اخبار وتقارير
نص إحاطة المبعوث الأممي الخاص هانس غروندبرغ إلى مجلس الأمن
الأربعاء - 09 يوليو 2025 - 07:19 م بتوقيت عدن
-
نيويورك، نافذة اليمن:
السيد الرئيس، لقد مرّت المنطقة بفترة مضطربة وغير مستقرة، طغت عليها تحوّلات متسارعة وآمال ضعيفة بخفض التصعيد. لقد رحّبنا جميعاً بوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، على أمل أن يوفر المساحة اللازمة لاستعادة زخم الدبلوماسية، بما في ذلك في اليمن. ولكن، وفي خضم مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، شهدنا خلال الفترة المشمولة بالتقرير هجمات صاروخية متعددة شنّتها أنصار الله على إسرائيل. كما ونشهد الآن وبقلق بالغ، تصعيداً في البحر الأحمر بعد تعرّض سفينتين تجاريتين لهجمات من قبل أنصار الله في وقت سابق من هذا الأسبوع، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين، إلى جانب مخاوف من مخاطر بيئية محتملة. وتُعدّ هذه أولى الهجمات التي تستهدف سفناً تجارية منذ أكثر من سبعة أشهر. وفي ردٍّ على ذلك، نفّذت إسرائيل غارات جوية على صنعاء في وقت سابق من فترة التقرير، بالإضافة إلى استهداف موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف، ومحطة توليد كهرباء يوم الأحد.
يجب حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر، ويجب ألا تصبح البنية التحتية المدنية هدفاً للصراع. وقبل كل شيء، لا بد من تجنيب اليمن مزيداً من التورط في أزمات إقليمية تهدد بتقويض الوضع الهش للغاية في البلاد بالأساس. فالمخاطر التي يواجهها اليمن كبيرة للغاية، ومستقبل اليمن يعتمد على عزمنا الجماعي لحمايته من المزيد من المعاناة ومنح شعبه ما يستحقه من أمل وكرامة.
السيد الرئيس، بينما لا تزال الجبهات الأمامية في اليمن صامدة بوجه عام، إلا أن الوضع يبقى هشاً ويصعب التنبؤ به. فلا تزال الأنشطة العسكرية مستمرة في عدد من المحافظات بما في ذلك الضالع، الجوف، مأرب، تعز وصعدة. كما يقلقني شأن تحركات القوات نحو الضالع، مأرب وتعز. أُدرك أن هناك رغبة لاتزال قائمة لدى بعض، من كلا طرفي النزاع، في المضي نحو تصعيد عسكري. إلا أن التعويل على الحل العسكري يبقى وهماً خطيراً يُنذر بتعميق معاناة اليمن. ورغم أن طريق التفاوض قد لا يكون سهلاً، إلا أنه يظل الخيار الأفضل لمعالجة تعقيدات النزاع بشكل مستدام وطويل الأمد. ومع ذلك، فإن المضي قدماً بات أمراً مُلحاً، إذ إن الوقت لا يعمل لصالحنا، وكلما طال أمد النزاع، ازداد تعقيده. هناك خطر من تفاقم الانقسامات، ولذلك من المهم لكلا الطرفين عدم الانخراط في أي نشاط أحادي الجانب قد يُلحق الضرر بجميع اليمنيين. ويتوجب على الجانبين إبداء استعداد حقيقي لاستكشاف السبل السلمية وتهيئة الظروف اللازمة لاستقرار دائم.
ومن المؤشرات المهمة في هذا الصدد إطلاق سراح جميع المعتقلين المتبقين على خلفية النزاع - وهي عملية راكدة منذ أكثر من عام. فلا مبرر من إطالة معاناة العائلات التي انتظرت طويلاً عودة أحبائها. لقد اتفق الطرفان على إطلاق سراح الجميع مقابل الجميع، وحان الوقت الآن للوفاء بهذا الالتزام.
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي، فإن ما تبقّى من أموال في حوزة اليمنيين إمّا يفقد قيمته، أو يتآكل فعلياً. ويتصاعد القلق بين المواطنين والقطاع الخاص إزاء التدهور الحاد في الاقتصاد على مستوى البلاد. وفي الوقت نفسه، يزداد انعدام الأمن الغذائي وتتفاقم تهديدات المجاعة بشكل مأساوي.
لقد بات الاقتصاد، في واقع الأمر، جبهة النزاع الأكثر نشاطاً. ومع ذلك، وكما أشرت سابقاً، يظل المجال الاقتصادي من المساحات القليلة التي يمكن أن يُفضي فيها التعاون العملي بين الأطراف إلى تغييرات ملموسة في حياة اليمنيين. في الأسابيع الأخيرة، رحّبنا بفتح طريق الضالع، وهي خطوة أسهمت في تعزيز حرية التنقل وتوسيع مجالات النشاط الاقتصادي. وهذا يُظهر ما هو ممكن تحقيقه على أرض الواقع. أناشد الأطراف بالانخراط في اتخاذ تدابير عملية وملموسة من شأنها تسهيل صرف الرواتب بشكل كامل وبدون تأخير، وتعزيز القدرات الشرائية للمواطنين، وتحسين الخدمات، وتحفيز الاقتصاد. وقد شكّل هذا محور نقاشي مع رئيس الوزراء المُكلَّف حديثاً، سالم بن بريك، خلال زيارتي إلى عدن الأسبوع الماضي، بما في ذلك مناقشة تمكين الحكومة اليمنية من استئناف إنتاج وتصدير النفط والغاز.
السيد الرئيس، في الأشهر المقبلة، سيكون التحول الإيجابي نحو استقرار أكبر في المنطقة موضع ترحيب بالتأكيد، وقد يُسهم في تهيئة بيئة مواتية تمكّن اليمن من المضي قدماً. ولكن لا يمكن أن يُشكّل ذلك شرطاً مسبقاً للتغيير. ينبغي لليمن أن يواصل التقدّم، بغضّ النظر عن ذلك، وهذا من خلال الانتقال من مجرّد إدارة الصدمات والتقلبات إلى تبنّي خطوات عملية تمهّد الطريق لحلول دائمة. ولتحقيق ذلك، لا بد من إعطاء الأولوية لثلاثة مجالات أساسية:
أولاً، دعم جهود التهدئة على خطوط الأمامية، والعمل مع الأطراف على تحديد معايير وقف إطلاق نار شامل على مستوى البلاد. سيواصل مكتبي انخراطه النشط من خلال لجنة التنسيق العسكري ومع كبار المُمثلين العسكريين والأمنيين، لتعزيز حوار أمني شامل يساهم في بناء الثقة بين الأطراف على المستويين الوطني والمحلي.
ثانياً، تمهيد الطريق للمحادثات بين الأطراف. إن عناصر خارطة الطريق معروفة لديكم: إلى جانب وقف إطلاق النار، هناك تدابير اقتصادية وإنسانية، وعملية سياسية. سيواصل مكتبي العمل مع الأطراف، على جميع المستويات، لاستكشاف الخيارات الكفيلة بدفع عجلة التقدّم في هذه القضايا. سنواصل أيضاً توسيع نطاق انخراطنا لضمان أن تُؤخذ تطلعات ومخاوف الشعب اليمني بعين الاعتبار وأن تنعكس على نحو فعلي.
ثالثاً، سأواصل العمل مع دول المنطقة والمجتمع الدولي بشأن الضمانات الأمنية الأوسع، لا سيّما تلك المرتبطة بحرية الملاحة في البحر الأحمر. وقبل كل شيء، يحتاج اليمنيون إلى الشعور بالثقة في أي اتفاق يتم التوصل إليه. كما ينبغي أن تكون دول المنطقة والمجتمع الدولي مطمئنة إلى أن شواغلها قد تم أخذها بعين الاعتبار، فبهذه الطريقة يمكننا بناء هيكل دعم مستدام لتسوية تفاوضية.
السيد الرئيس، يشكّل المجتمع المدني داخل اليمن وقدرته على إحداث التغيير جزءاً مهماً من هذا الهيكل الداعم. وخلال زيارتي إلى عدن، التقيت بمجموعة متنوعة من ممثلات عن مكونات سياسية، وقيادات من المجتمع المدني، ونشطاء ميدانيين. إن أصواتهم الجريئة والشجاعة – إلى جانب العديد من الأصوات من مختلف أنحاء اليمن– هي ما تدفعني اليوم إلى إعادة التأكيد على الدعوة الملحّة للحفاظ على الفضاء المدني وتوسيعه. فهذا أمر بالغ الأهمية لمستقبل اليمن.
أختتم بتجديد دعوتي للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين تعسفياً من قبل أنصار الله، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة، والعاملون في المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، ومنظمات المجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية. إن عدد الحالات التي تتطلّب رعاية طبية عاجلة في تزايد مستمر. هؤلاء الأشخاص يحتاجون إلى الحصول على العلاج، وهم بحاجة إلى العودة إلى ديارهم ليكونوا مع عائلاتهم. هذه القضية لن تُسقط من حساباتنا. زملاؤنا المحتجزون لم يُنسَوا – لا من قبلي، ولا من قبل فريقي، ولا من قبل أيٍّ منّا في الأمم المتحدة، حيث نواصل العمل بلا كلل من أجل الشعب اليمني.
السيد الرئيس، أود أن أعرب عن خالص امتناني لأعضاء هذا المجلس على دعمكم المستمر لليمن ولجهودي في الوساطة. إن الرسائل الموحدة والمنسقة الصادرة عن هذا المجلس تعزّز عزم المجتمع الدولي على الدفع نحو تسوية تفاوضية. ويُعد دعمكم المتواصل عنصراً حاسماً في تعزيز أدوات الدبلوماسية وتهيئة بيئة يمكن أن تُرسّخ فيها الحلول الوسطية والحوار، وصولًا إلى سلام دائم.
شكراً جزيلاً لك السيد الرئيس.
الاكثر زيارة
اخبار وتقارير
الزايدي يفجّر الأسئلة الكبرى: من يحكم المهرة.. ومن يحكم اليمن؟.
اخبار وتقارير
أديسون اليمن.. يودّع صنعاء بعد أن أنقذ وجه الوطن باختراعات ضخمة طُمست في زم.
اخبار وتقارير
بئر من السماء.. وظمأٌ من الأرض: تعز تختنق بالعطش وذكريات "عفاش" تفضح إخفاقا.
اخبار وتقارير
سحق العملة.. الريال يسجل أسوأ تراجع تاريخي أمام الدولار والسعودي وسط فشل ال.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news