في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل على الساحة الإيرانية خلال السنوات الأخيرة، تصدّرت الباحثة السياسية البريطانية-الفرنسية من أصول يهودية، كاثرين بيريز شيكدم، عناوين الأخبار مجددًا بعد تصريحات نارية أطلقها النائب الإيراني السابق مصطفى كواكبيان، اتهمها فيها بـ"إقامة علاقات جنسية مع 120 مسؤولًا إيرانيًا"، في ما اعتبره "اختراقًا استخباراتيًا إسرائيليًا غير مسبوق" داخل دوائر السلطة في طهران.
لكن ما حقيقة هذه الاتهامات؟ ومن هي هذه المرأة التي هزّت أركان النظام الإيراني، ثم انقلبت عليه؟
▪ من كاتبة في موقع المرشد إلى عدوة الثورة
ظهرت شيكدم في الإعلام الإيراني مطلع العقد الماضي، وأصبحت خلال فترة قصيرة كاتبة في موقع المرشد الإيراني علي خامنئي، كما أجرت مقابلات مع كبار المسؤولين، بينهم الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي عام 2017. كانت ترتدي الحجاب وتقدّم نفسها كمسلمة شيعية، بل شاركت في مسيرات عاشوراء وأنتجت مقالات تمجّد "ولاية الفقيه".
لكن في 2021، نشرت مدونة على "تايمز أوف إسرائيل" كشفت فيها وجهًا مختلفًا، واتهمت النظام الإيراني بـ"استغلالها لأغراض دعائية"، ووصفت قادة إيران بـ"أعداء اليهود" وليس فقط إسرائيل.
▪ اتهامات جنسية واختراق أمني
في فبراير 2022، نشر حساب مقرب من الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد وثائق زعم أنها تكشف دور شيكدم كعميلة إسرائيلية اخترقت قلب النظام من خلال علاقات جنسية مع مسؤولين رفيعي المستوى.
أعاد النائب كواكبيان هذه القصة إلى السطح في يوليو 2025، متهمًا شيكدم بـ"استدراج 120 مسؤولًا إيرانيًا" خلال زياراتها المتكررة للبلاد، الأمر الذي دفع السلطة القضائية لفتح تحقيق ضد النائب نفسه بتهمة نشر أخبار غير موثقة.
شيكدم، من جانبها، نفت بشدة تلك المزاعم، وقالت إنها "لم تمارس الجنس مع أي مسؤول، ولم تكن أبدًا جاسوسة"، مؤكدة أن المسؤولين الإيرانيين هم من سعوا إلى مقابلتها واستغلالها.
▪ من الحجاب إلى النقد العلني
شيكدم بررت ارتداءها الحجاب سابقًا بأنه كان من أجل زوجها المسلم اليمني، ثم تخلّت عنه بعد الطلاق. وبعد خروجها من إيران، تحولت إلى ناقدة شرسة للنظام، ونشرت مقالات في مؤسسات بحثية إسرائيلية، مطالبة بتصنيف الحرس الثوري كـ"منظمة إرهابية"، كما اعتبرت أن النظام الإيراني مستعد لتدمير بلاده في سبيل "ضربة انتقامية".
▪ هل كانت أداة دعائية أم جاسوسة ذكية؟
ما بين تلميحات الجهات الإيرانية بعلاقات "مريبة"، ونفي شيكدم المتواصل، تظل القصة مفتوحة على احتمالات متعددة:
هل كانت أداة ذكية لمخابرات معادية؟
أم مُستَغلّة دعائيًا من قبل النظام ثم تخلّى عنها؟
أم مجرد محللة سياسية طموحة استغلت اللحظة للعبور إلى العالمية؟
في بلد كإيران، حيث الشكوك الأمنية والهواجس الاستخباراتية تطغى على كل شيء، قصة كاثرين شيكدم لا تبدو مجرد حادثة عابرة، بل مرآة لعمق الانقسامات والارتباك داخل النظام نفسه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news