ضحايا ألغام الحوثي - كاريكاتير
السابق
التالى
أطفال اليمن.. ضحايا دائمون في حقول الموت الحوثية
السياسية
-
منذ 13 دقيقة
مشاركة
عدن، نيوزيمن، خاص:
تتزايد يوماً بعد يوم معاناة أطفال اليمن في ظل واقع إنساني مأساوي فرضته الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها ميليشيا الحوثي الانقلابية بشكل عشوائي في المناطق السكنية، ما جعل اليمن تتصدر قوائم الدول الأكثر تضرراً من مخلفات الحرب، وسط تصاعد في أعداد الضحايا، خصوصاً من الأطفال.
فبينما يفترض أن تكون البيوت والمزارع ومحيط المدارس والطرقات أماكن آمنة للطفولة، تحولت بفعل زرع الحوثيين آلاف الألغام إلى حقول موت مفتوحة، يواجه فيها الأطفال المصير القاتل دون ذنب، سوى أنهم يحاولون ممارسة حياتهم في مناطق ملوثة بالمتفجرات.
وباتت الحوادث المرتبطة بالألغام تسجل بشكل شبه يومي، في مشاهد مأساوية تكشف حجم الإجرام الحوثي بحق المدنيين، وخصوصاً الأطفال الذين غالباً ما تنتهي بهم تلك الانفجارات إلى الموت أو بتر الأطراف أو إعاقات مستديمة وتشوهات جسدية ونفسية ترافقهم مدى الحياة.
مصادر ميدانية وحقوقية وثقت خلال الأشهر الماضية عشرات الحوادث التي استهدفت أطفالاً في محافظات الحديدة وتعز ومأرب والجوف والبيضاء، وأكدت أن الألغام الحوثية لا تزال تنتشر قرب منازل المواطنين، وعلى جنبات الطرقات الرئيسية والفرعية، وفي المزارع والمناطق الرعوية وحتى قرب المرافق الخدمية مثل المدارس والمراكز الصحية، ما يؤكد أن هدف الميليشيا هو الانتقام من السكان المحليين وترك مناطقهم غير صالحة للحياة.
الضحايا أعلى بكثير
ويشير نشاط ومختصون في التعامل مع الألغام باليمن إلى أن العدد الحقيقي للضحايا قد يكون أعلى بكثير مما يتم الإعلان عنه، في ظل غياب تغطية إعلامية في كثير من المناطق الريفية، وافتقار الجهات الصحية والإغاثية إلى الإمكانيات اللازمة لمتابعة كل الحالات. كما أن كثيراً من العائلات تتكتم على إصابات أطفالها أو لا تملك وسيلة للوصول إلى مراكز العلاج المتخصصة.
وتسلط الحوادث المتكررة الضوء على الخطر الإنساني الداهم الذي تمثّله مخلفات الحرب المزروعة في مناطق النزاع داخل اليمن، والتي لا تزال تحصد أرواح الأبرياء، وفي مقدمتهم الأطفال. ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" في مارس/آذار 2024، فقد تجاوز عدد الضحايا من الأطفال 11,500 طفل بين قتيل وجريح منذ بدء الصراع، ما يعكس حجم الكارثة المستمرة.
وتُقدّر التقارير الأممية أن ثمانية أطفال يُقتلون أو يُصابون يومياً في مشاهد مأساوية متكررة، تطال جيلاً كاملاً لم يرتكب أي ذنب سوى أنه وُلد في زمن الحرب والنزوح والموت، ضمن واقع قاسٍ ينبئ بمستقبل غامض ومجهول يتهدد ملايين الأطفال في اليمن، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً على المستويين الإنساني والدولي لحمايتهم.
وفي بيان حديث صادر عن منظمة "أنقذوا الأطفال" (Save The Children) قبل أيام، كشف أن الألغام الأرضية ومخلفات الحرب أوقعت أكثر من 100 قتيل وجريح خلال النصف الأول من العام الجاري، ثلثهم من الأطفال، مما يسلّط الضوء على حجم الخطر الذي يهدد الطفولة اليمنية.
وقالت المنظمة، إن 107 مدنيين سقطوا بين قتيل وجريح جراء الألغام والذخائر غير المنفجرة، وإن 40 طفلاً على الأقل لقوا حتفهم أو أصيبوا بإعاقات، وهو ما يمثل نحو 37% من إجمالي الضحايا. وأشار البيان إلى حادثة مأساوية وقعت مؤخراً في محافظة تعز، حين قضى خمسة أطفال أثناء لعبهم كرة القدم نتيجة انفجار قذيفة غير منفجرة، مؤكداً أن هذه الحوادث دليل على أن "لا مكان آمن حقاً لأطفال اليمن".
إرث قاتل
وقال مدير منظمة "إنقاذ الطفولة" في اليمن، محمد مناع: "إن هذه الحادثة المأساوية هي تذكير بأن لا مكان آمن حقًا لأطفال اليمن بينما تظل هذه البقايا القاتلة من الحرب متناثرة في أحيائهم، وفي طريقهم إلى المدرسة، وحتى في الأماكن التي يلعبون فيها".
وأضاف: "ليس هذا هو الوقت المناسب لتجاهل هذه القضية الملحة والواقعية.. من مسؤوليتنا ضمان عدم معاناة المزيد من الأطفال". وحثّت منظمة "إنقاذ الطفولة" الجهات المانحة على إعادة تمويل برامج مكافحة الألغام ومبادرات التوعية بمخاطرها وزيادة تمويلها بشكل عاجل.
وأوضح مناع أن هذا الإرث القاتل من الصراعات المسلحة المتكررة لا يزال يهدد حياة الأطفال، ويؤدي إلى تدمير مستقبلهم، مشيراً إلى أن تخفيضات التمويل الدولي أدت إلى توقف برامج التوعية وإزالة الألغام، في وقت يتزايد فيه التهديد الذي تشكله هذه الذخائر على المجتمعات.
واعتبرت المنظمة الدولية هذه الجهود المنقذة للحياة بالغة الأهمية لحماية المجتمعات الضعيفة، وخاصةً الأطفال، من الآثار المميتة للألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة. داعيًة المجتمع الدولي إلى تعزيز التمويل العاجل لبرامج مكافحة الألغام وتوسيع أنشطة التوعية والمساعدة للضحايا، إلى جانب مطالبتها كل أطراف النزاع في اليمن بالتوقف الفوري عن استخدام الألغام والالتزام بالقانون الدولي الإنساني.
الحديدة منكوبة
وتُعد محافظة الحديدة واحدة من أكثر المحافظات اليمنية تلوثاً بالألغام الأرضية والعبوات الناسفة التي زرعتها ميليشيا الحوثي، حتى باتت توصف بـ"المحافظة المنكوبة" بهذا النوع من السلاح المحرَّم دولياً. وعلى الرغم من توقيع اتفاق ستوكهولم في أواخر عام 2018، المعروف بـ"اتفاق الحديدة"، ووجود بعثة الأمم المتحدة لدعم الاتفاق (أونمها) منذ نحو 7 سنوات، فإن المحافظة لا تزال تسجل تصاعداً مخيفاً في أعداد الضحايا المدنيين، خصوصاً في المناطق المحررة، وسط رفض الميليشيات تسليم خرائط حقول الألغام التي زرعتها بكثافة في القرى والمزارع والطرقات.
وخلال النصف الأول من العام الجاري 2025، سجلت محافظة الحديدة 22 ضحية مدنية بين قتيل وجريح بسبب الألغام ومخلفات الحرب، بحسب بيانات بعثة "أونمها". وشملت هذه الحوادث سبع مديريات، أبرزها حيس، وبيت الفقيه، والتحيتا، والدريهمي، حيث قُتل 15 مدنياً وأصيب 7 آخرون بجروح متفاوتة. اللافت أن نحو 41% من الضحايا كانوا من الأطفال والنساء، بينهم 5 أطفال قُتلوا و3 آخرين أُصيبوا إلى جانب امرأة.
ورغم انخفاض عدد الضحايا مقارنة بالأعوام الماضية، فإن الأرقام لا تزال صادمة، حيث تُظهر الإحصائيات أن محافظة الحديدة شهدت خلال الثلاثة الأعوام الماضية فقط سقوط 542 ضحية مدنية بسبب الألغام ومخلفات الحرب، بينهم 204 قتلى و338 جريحاً، كان 40% منهم أطفال ونساء، ما يبرز حجم الكارثة الإنسانية التي تتفاقم بصمت في ظل غياب حلول جذرية وتعنت الميليشيات في معالجة هذا الملف الإنساني الحساس.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news