دقّت وكالة الأنباء الفرنسية (AFP) ناقوس الخطر في بيانٍ مَوجع، نَشَرَته اليوم، حَذَّرت فيه من احتمال فقدان مراسليها في قطاع غزة تحت وطأة الجوع والظروف “غير الإنسانية”، في سابقةٍ هي الأولى من نوعها منذ تأسيس الوكالة قبل 80 عاماً.
بدون تدخل فوري.. سيموتون
بحسب البيان، تعتمد الوكالة حالياً على كاتب نصوص مستقل، وثلاثة مصورين، وستة مصوري فيديو داخل غزة، بعد مغادرة صحفييها الدائمين مطلع 2024.
وأكدت أن هؤلاء المراسلين “أصبحوا الأخيرين الذين يوثقون الأحداث في القطاع”، مشيرةً إلى أنهم يواجهون خطر الموت بسبب المجاعة المتفشية، بينما تُمنع وسائل الإعلام الدولية من الدخول منذ عامين.
وأضافت الوكالة بلهجةٍ يائسة: “نرفض أن نشاهدهم يموتون.. نداءاتهم للمساعدة أصبحت يومية”.
لم تعد لدي القوة.. جسدي نحيف
كشف البيان عن حالة أحد المراسلين، بشار (30 عاماً)، الذي يعمل مع الوكالة منذ 2010، ونشر على فيسبوك قبل يومٍ من البيان: “لم أعد قادراً على العمل.. جسدي نحيف”.
ووفقاً لـAFP، يعيش بشار في فقرٍ مدقع، متنقلاً بين المخيمات هرباً من القصف، ويعاني من إسهالٍ مزمن، بينما يقيم في أنقاض منزله المدمر مع عائلته دون كهرباء أو ماء منذ فبراير.
وفي رسالةٍ مؤثرة نقلها البيان، كتب بشار يوم الأحد: “شقيقي الأكبر سقط بسبب الجوع.. أشعر أنني مهزوم أكثر من ثلاث سنوات من الجحيم”.
رواتب لا تكفي.. وعمولة 40%
على الرغم من استمرار دفع الرواتب، أوضحت الوكالة أن الأموال “لا تكفي لمواجهة الأسعار الخيالية”، خاصةً بعد تعطل النظام المصرفي وفرض وسطاء عمولات تصل إلى 40%.
كما أعربت عن عجزها عن توفير معدات العمل أو الوقود، لافتةً إلى أن التنقل بالسيارة يجعل الصحفيين هدفاً للطيران الإسرائيلي، مما يضطرهم للسير على الأقدام أو استخدام عربات تجرها الحمير.
لا أعلم إن كنت سأعود حية
من جهتها، قالت المصورة “أحلام”، إحدى المراسلات الميدانيات للوكالة: “في كل مرة أخرج فيها لتغطية حدث، لا أعلم إن كنت سأعود حية.. أكبر مشكلتنا هي الجوع والعطش”. وأضافت في رسالةٍ نقلتها الوكالة: “أواصل عملك لأوثق الحقيقة.. المقاومة ليست خياراً بل ضرورة”.
واختتمت الوكالة بيانها بالإشارة إلى أن هذا الوضع يمثل “سابقةً في تاريخها”، حيث لم تواجه من قبل خطر موت موظفيها جوعاً، حتى في أكثر النزاعات دموية. يأتي ذلك فيما تتواصل حملات الغضب على المنصات الرقمية ضد السياسات الإسرائيلية الممنهجة، التي حوّلت غزة إلى “مقبرة جماعية” بدمارها ومجاعاتها، وسط صمتٍ دولي مطبق.
ومع استمرار تعطيل أي حلولٍ دولية، يبدو أن نداءات مراسلي غزة تتحول إلى صرخات أخيرة في ظلام المجاعة، بينما تتراجع قدراتهم على نقل الكارثة ذاتها، مما يطرح سؤالاً مرعباً: من سيروي القصة إذا اختفى كل من يرويها؟
بيان الوكالة
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news