العربي نيوز:
تواجه حكومة سالم بن بريك مأزقا كبيرا، مع بدء الحديث علنيا عن اقالتها بالكامل، في ظل احجام التحالف عن دعمها واستمرار تدهور الاوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية للمواطنين، وتصاعد السخط الشعبي على نحو يتجاوز التظاهرات والوقفات الاحتجاجية الى مظاهر غضب تنذر بخروج الامر عن السيطرة.
أطلقت دعوات اقالة الحكومة بالكامل، هتافات وبيانات الاحتجاجات الغاضبة التي تصاعدت خلال الساعات الماضية في تعز والضالع وحضرموت وغيرها من المحافظات المحررة، وشهدت قطع الشوارع واحراق الاطارات التالفة، وغيرها من مظاهر الغضب الشعبي، على تفاقم ضنك العيش جراء غلاء اسعار السلع والخدمات.
وبدأت مكونات سياسية ومدنية وقبلية، تبني المطالبة بإقالة الحكومة بالكامل، وأخرها "ملتقى أبين الجامع"، دعا رئيسه أحمد علي القفيش، السبت (19 يوليو) إلى "إقالة حكومة سالم بن بريك، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية، لوقف تدهور خدمات المياه والكهرباء وانهيار قيمة العملة الوطنية وغلاء المعيشة الى مستويات لا تحتمل".
مؤكدا أن "الحكومة الشرعية أصبحت عاجزة والفساد ينخرها في كل مفاصلها، خصوصاً ومعظم الوزراء مضى عليهم أكثر من ثمان سنوات، لم يحققوا خلالها أي إنجاز، غير الفساد والثروات الشخصية التي جمعوها على حساب الوطن والمواطن". ومحذرا من "تبعات الوضع القائم خلال الأيام القادمة إذا لم يحدث تغيير شامل".
وقال القفيش: إن "الوضع المتدهور حاليا، يحتاج إلى حكومة يمنية تحمل مشروع وطني يمني، تمثل كل أبناء اليمن، وتنخرط فيها كل المليشيات دون أن تفرض أجندتها عليها". وأردف: "المرحلة تتطلب رجال دولة، يحملون غصون الزيتون في يد، إن أراد الحوثي سلاماً، وفي اليد الأخرى يحملون المدفع لإستعادة الدولة وبسط نفوذها".
يأتي هذا مع تصاعد السخط الشعبي في المحافظات المحررة خلال الايام الماضية، على نحو يتجاوز التظاهرات والوقفات الاحتجاجية الى مظاهر غضب تنذر بخروج الامر عن السيطرة، بعد تسجيل سعر الريال اليمني أدنى مستوى قياسي له على الإطلاق، تجاوز 2900 ريال يمني للدولار و750 ريال يمني مقابل الريال السعودي.
تطالب احتجاجات المواطنين المتصاعدة في عدن المحافظات المحررة، السلطات "القيام بواجباتها وتنفيذ حلول سريعة ونهائية لأزمة الكهرباء، وتحسين الخدمات العامة الاساسية، ووضع حل لتأخر صرف الرواتب وارتفاع اسعار السلع وغلاء المعيشة جراء انهيار قيمة الريال وتجاوزه 2700 ريالا مقابل الدولار و700 ريال مقابل الريال السعودي".
كما تطالب هتافات ولافتات وبيانات وقفات ومسيرات الاحتجاجات بـ "تقديم الفاسدين لمحاكمات علنية". وتشدد على ان تدهور الاوضاع ناتج عن "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمة التحالف بقيادة السعودية والامارات ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي بأنهم "شركاء في تدهور الاوضاع والخدمات".
يترافق هذا مع تصاعد ساعات انقطاعات الكهرباء إلى 20 ساعة بالعاصمة المؤقتة عدن ومحافظة لحج، مع بدء دخول الصيف اللاهب، واستمرار انهيار قيمة الريال اليمني وتجاوزه سقف 2700 ريالا مقابل الدولار، واستمرار ارتفاع اسعار السلع والخدمات والوقود، وتوقف التعليم لاضراب المعلمين، وتفاقم تدهور الاوضاع المعيشية للمواطنين.
ويتزامن التدهور المتصاعد للأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، مع بوادر أزمة عجز الحكومة الشرعية عن دفع رواتب موظفي الدولة في عدن والمحافظات المحررة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين والحوافز والعلاوات، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.
من جانبهم، يشير سياسيون واقتصاديون إلى أن تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية سابق لتوقف تصدير النفط، ويرجعونه الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد". حسب تعبيرهم.
ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع الى الامارات، وسياسييوه، الحكومة بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني، ونهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة، وتعطيل مصافي عدن وغيرها من المنشآت الايرادية". حد زعمه.
في المقابل، يتهم مسؤولون في الحكومة اليمنية الشرعية "الانتقالي الجنوبي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي في اغسطس 2019م.
مؤكدين أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي الجنوبي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من الايرادات العامة للدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة المحلية وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية".
ومولت الامارات علنا، منذ بدء مشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية، وعبر قيادة قواتها المشاركة في "التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن"؛ انشاء تشكيلات عسكرية محلية وتسليحها، بينها نحو 15 لواء باسم "العمالقة الجنوبية" نكاية بألوية "العمالقة" التي حسمت حرب صيف 1994م ضد انفصال جنوب اليمن.
عقب انتهاء معركة تحرير عدن في مايو 2015م، من قوات جماعة الحوثي والرئيس الاسبق علي عفاش؛ نقلت الامارات الوية "العمالقة الجنوبية" إلى الساحل الغربي لليمن، لمواجهة الحوثيين والسيطرة على الساحل، ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة، عبر الاستحواذ على الموانئ وفرض نفوذها على الملاحة البحرية.
بالتوازي، مولت الامارات في 2017، القيادي السابق في وزارة الداخلية، عيدروس الزُبيدي لانشاء ما سمته "المجلس الانتقالي الجنوبي" ونحو 50 لواء مسلحا بمسميات "الاحزمة الامنية" و"الدعم والاسناد" و"النُخب"، ضمن مسعاها الى فرض انفصال جنوب اليمن بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن والمنطقة.
ودعمت الامارات بطيرانها الحربي، تنفيذ مليشيات "المجلس الانتقالي" انقلابا عسكريا على الشرعية اليمنية، بدءا من منتصف مايو 2019، مرورا بإسقاط العاصمة المؤقتة عدن (اغسطس 2019)، ثم محافظة سقطرى (يونيو 2020م)، ووصولا إلى السيطرة على محافظتي ابين ولحج ثم محافظة شبوة نهاية العام 2021م.
تسبب الانقلاب الاماراتي بواسطة ذراعها "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، في سيطرة الاخيرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها، ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها في عدن، وتبعا انهيار الاوضاع المعيشية والادارية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن ومدن جنوب اليمن، واستمرار انهيار قيمة العملة الوطنية..
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news