خطاب اللحظة السياسية والوطنية الفارقة
قبل 14 دقيقة
الـ17 من يوليو ليس يوماً عادياً في الذاكرة الوطنية، بل نقطة تحوّل مفصلية دشّنت مرحلة جديدة في تاريخ اليمن، قادها الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح بشجاعة من قلب العاصفة، في ظل ظروف داخلية وخارجية بالغة التعقيد، ليصنع من ذلك التاريخ قصة كفاح استثنائية، أخرجت اليمن من أتون الصراعات والانقسامات إلى أفق الدولة والاستقرار.
واستحضار هذا التاريخ في هذه اللحظة بالذات، يحمل دلالات وطنية مهمة، ويعكس إحساساً عالياً بالمسؤولية تجاه استمرارية المشروع الوطني الذي تعرّض لهزات عنيفة منذ استشهاد الزعيم في ديسمبر 2017، وما تلا ذلك من فراغ سياسي وتشظٍّ اجتماعي وأمني.
ومن هنا جاءت كلمة السفير أحمد علي عبدالله صالح في ذكرى الـ17 من يوليو، وفي لحظة سياسية ووطنية فارقة، لتشكل موقفاً وطنياً ناضجاً، ومرافعة سياسية وفكرية غنية بالمضامين، أعادت التذكير بالمسار الوطني الذي قاده الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، واستحضرت تاريخاً من الكفاح والتضحيات التي وضعت اللبنات الأولى للجمهورية اليمنية الحديثة.
كلمة السفير أحمد علي عبدالله صالح لم تكن مجرد استذكارٍ شخصي لوالده الرئيس الشهيد، بل جاءت بمضمون سياسي عميق يتجاوز البعد العاطفي، لتؤكد على التزامه بنهج الزعيم الشهيد، واستمراره في حمل راية المشروع الوطني الجامع الذي تبناه الرئيس صالح طوال فترة حكمه، وكرّسه كخارطة طريق للنهوض والبناء وتحقيق تطلعات اليمنيين.
إنها ليست مجرد بيان او كلمة، بل وثيقة سياسية وفكرية تؤكد أن المشروع الوطني الذي أسسه الزعيم الشهيد لا يزال حياً في قلوب الملايين، وأن قيادته - وإن غابت جسداً - لا تزال ماثلة بمبادئها ورجالها.
كما أنها لم تكن خطاباً إنشائياً ولا دعوة إلى استعادة الماضي، بل جاءت لتجدد التزامه بالثوابت الوطنية: الجمهورية، الوحدة، السيادة، والديمقراطية، وتذكّر اليمنيين بالمكتسبات الوطنية التي تحققت في عهد الزعيم صالح، وعلى رأسها إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، وتثبيت معادلة الأمن والاستقرار، وبناء المؤسسات، وتكريس النهج الديمقراطي من خلال صناديق الاقتراع.
وفي إشارة ذكية، ركز الخطاب على أن الزعيم الشهيد لم يكن مجرد حاكم عابر، بل كان رجل دولة من الطراز الأول، بنى الدولة بسواعد اليمنيين، ومدّ جسور التفاهم مع الخارج دون التفريط بالسيادة أو الانجرار خلف الأجندات الإقليمية والدولية، وهو ما بدا بوضوح في حديثه عن ملفات الحدود التي تم حلها بالحوار والتحكيم، ورفضه الدائم للتدخل الخارجي.
اللافت في كلمة السفير أحمد علي عبدالله صالح أنها لم تتوقف عند حدود الماضي، بل أعادت التأكيد على الحاجة إلى مشروع وطني جامع يعيد اللحمة لليمنيين، وينبذ الفوضى والتشرذم والطائفية.
إنها رسالة للداخل والخارج معاً بأن اليمن لا يمكن أن يُبنى بمشاريع صغيرة أو سلالية، بل من خلال العودة إلى الثوابت والمبادئ التي جمعت اليمنيين تحت سقف واحد.
وقد تجلّى البعد الفكري للكلمة في تأكيدها على أن بناء الدولة يبدأ ببناء الإنسان، وهو ما أكده الزعيم الشهيد طوال فترة حكمه، حيث أولى التعليم، والصحة، والبنية التحتية، والتنمية الاقتصادية، أهمية قصوى، باعتبارها الأساس لأي نهضة حقيقية.
ربما كانت أكثر العبارات وقعاً في النفوس، هي تأكيد السفير أحمد علي عبدالله صالح أن "سنظل على درب الزعيم سائرين"، وهي عبارة تختصر موقفاً سياسياً راسخاً، وتجدد العهد بالاستمرار في الدفاع عن مشروع الدولة، واستعادة الجمهورية، والانتصار للكرامة الوطنية، ولحلم اليمنيين في وطن مزدهر، آمن، موحد، وديمقراطي.
لقد قدم السفير أحمد علي عبدالله صالح، من خلال هذه الكلمة، رؤية واثقة، هادئة، متماسكة، تنبذ الثأر وتستحضر البناء، وتحث على استعادة الدولة اليمنية من ركام الحرب والفوضى، على قاعدة الوحدة، والمواطنة، والشراكة الوطنية.
إنها دعوة للالتحام، لا للانقسام، للسلام لا للحرب، للوطن لا للمصالح الضيقة، وهي بهذا تستحق أن تُقرأ بتمعن، لا كخطابٍ عابر، بل كموقفٍ مؤسس لما يمكن أن يكون عليه مستقبل اليمن إذا ما اختار أبناؤه طريق الحكمة والمشروع الوطني الجامع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news