أثارت فعالية فكرية عقدتها السفارة اليمنية في القاهرة، الأسبوع الماضي، بمشاركة الداعية الصوفي علي الجفري، جدلاً واسعًا بين أوساط اليمنيين، وسط اتهامات للسفارة بـ"الانحراف عن دورها الوطني" والدخول في شراكات مثيرة للريبة مع جهات ذات خلفية دينية سلالية مثيرة للانقسام، في توقيت بالغ الحساسية.
الفعالية التي أقيمت تحت عنوان "من أرض الحكمة إلى آفاق النهضة"، شهدت توقيع مذكرة تفاهم بين السفارة ومؤسسة طابة التي أسسها الجفري، وهو ما اعتبره عدد من المراقبين اليمنيين محاولة لتكريس خطاب ديني قائم على "التمييز السلالي"، واستخدام لواجهة "القيم الروحية" لتمرير مضامين تمس جوهر الهوية الوطنية الجامعة في اليمن.
وفي منشور مطوّل، حذر الكاتب والباحث اليمني همدان العليي من خطورة الشراكة بين مؤسسة طابة والسفارة، معتبرًا أن المؤسسة –رغم خطابها الأخلاقي– تروّج لرؤية دينية تمنح امتيازًا لـ"السلالة" باعتبارها المرجع الروحي والأخلاقي، وهو ما يتقاطع –بحسب قوله– مع سرديات الجماعة الحوثية التي فجرت حربًا مدمرة في البلاد تحت ذات العنوان.
ودعا العليي السفير اليمني خالد بحاح إلى "مراجعة خياراته"، معتبرًا أن هذه الخطوة تمثل "تطبيعًا ناعمًا مع الفكر السلالي"، وقد تُفهم بأنها انحياز رسمي لفكرة "النقاء العرقي"، ما يعمّق الانقسامات ويعيد إنتاج جذور الأزمة التي يعاني منها اليمن منذ قرون، حسب تعبيره.
إلى السفير خالد بحاح: لا لتهريب العنصرية تحت لافتة "القيم الإنسانية والوطنية"
همدان العليي
قبل قليل.. انتهيت من متابعة ندوة بعنوان "من أرض الحكمة إلى آفاق النهضة"، نفذتها السفارة اليمنية في القاهرة، وتحدث فيها علي الجفري. وقد اختتمت بتوقيع مذكرة تفاهم بين السفارة اليمنية في…
pic.twitter.com/AsKwNwvi3I
July 6, 2025
من جهته، وجّه الكاتب السياسي ياسين التميمي انتقادات لاذعة للجفري، مشيرًا إلى أن الأخير خرج في الفعالية عن طبيعته الوعظية إلى خطاب سياسي حاد، حين وصف ثورات الربيع العربي بـ"الربيع العبري"، واعتبر أن "لا دولة في اليمن" –رغم أن حديثه جاء من داخل مبنى رسمي يمثّل الدولة، وبحضور السفير بحاح نفسه.
ووصف التميمي هذا التناقض بأنه "عبث بمفهوم الدولة وتاريخ التضحيات اليمنية"، متهمًا الجفري بأنه جزء من مشروع سياسي–ديني ترعاه أبوظبي، يستخدم التصوف كغطاء لتصفية ما تبقى من طموحات الشعوب نحو التحرر، مشيرًا إلى أن مؤسسة طابة تعمل ضمن أجندة إقليمية تتقاطع مع اتفاقات التطبيع الإسرائيلي.
كما أشار التميمي إلى أن تمويل مؤسسة طابة يأتي من جهة إقليمية "تنشط في أكثر من بلد لتمرير سياسات تخريبية"، وأن نشاط الجفري –المقرّب من أبوظبي– يتعارض بشكل صريح مع أولويات اليمنيين في بناء دولة عادلة ترفض الامتيازات العرقية والدينية.
يُذكر أن الفعالية أثارت موجة انتقادات على منصات التواصل، حيث عبّر ناشطون ومثقفون عن قلقهم من استخدام السفارات اليمنية كمنصات لترويج الفكر الديني المؤدلج، بدلًا من قيامها بدورها في حماية مصالح المواطنين اليمنيين في الخارج وتعزيز الخطاب الوطني الجامع.
وتُطرح تساؤلات ملحة حول المعايير التي تحكم شراكات البعثات الدبلوماسية، وعمّا إذا كانت هذه التحركات تخضع لرقابة الدولة، أم أنها تُدار بشكل فردي قد يتسبب في شرعنة خطاب التمييز والسلالية بحسن نية، لكنها نتائجها مدمرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news