأمريكان في اللحظة الأخيرة.

العقيدة الدرزية وهذا تخمين قابل للدحض معروفة بمرونتها وإعلائها من شأن العقل، وتضمر في جوهرها بحكم التاريخ والظروف خوفاً وجودياً عميقاً من الفناء بفعل تكالب الخصوم. هذا الخوف قد يدفع أهلها أحياناً إلى التخلي عن العقلانية الصرفة لصالح “غريزة البقاء”، فيبحثون عن أي مصدر للحماية حتى لو كان ذلك على مبدأ “عليّ وعلى أعدائي”. ولعل لديهم آلياتهم الداخلية لترميم الذات لاحقاً، وتبرير ما قد يبدو خطأً جسيماً ارتكب لتجنب ما قد يكون أفظع.

الاستعانة بالخصوم ليست سابقة في تاريخ مكونات المنطقة فهل ننسى كيف استعان ملك اليمن المخلوع محمد البدر، بشتى الحلفاء لمحاولة وأد الجمهورية الوليدة واستعادة عرشه؟ لقد قاتل في صفوف ملك اليمن المخلوع مقاتلون مرتزقة سمعت أن بينهم يهود، وكان على رأس المرتزقة الأوروبيين المرتزق الشهير بوب دينار  الذي استأجرته المخابرات البريطانية في حرب اليمن عام 1964 لدعم الملكية ضد الجمهوريين وإيذاء مصر وجيشها الذي هب لمساندة الثورة.

يعيش الدروز حالة من القلق الوجودي وهذا معروف وشائع رغم عروبتهم الأصيلة لكن عقيدتهم محاصرة بخطابات التكفير والنبذ. لهذا السبب يتطلعون إلى فكرة الدولة الجامعة التي تحمي جميع مكوناتها ليستظلوا بظلها ويأمنوا على أنفسهم تحت رايتها، فأين هي هذه الدولة التي لا تتحول فيها الأغلبية إلى قوة غاشمة تفترس الأقلية وتصنع المبررات لاستهداف المختلف تحت ستار الشرعية أو مكافحة الخيانة.

وهنا يطرح السؤال لماذا تُحاسَب طائفة بأكملها على قرار يتخذه فرد أو زعيم؟ ما ذنب الشيوخ والنساء والأطفال؟ في الواقع تكمن المشكلة أيضاً في أن القوى المدنية الدرزية تشكو من أن السلطة الجديدة في دمشق منذ سقوط نظام الأسد تتجاهلهم وتتعامل حصراً مع المرجعيات الروحية، مما أدى إلى تهميش الصوت المدني في المجتمع الدرزي.

من المؤكد أن إسرائيل لا تقدم حماية مجانية لأحد، بل تحمي مصالحها أولاً وأخيراً فلديها في جيشها آلاف الجنود الدروز وكان لا بد لها من أن تبادر، أو على الأقل تتظاهر بالاهتمام بحماية دروز سوريا، حفاظاً على صورتها وولاءات الداخل، لكن هذه الفرصة الثمينة التي وجدتها إسرائيل لتستغلها كانت من صناعة دمشق التي وفرت الغطاء لإسرائيل باستغلال ملف الأقليات للتوغل في الشأن السوري وإقلاق أمن سوريا ومحاولة تفتيت البلد وإغراقه في فوضى الحروب الأهلية.

في المحصلة من أتاح لإسرائيل هذا التوغل ليس حكمت الهجري الذي كان قراره مجرد رد فعل، لأن الفعل الأصلي والعامل كان من بطولة السلطة الجديدة وتحركها بجنود غير مدربين على التعامل مع الناس كمواطنين بمعزل عن معتقداتهم التي لا تمس من مواطنتهم.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل: نجل الرئيس علي عبدالله صالح يفاجئ الجميع ويكشف مكان مقتل والده وكيف؟ ليس في منزله بصنعاء

المشهد اليمني | 936 قراءة 

هذا مايحدث الآن بشأن مقتل الرئيس صالح

كريتر سكاي | 638 قراءة 

حارس علي عبدالله صالح يفجر مفاجأة عن فرصة كانت سانحة للقضاء على الحوثيين ولماذا رفضها الزعيم؟

المشهد اليمني | 636 قراءة 

السعودية تفاجئ العليمي بهذا القرار (مفاجأة)

اليوم السابع اليمني | 500 قراءة 

إنهيار عملة الحوثيين في صنعاء بين أيدي المواطنين.. والافلاس يقرع ابواب شركات الصرافة

نافذة اليمن | 443 قراءة 

قرار جديد من الزُبيدي قد يغيّر وضع رواتب الموظفين خلال أسابيع!

جنوب العرب | 356 قراءة 

الكشف عن حقيقة صدور قرارات عسكرية الليلة

كريتر سكاي | 352 قراءة 

اليمنيون يشتعلون تفاعلاً بعد كشف مدين علي عبدالله صالح أسرار معركة والده الأخيرة في صنعاء

نافذة اليمن | 305 قراءة 

اتهامات مباشره بالاختلاس لمدير شركه مصافي عدن

صوت العاصمة | 288 قراءة 

كيف وأين قُتل علي عبدالله صالح؟ نجل صالح يكشف عن اللحظة الأخيرة في حياة والده وينفي مقتله داخل منزله وسط صنعاء

مأرب برس | 265 قراءة