أعد التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” إسحاق الحميري:
مؤخرا كشفت معلومات أمنية عن تورط جماعة الحوثي المصنفة إرهابية في استغلال جهود إنسانية هدفت إلى فتح طريق عقبة ثرة الرابط بين محافظتي البيضاء وأبين، في عمليات تجنيد ممنهجة استهدفت عشرات الشبان، لصالح الجماعة وتنظيم القاعدة.
ووفقًا للمعلومات التي حصل عليها “يمن ديلي نيوز”، ثبت تورط لجنة شعبية تشكلت في محافظة أبين، الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها، قبل نحو عام بهدف فتح طريق عقبة ثرة، في تجنيد 200 شاب من مديريتي لودر والوضيع.
هذا الاستغلال للجهود الإنسانية لفتح الطرقات في تجنيد أبناء المحافظات لصالح التنظيمات المصنفة إرهابية بنظر سياسيين وحقوقيين سينعكس سلباً على الوضع الإنساني في اليمن والذي كان قد بدأ من خلال الاستجابة بفتح عدد من الطرقات في محافظات تعز والضالع ومأرب.
الجماعات المسلحة
يقول الباحث في مركز الشرق الأوسط للأبحاث بجامعة كولومبيا، الدكتور عادل دشيلة، إن “الجماعات المسلحة تستغل الوضع الإنساني بكل تأكيد، لجذب أكبر عدد من أبناء القبائل والطبقة المسحوقة للانضمام إليها وتنفيذ عمليات عسكرية تخدم أجنداتها سواء كانت سياسية أو عسكرية”.
وعن تأثير هذا الاستغلال على الطرق التي تم افتتاحها، أوضح دشيلة في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز”، أن هذا الاستغلال لن يؤثر سلبًا على الطرق إذا وُجدت مراقبة أمنية من قبل الأجهزة الأمنية في المناطق التابعة للحكومة الشرعية.
وأضاف أن وجود رؤية حكومية واضحة لكيفية معالجة الملفات الإنسانية والوضع الاقتصادي في المناطق المحررة، بما يحقق نوعًا من الاستقرار الاقتصادي والإنساني، سيحول دون تحول هذه المناطق إلى بيئة خصبة للجماعات الخارجة عن الدولة.
وتابع دشيلة: “المشكلة ليست في فتح الطرقات بحد ذاتها، بل في غياب المعالجات الاقتصادية والاجتماعية، ما يجعل المناطق المحررة عرضة لاختراق الجماعات المسلحة، سواء الحوثيين أو غيرهم، وإحكام القبضة الأمنية هو الحل، دون التأثير على حركة الناس والسلع”.
وشدد على أن “افتتاح الطرق عامل مهم للتبادل التجاري وتنقل السكان، لكن يجب أن تكون هناك رقابة شديدة وصارمة لضمان عدم وقوع اختلالات أمنية أو تنفيذ عمليات إرهابية”.
ولفت إلى أن “إحكام قبضة أمنية قوية على هذه المناطق دون التأثير على حركة الناس والسلع هو الحل الأنسب، أما إغلاق المنافذ فلا أعتقد أنه سيكون طريقة ناجحة لحل الإشكال من جذوره”.
خطاب العداء لأمريكا
من جانبه، قال الصحفي والمحلل السياسي عبد الواسع الفاتكي إن فتح طريق ثرة بين البيضاء وأبين تم الترويج له كخطوة إنسانية لتخفيف معاناة السكان، لكنه عمليًا كشف عن أجندات خفية ومتعددة الأبعاد.
وقال: جماعة الحوثي تعمل على توظيف فتح الطرقات لأغراض عسكرية واختراقات أمنية في مناطق الشرعية، وتحريك عناصر استخباراتية وخلايا نائمة، إضافة إلى تسهيل التعاون والتنظيم المزدوج بينها وبين القاعدة، ما يؤكد تشابك المصالح بين الطرفين.
وتابع في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز”: جماعة الحوثي تسعى من خلال التظاهر بالمرونة والانفتاح في ملف الطرقات والجانب الإنساني إلى تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي وطمس جرائمها، كما تستخدم فتح الطرق كورقة علاقات عامة لمحو آثار الحصار الذي تفرضه على عدة مدن.
وأضاف أن ما تم كشفه مؤخرًا من تعاون وتنسيق بين الحوثيين والقاعدة ليس جديدًا، لكنه تصاعد في الآونة الأخيرة، حيث أظهرت المعلومات أن الحوثيين جندوا نحو 200 شاب من مديريتي لودر والوضيع في محافظة أبين، في سياق استثمارهم لخطاب العداء لأمريكا وإسرائيل.
وأشار إلى أنه، وبعد التضييق البحري من قبل الأجهزة الأمنية على الحوثيين، اتجهت الجماعة نحو تأمين طرق جديدة للإمداد، فلجأت إلى فتح بعض الطرق لتهريب السلع والأسلحة والمخدرات، في ظل تورطها المعروف في تجارة المخدرات.
واعتبر الفاتكي أن ما ورد في التسريبات بشأن تجنيد الحوثيين لشباب مرتبطين بالقاعدة في لودر والوضيع، قد يشكل بداية لمرحلة جديدة من تنشيط القاعدة عبر دعم مباشر من الحوثيين، لاستخدامها كأداة لتصفية الحسابات في مناطق الحكومة الشرعية وزعزعة الاستقرار.
وأضاف: جماعة الحوثي والقاعدة يعملان بتنسيق لخلق ارتباك أمني وخلط الأوراق، ما يمنح الحوثيين ذريعة للهجوم بحجة مكافحة الإرهاب، ويضعف من سيطرة الحكومة على مناطقها، ويفتح الباب أمام انتقادات محلية ودولية.
وختم الفاتكي حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” بالقول: “إن فتح طريق أبين ـ البيضاء وما نجم عنه من تعاون بين الحوثيين والقاعدة، يكشف عن درجة عالية من الخداع والتكتيك الحوثي، ويؤكد أن أي تحرك إنساني من قِبل الجماعة يجب أن يُدرس بعمق، ولا يُؤخذ بحسن نية”.
تجنيد ممنهج عبر “لجنة شعبية”
وبالتزامن مع إعلان جماعة الحوثي فتح طريق عقبة ثرة الأحد 6 يوليو/تموز الجاري، كشفت معلومات أمنية حصل عليها “يمن ديلي نيوز” عن تورط لجنة شعبية تشكلت في محافظة أبين قبل نحو عام بهدف فتح الطريق، في تجنيد عشرات الشبان لصالح جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة، المصنّفين كجماعات إرهابية.
ووفق المعلومات، فإن عمليات التجنيد جرت خلال الأشهر الماضية، وتم تهريب المجندين تدريجيًا عبر اللجنة الشعبية إلى مناطق سيطرة الحوثيين، تحت غطاء “جهود إنسانية” تهدف إلى فتح الطريق وتخفيف المعاناة الإنسانية.
وبحسب التحقيقات التي أجرتها السلطات الأمنية مع مَن تم القبض عليهم، فقد تبيّن أن تلك الزيارات كانت في حقيقتها مدخلًا للتنسيق مع الحوثيين وتهريب عشرات المجندين للعمل مع تنظيم القاعدة ولصالح جماعة الحوثي.
وأوضحت المصادر أن من أبرز أعضاء اللجنة، مهدي حسين الشنيني، الذي لعب دورًا محوريًا في التنسيق مع الحوثيين قبل أن يفر لاحقًا إلى محافظة البيضاء بعد كشف دوره.
كما ضُبط حسين صالح علي معجم قبل شهرين من قِبل قوات “درع الوطن” أثناء محاولته تهريب أسلحة لصالح الحوثيين.
وكشفت التحقيقات الأولية مع “معجم”، وفقًا للمصادر، عن شبكة تجنيد واسعة استهدفت شبابًا من مديريتي لودر والوضيع، واستقطبت شخصيات محلية مؤثرة لتسهيل عمليات الدعم اللوجستي.
ووفق اعترافات “معجم”، جند الحوثيون أكثر من 200 شاب، تم نقلهم أولًا إلى البيضاء، ومن ثم إلى معسكرات تدريب مغلقة في محافظة ذمار.
وتشير المصادر إلى أن الهدف من هذا التجنيد هو استخدامهم لاحقًا في تنفيذ مهام لصالح تنظيم القاعدة داخل محافظة أبين، ضمن استراتيجية مزدوجة للحوثيين تقوم على الاختراق الأمني وزعزعة الاستقرار المحلي، وهي من أكثر الجبهات حساسية حتى الآن.
مرتبط
الوسوم
محافظة أبين
استغلال فتح الطرقات
تجنيد شباب لصالح الحوثيين والقاعدة
طريق البيضاء ـ أبين
عقبة ثرة
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news