وسط تسارع التغيرات المناخية وتفاقم الظواهر الجوية المتطرفة، تحولت العواصف الرملية والترابية إلى خطر داهم يهدد الزراعة والأمن الغذائي في اليمن وعدة دول حول العالم، وفق تقرير حديث صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من 330 مليون إنسان في 150 دولة يتعرضون سنويًا لتأثيرات هذه العواصف، التي تتسبب في وفيات مبكرة، وتآكل الأراضي الزراعية، وتراجع إنتاج المحاصيل، مما يُنذر بأزمة غذائية عالمية تتسارع وتيرتها.
عقد أممي لمكافحة الظاهرة
وبإدراك متأخر لحجم التهديد، أعلنت الأمم المتحدة تخصيص عقد كامل (2025–2034) لمواجهة هذه الظاهرة، باعتبارها واحدة من أخطر تداعيات تغير المناخ وسوء استخدام الموارد الطبيعية، داعية إلى تحرك عالمي عاجل للحد من آثارها.
اليمن في قلب العاصفة
في اليمن، يبدو أن الكلفة أصبحت أكثر فداحة، خاصة في المناطق الساحلية والصحراوية مثل الحديدة وأبين وتعز ومأرب.
وتشير التقارير إلى أن أكثر من 800 بئر زراعي دفنتها الرمال في مناطق مثل المخا وموزع والزهاري، ما عمّق أزمة المياه وضاعف معاناة المزارعين الذين باتوا يواجهون أزمة بقاء حقيقية.
خسائر اقتصادية ضخمة للمنطقة
وكشفت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، رولا دشتي، أن العواصف الرملية تُكلّف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 150 مليار دولار سنويًا، أي ما يعادل 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وهي أرقام تؤكد أن الخسائر لم تعد مقتصرة على القطاع الزراعي، بل تمتد إلى الاقتصاد الوطني والموارد الطبيعية.
وفي الولايات المتحدة، قفزت كلفة الأضرار الناتجة عن الغبار والتعرية إلى 154 مليار دولار عام 2017، وهو ما يزيد أربعة أضعاف عن عام 1995، ما يعكس تصاعد الظاهرة على المستوى العالمي.
خطر صحي يفتك بالملايين
من الناحية الصحية، أكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيليمون يانغ، أن الجسيمات الدقيقة المحمولة في الهواء تتسبب بوفاة قرابة 7 ملايين شخص سنويًا، نتيجة أمراض مزمنة في الجهازين التنفسي والقلب. كما تسهم في تقليص إنتاجية المحاصيل بنسبة تصل إلى 25%، ما يزيد الضغوط على سلاسل الإمداد الغذائي.
“ليست مجرد غبار”… تحذير أممي
ووصفت الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، سيليست ساولو، العواصف الرملية بأنها “ليست مجرد غبار على النوافذ، بل خطر وجودي يُهدد الحياة، ويُربك قطاعات حيوية مثل الزراعة والنقل والطاقة”.
تأثير مباشر على حياة اليمنيين
وفي نشرتها الصادرة هذا الشهر، حذّرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) من نشاط مرتفع للعواصف الرملية في اليمن، خصوصًا على الساحل الغربي ومناطق البحر العربي، بتراكيز قد تصل إلى 500 ميكروغرام/متر مكعب، وهو ما يشكّل تهديدًا مباشرًا للمحاصيل والمراعي والثروة الحيوانية.
وتسبب هذه العواصف في تآكل التربة وفقدان مغذياتها، وتلف المعدات الزراعية، وانتشار أمراض نباتية وحيوانية تزيد من هشاشة النظام الغذائي، ما يُنذر بموجات جديدة من الجوع والفقر في بلد يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
نقطة تحول.. هل يتدارك اليمن الكارثة؟
مع ارتفاع نسبة التصحر في اليمن من 8.8% عام 2015 إلى 17.5% عام 2023، يبدو أن البلاد تقف على أعتاب كارثة بيئية واقتصادية متكاملة، تتطلب استجابة وطنية شاملة واستراتيجيات طويلة الأمد للحد من آثار هذه الظاهرة المتفاقمة، التي لم تعد مجرد تحذيرات علمية بل واقعًا يفرض نفسه على الأرض ويهدد سبل العيش لملايين اليمنيين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news