من مؤسسة يُفترض بها أن تكون حامية للاقتصاد الوطني وحاضنة للمنتجين ورواد الأعمال، تحوّلت غرفة تجارة وصناعة صنعاء إلى مظلة لمصالح المهربين والموردين غير الملتزمين، في موقف فاضح مناهض لمشروع التوطين وحماية الإنتاج المحلي.
فمنذ إعلانها الحرب على القرار المشترك لوزارتي الاقتصاد والمالية، كشفت الغرفة عن انحدار أخلاقي ومهني مريع، يعكس ارتهانها لمصالح ضيقة تتعارض مع أبسط مقومات التنمية، وتتناقض مع تطلعات آلاف المنتجين والصناعيين والصيادين وأصحاب المشاريع الصغيرة الذين يُفترض أن تمثلهم.
بدلا من أن تكون حاضنة لأصوات المصنعين والمنتجين والرياديين، اختارت الغرفة الاصطفاف مع فئة محدودة من المهربين وتجار الشنطة، الباحثين عن الربح السهل، لتتحول إلى أداة للابتزاز والتضليل، مستخدمة احتجاجات صورية وأدوات إعلامية رخيصة لا تعبّر عن رأي الأغلبية الساحقة من أعضائها.
بيانها الرافض للقرار وتهديدها بالتصعيد، وما تبعه من تجميد مؤقت للمشروع، مثّل صفعة مؤلمة لكل من يؤمن بإمكانية نهوض اقتصادي حقيقي. وما زاد الطين بلة، هو استغلال الغرفة لفترة التجميد لتبديل خطابها والتظاهر بتبنّي مشروع التوطين، دون تقديم أي رؤية أو مقترحات جادة، في محاولة مكشوفة لكسب الوقت وخداع الوزارة والمجتمع.
وبعد انقضاء المهلة، وعودة القرار إلى مساره، لم تجد الغرفة سوى إنتاج مشهد احتجاجي تلفزيوني مفتعل، اقتصر على لقطات مصورة لمجموعة صغيرة من الأفراد وهم يرفعون لافتات ويرددون شعارات مناهضة للقرار، بهدف تضليل الرأي العام والإيحاء بوجود رفض واسع، في تحد سافر لمصالح آلاف المنتجين الذين يُفترض بها تمثيلهم.
السؤال الذي يفرض نفسه: كيف لغرفة تمثل قطاعات واسعة من الاقتصاد الوطني أن تتحول إلى لسان حال قلة متنفذة، تضرب بمصالح الأغلبية عرض الحائط، وتناهض مشروعا وطنيا يفتح أبواب الإنتاج والعمل لملايين اليمنيين؟
الخلاصة: لقد أثبتت غرفة تجارة صنعاء، للأسف، أنها أصبحت أسيرة لمصالح شلة متغولة، تشكل عائقا حقيقيا أمام أي إصلاح اقتصادي أو توجه تنموي جاد. والسؤال الأهم اليوم: أين بقية أعضاء الغرفة؟ وأين أصواتهم في وجه هذا الانحراف؟
أليس من واجبهم تصحيح المسار واستعادة دور الغرفة كجهة تمثل التاجر المنتج لا التاجر الطفيلي؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news