يمن ديلي نيوز – تعز – عميد المهيوبي:
تمر مدينة تعز اليمنية التي تحتضن أكثر من مليوني نسمة بأكبر أزمة مياه في تاريخها يواجهها سكان المدينة وتفاقم من معاناتهم اليومية، وسط ظروف معيشية صعبة وتدهور البنية التحتية للمياه.
ومع أن أزمة المياه ليست بالجديدة إلا أنها خلال الأيام القليلة الماضية تفاقمت بشكل غير مسبوق وصل معها الحال إلى شحة في مياه الشرب وارتفاع أسعار المياه بنحو 300 في المائة.
وفق نشطاء فإن سعر قنينة مياه الشرب عشرين لتراً وصلت إلى ألف ريال أي مايعادل نصف دولار، في حين ارتفع سعر الوايت الماء 20 وحدة إلى 90 ألف ريال.
ليست وليدة اللحظة
ولمعرفة أسباب هذه الازمه والحلول التي قامت بها السلطة المحلية تحدث نائب مدير مؤسسة المياه بمحافظة تعز المهندس عبده علي في تصريح خاص لـ ”يمن ديلي نيوز“ بأن أزمة المياه التي تشهدها المحافظة ليست وليدة اللحظة، بل تعاني منها تعز منذ عام 2004.
وقال: المؤسسة كانت تضطر لحفر حقل مائي جديد كل ثلاث أو أربع سنوات لتأمين احتياجات المدينة.
وأوضح المهندس عبده أن تعز كانت تنتج قبل اندلاع الحرب ما بين 18 إلى 20 ألف متر مكعب يوميًا، بينما لا يتجاوز الإنتاج اليومي الحالي 3 آلاف متر مكعب فقط. واصفًا الوضع بأنه “يرثى له”، خاصة وأن أكثر من 80% من المدينة محرومة من المياه المنتظمة.
شحة الأمطار
وأشار إلى أن الأزمة الراهنة تفاقمت هذا العام بسبب عوامل خارجة عن إرادة الدولة والمؤسسة، وأبرزها التغيرات المناخية العالمية، حيث أصبحت مناطق اعتادت الأمطار شبه جافة، بينما تتعرض مناطق أخرى لأمطار غير معتادة.
وأوضح أن محافظة تعز، منذ أكثر من ستة أشهر، تنتظر موسم الأمطار، لكن الأمطار لم تهطل رغم دخول الموسم فعليًا، في ظل غزارتها في مناطق محيطة كالتُربة وسامع والمعافر والقبيطة.
سيطرة الحوثيين
ومن الأسباب الكبرى للأزمة – بحسب نائب مدير المؤسسة – أن معظم الحقول المائية التابعة للمؤسسة، والبالغ عددها ستة، تقع اليوم تحت سيطرة مليشيات الحوثي وفي مناطق نزاع مسلح، مما جعل المؤسسة تعتمد فقط على حقل المدينة الذي لا ينتج سوى 3 آلاف متر مكعب يوميًا، مقارنة بـ18 ألف متر مكعب سابقًا.
وفي هذا السياق، أوضح المهندس عبده أن هناك محاولات حثيثة تجري مع الطرف الآخر، وبرعاية من منظمة اليونيسف، للتوصل إلى اتفاق يسمح بضخ المياه من الحوبان إلى المدينة، إلا أن تنفيذ الاتفاق لم يبدأ حتى الآن.
ولفت إلى أن مؤسسة المياه نفسها تعاني داخليًا من صعوبات كبيرة، أبرزها غياب الموازنة التشغيلية وانقطاع رواتب الموظفين، وهو ما انعكس سلبًا على أدائها وفاقم الأزمة في مختلف جوانبها.
وأضاف أن معظم سكان المدينة كانوا يعتمدون على آبار جوفية تابعة لمواطنين تقع في مناطق مثل الضباب والثلاثين والأربعين، وهي آبار كانت تغذي المدينة عبر “الوايتات”. لكن نتيجة لانعدام الأمطار هذا العام، جفّت معظم هذه الآبار، ولم تعد قادرة على تغذية المدينة، وهو ما تسبب في توقف الوايتات الخاصة عن العمل.
عن المستقبل
وحول المشاريع المستقبلية، أكد المهندس عبده أن الحل الاستراتيجي الجذري يتمثل في تحلية مياه البحر، مشيرًا إلى مشروع سابق يسمى “مشروع الملك سلمان” لتحلية المياه من مدينة المخا إلى تعز وإب، كان قد وصل إلى مرحلة التنفيذ قبل أن يتعثر بسبب الحرب. وأوضح أن المؤسسة تعمل حاليًا على تحديث الدراسات الخاصة بالمشروع لإعادة تفعيله.
كما تحدث عن مشروع زايد في منطقة طالوق، الذي بدأ العمل فيه قبل أربع سنوات وما يزال قيد التنفيذ.
وقال إن المشروع يمكن أن يغطي 20 إلى 30% من احتياجات تعز المائية، لكنه يواجه عراقيل مجتمعية من بعض الأهالي الذين يرفضون استكماله بدعوى أن المياه الجوفية تعود ملكيتها لهم، رغم أن المشروع بحسب تعبيره لن يؤثر سلبًا عليهم.
وأشار إلى أنه تم حفر 6 آبار في طالوق، نجح منها أربع آبار بينما فشلت اثنتان، وتخطط المؤسسة لحفر 3 آبار إضافية، لكن العمل متوقف حاليًا بسبب اعتراضات من السكان المحليين.
للمواطنين والحكومة
وجه المهندس عبده علي رسالة إلى المواطنين، مؤكدًا أن الوضع المائي في تعز “صعب للغاية”، وخاصة إذا لم تهطل الأمطار هذا العام. وقال: “نحن نخدم حاليًا 20% فقط من سكان المدينة عبر 29 بئرًا داخل المدينة، وهذا غير كافٍ، وبقية الأحياء تنتظر أيامًا وربما أسابيع لتعود المياه إليها”.
واختتم تصريحه بمناشدة الحكومة والجهات المعنية بسرعة التحرك الجاد لتنفيذ مشروع تحلية مياه البحر كحل جذري، مؤكدًا أن هذه هي الخطوة الوحيدة القادرة على إنقاذ تعز من العطش الدائم.
مرتبط
الوسوم
مؤسسة المياه بمحافظة تعز
أزمة المياه في تعز
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news