سلّطت التطورات الأخيرة في سوريا الضوء على الطائفة الدرزية، في أعقاب اتفاق أدى إلى انسحاب قوات الجيش والأمن من مدينة السويداء جنوب البلاد، وسط تصاعد الغارات الإسرائيلية التي تبررها تل أبيب بـ"حماية الدروز" في الجنوب السوري.
ويأتي هذا في سياق بالغ التعقيد، حيث يحتل الدروز موقعًا حساسًا في الخارطة الديمغرافية والسياسية للمنطقة، نظرًا لانتشارهم عبر الحدود بين سوريا ولبنان والأردن وإسرائيل، لا سيما في السويداء وجرمانا بدمشق والجولان المحتل.
ينتمي الدروز إلى طائفة دينية عربية ذات طابع باطني ظهرت في القرن الحادي عشر، وتتميز بتماسكها الاجتماعي والسرية في ممارساتها الدينية.
ويُقدَّر عددهم في سوريا بنحو مليون نسمة، يتركزون بشكل أساسي في محافظة السويداء، فيما يُعد وجودهم في الجولان والضاحية الشمالية لإسرائيل عاملاً حساسًا في التوازنات السياسية الإقليمية.
في إسرائيل، يعيش نحو 150 ألف درزي، ويخدم عدد كبير منهم في الجيش والشرطة، وقد تبوأ بعضهم مناصب عسكرية وأمنية رفيعة. بينما يحتفظ أكثر من 20 ألف درزي في الجولان المحتل بهويتهم السورية، ويرفضون حمل الجنسية الإسرائيلية.
وشهدت مناطق الدروز في سوريا احتجاجات ضد نظام بشار الأسد عقب عام 2011، دون أن تنخرط بشكل واسع في الصراع المسلح، إلا أن التوتر تصاعد مجددًا منذ الإطاحة بالأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث اندلعت اشتباكات بين فصائل درزية والقوات الحكومية الجديدة.
وبرزت شخصيات درزية، مثل الشيخ حكمت الهجري، بمواقف مناوئة للسلطة، وصلت إلى حد المطالبة بـ"حماية دولية"، والتلويح برسائل موجهة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. غير أن هذه الدعوات قوبلت برفض من زعامات درزية بارزة، من بينها وليد جنبلاط، الذي حذر من الوقوع في فخ الفتنة ودعا إلى التمسك بالوحدة الوطنية السورية.
في المقابل، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على الأراضي السورية، مشيرة إلى أنها تستهدف "تهديدات إيرانية" وقوى حليفة لطهران، بينما سخّرت الخطاب الإعلامي حول حماية الدروز لتبرير بعض هذه العمليات، خاصة مع تصاعد التوتر على حدود الجولان.
وتحدثت تل أبيب عن ضرورة بقاء المناطق الواقعة بين الجولان وجبل الدروز منزوعة السلاح، مع تأكيدها على عدم السماح بوجود أي تشكيلات عسكرية تابعة للحكومة الجديدة قرب حدودها.
في أول تعليق رسمي، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع، في كلمة متلفزة، أن الدروز جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني، متعهدًا بحماية حقوقهم، ومتهمًا إسرائيل بالسعي إلى زرع الفوضى والانقسام في الجنوب السوري.
وقال الشرع إن "الكيان الإسرائيلي دأب على استهداف استقرار سوريا، ويسعى اليوم إلى تحويل الجنوب إلى ساحة فوضى، عبر استغلال الأقليات واستثمار الانقسامات الداخلية".
وتعكس هذه التطورات حساسية موقع الطائفة الدرزية في المشهد السوري، إذ تُستخدم كأداة في صراعات إقليمية أكبر، وسط صراع محموم على النفوذ يمتد من طهران إلى تل أبيب، ومن السويداء إلى الجولان.
المصدر: الجزيرة نت
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news