في خطوة وصفها خبراء اقتصاد بالمتأخرة والمرتبكة، أصدر محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد المعبقي، الأحد، قراراً يقضي بنقل المركز الرئيس لمؤسسة ضمان الودائع من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، إلى العاصمة المؤقتة عدن (جنوبي اليمن).
ونص القرار، الذي نشره البنك المركزي في موقعه الرسمي، على نقل المركز الرئيس لمؤسسة ضمان الودائع المصرفية من صنعاء إلى عدن، ويعمل به من تاريخ صدوره، وعلى الجهات المختصة العمل بموجبه.
ويأتي القرار، ضمن إجراءات البنك المركزي اليمني الساعية إلى تحقيق استقرار في القطاع المصرفي وضمان اشتراك البنوك في تحمل تكاليف الأزمة الاقتصادية.
ومؤسسة ضمان الودائع المصرفية، هي جمعية حكومية أنشئت في العام 2008، بقرار جمهوري، على أن تتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، ولها القيام بجميع التصرفات القانونية بما في ذلك إبرام العقود والاقتراض وتملك الأموال المنقولة وغير المنقولة اللازمة لتحقيق غايتها.
وتعد مؤسسة ضمان الودائع كمؤسسة مستقلة يرأسها محافظ البنك المركزي اليمني، ويتكون رأس مالها من مساهمات سنوية للحكومة والبنك المركزي، ورسوم تدفعها كافة البنوك والمصارف التجارية والإسلامية..
ومن مهام المؤسسة حماية صغار المودعين في البنوك عن طريق تأمين قدر معين من الودائع وتوفير آلية لضمان تعويض المودع عن ودائعه دون إبطاء في حالة إخفاق البنك لأي سبب كان وتقرر تصفيته، إضافة إلى تشجيع المواطنين اليمنيين للتعامل مع الجهاز المصرفي، الأمر الذي يوفر قدراً أكبر من الموارد المالية التي تستخدم في دفع عجلة النمو الاقتصادي.
توقيت القرار
ويأتي القرار تزامنا مع انهيار وتدهور العملة الوطنية في المناطق المحررة إلى أدنى مستوى قياسي لها على الإطلاق حيث تجاوز الدولار الواحد أكثر من 2900 ريال يمني، في ظل تردي وإنهيار الخدمات العامة في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات.
كما يأتي القرار بعد أيام من إعلان جماعة الحوثي سك عملة معدنية جديدة من فئة 50 ريالًا، بالإضافة إلى إصدار عملات ورقية جديدة فئة 200 ريال وطرحها للتداول، الأمر الذي قوبل برفض قاطع من البنك المركزي في عدن، الذي أصدر بيانًا رسميًا وصف فيه هذه الإصدارات بأنها "عملات مزوّرة وفعل عبثي"، معتبرًا أنها تندرج ضمن ما وصفها بـ"حرب اقتصادية ممنهجة ضد اليمنيين".
وتعود جذور الأزمة النقدية والانقسام وفق تقارير اقتصادية في اليمن إلى عام 2014، عقب سيطرت جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، مما دفع الحكومة المعترف بها دوليًا إلى نقل مقر البنك المركزي إلى مدينة عدن عام 2016. كما عمل الحوثيون على تعميق الانقسام المصرفي في عام 2020 عندما منعوا تداول الأوراق النقدية المطبوعة بعد عام 2016 في مناطقهم، مما أدى إلى انقسام رسمي في العملة.
اقرأ أيضا:
سك الحوثيين عملة نقدية جديدة.. بين الأبعاد السياسية والاقتصادية وتداعيات ذلك (تقرير)
واعتبر سفراء الاتحاد الأوروبي، لدى اليمن سك جماعة الحوثي عملة معدنية جديدة في اليمن تزوير غير قانوني، مؤكدين أن البنك المركزي اليمني في عدن هو المؤسسة الوحيدة التي تستطيع إصدار العملة القانونية في اليمن.
قرار متأخر وإسقاط واجب
وفي السياق اعتبر الصحفي المختص بالشأن الاقتصادي، ماجد الداعري، قرار نقل مؤسسة ضمان الودائع المصرفية إلى عدن متأخر ومرتبك.
وقال الداعري "مؤسسة ضمان الودائع المصرفية، هي آخر ما تبقى من مؤسسات القطاع المصرفي اليمني في مناطق الحوثيين؛ بعد نقل البنك المركزي اليمني وجمعية البنوك ومراكز البنوك الرئيسية إلى عدن، جاء اليوم القرار المتأخر لإسقاط الواجب المتمثل في نقل جمعية تتمثل مهمتها في ضمان ودائع الجمهور والمؤسسات كشركة تأمين على الودائع، مقابل رسوم تدفعها البنوك.
ارتباك وفشل
الخبير والباحث الاقتصادي، رشيد الحداد، وصف قرار نقل مؤسسة ضمان الودائع المصرفية من قبل مركزي عدن بالمرتبك.
وقال الحداد إن "استهداف مؤسسة ضمان الودائع المصرفية من قبل بنك عدن بعد عشر سنوات يعكس مدى ارتباكه الكبير، وفشله في وقف انهيار سعر صرف العملة التي تتجه نحو سقف 3000 ريال للدولار الواحد".
وأضاف "قيمة ودائع الناس في بنوك صنعاء بسعر صرف العملة المتداولة في صنعاء تساوي أكثر من 3 مليار دولار، ويريد بنك عدن نقل المؤسسة، إلى عدن لكي يقضي على حقوق المودعين خلصة"، مشيرا إلى أن 1.7 تريليون ريال تمثل إجمالي الايداعات في البنوك بسعر صرف عدن تساوي أقل خمس مرات من قيمتها في صنعاء.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news