اختتم المبعوث الأممي الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارته مؤخرا إلى العاصمة المؤقتة عدن، والتي التقى فيها رئيس الوزراء، سالم بن بريك، وأجرى خلالها مناقشاتٍ مع مسؤولين حكوميين وممثلين عن المجتمع المدني.
وقد جاءت هذه الزيارة بعد توقف المواجهات بين إسرائيل وإيران، الأمر الذي استغلته الحكومة الشرعية لفتح ملف تصدير النفط المتوقف منذ أكتوبر/تشرين من عام 2022؛ نتيجة هجمات الحوثيين على الموانئ.
وفي الزيارة أشاد المبعوث الأممي بجهود فتح طريق الضالع، داعيًا إلى المزيد من فتح الطرقات لتسهيل حركة التجارة وتنقل المواطنين، كما دعا إلى تشكيل وفد تفاوضي حكومي مشترك وشامل، والتخلي عما وصفه بـ "عقلية الحرب" والانتقال باليمن إلى تسوية مستدامة.
وجاءت هذه المساعي الدبلوماسية في وقت يشهد فيه الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية تدهورًا متسارعًا، وسط استمرار انخفاض قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية.
وقد كان من ضمن الخيارات المطروحة في النقاشات، ربط تصدير النفط بإعادة تشغيل مطار صنعاء الذي دُمر نتيجة هجمات العدوان الإسرائيلي على الجزء الأكبر من أسطول الخطوط الجوية.
وبحسب ما نشرته صحيفة " العربي الجديد" فإن" غروندبرغ قد يقوم بدور وساطة خلال الفترة القادمة لتقريب وجهات النظر بين الحكومة والحوثيين؛ بحيث يتم الاتفاق على صيغة طارئة لإعادة تصدير النفط من الموانئ الحكومية في حضرموت وشبوة، مقابل إيجاد حل لعودة تشغيل مطار صنعاء".
مراقبون يرون أن هذه التحركات لن تجدي نفعًا، فلن يقبل الحوثيون بتصدير النفط مقابل تشغيل مطار صنعاء، فالحوثيون معتادون على التعامل معهم بسياسة الاسترضاء، وهذا لن يرضيهم، في الوقت الذي تعاني فيه الشرعية من عجز في اتخاذ القرارات الصارمة.
ليس بهذه السهولة
الصحفي المهتم بالشأن الاقتصادي، وفيق صالح، يعلق بقوله" إذا كان سيحدث بالفعل تصدير للنفط، فلن يكون بهذا الشكل على الإطلاق، لن يحدث تصدير النفط في مناطق الحكومة الشرعية بدون أي مقابل يستفيد منه الحوثي بشكل كبير".
ويضيف صالح لـ" المهرية نت" لن تستطيع الحكومة أن تعمل على إعادة تصدير النفط في ظل استمرار سياسة المهادنة واسترضاء الحوثيين؛ فهذه التجارب أثبتت فشلها على مدى الأعوام الماضية، وشهدت الأوضاع العامة مزيدًا من التدهور والتراجع".
وتابع" امتلاك الإرادة الكاملة والتسلح بالشرعية الدولية، وترسيخ السيطرة العسكرية على الأرض، هو ما سيمكن الحكومة الشرعية من إعادة السيطرة على كافة مواردها وإعادة استئناف تصدير النفط الخام أما ما يتناوله الإعلام اليوم فهو أمر غير معقول".
مرهون بموقف حازم
في السياق يرى، المحلل السياسي أحمد هزاع، أن" هناك نوع من التفاؤل في هذا الموضوع، والتفاؤل ليس بحقيقة تصدير النفط، لكن بتحرك الحكومة الشرعية والمجلس الرئاسي وانتهاز الفرص من أجل تحقيق مصالح المواطنين، وهذا أمر جميل قامت به الشرعية يحسب لها".
وبحسب هزاع، فإن " استئناف تصدير النفط سيتحقق على أرض الواقع إذا ما اتخذت الشرعية إجراءات صارمة وتحدثت بلسان القوي القادر على المواجهة، وليس بلسان المسترضي الذي يطلب مد يد العون والمساعدة له ولشعبه".
وأشار هزاع في حديثه لـ" المهرية نت" إلى أن" الشرعية تمتلك الكثير من نقاط القوة، لو استخدمتها بالطريقة الصحيحة لعملت على إعادة تصدير النفط، وأنقذت الريال اليمني من التدهور المتسارع، ولعملت أيضًا على إنقاذ شعبها الذي يعاني اليوم مرارة الأزمات، في ظل انعدام الخدمات الأساسية والغلاء المعيشي المتزايد".
وأردف" من الناحية الأخرى جماعة الحوثي لا يمكن الوثوق بها؛ فهي تنقض المواثيق ولا تلتزم بالعهود، حتى وإن وافقت على تصدير النفط مقابل إعادة تشغيل مطار صنعاء، فمن المتوقع أن تعاود الهجوم على الموانئ بعد تفعليها، ولهذا ينبغي على الحكومة الشرعية أن تتخذ إجراءات تتلافى من خلالها أي تناقض في موقف الحوثيين فيما بعد".
وتابع" إذا عمل المبعوث الأممي على الضغط على الحوثيين بقبول هذا العرض فإنه يتوجب على الشرعية أن تستخدم ورقة ضغط أخرى تكون شرطًا أساسيا لها إذا ما نقضت جماعة الحوثي الاتفاق، فحينها تقوم الحكومة الشرعية باتخاذ إجراءات صارمة توقف الحوثيين عن عبثهم وبالتالي سيتحقق تصدير النفط ويقل عناء المواطنين".
لمصلحة الحوثيين
من جانبه يرى المحلل السياسي، أبو سعد السعيدي أن" زيارة المبعوث الأممي الأخيرة إلى عدن ليست إلا فرقعة إعلامية؛ تهدف إلى ترميم صورة الحوثيين بعدما تهاوت وتشوهت أمام الداخل والخارج، ومن أجل مساندتهم سياسيًا تحت ستار السلام".
وأضاف السعيدي لـ المهرية نت" هذه الزيارة وهذه النقاشات ليست دعوةً لحل أزمة تصدير النفط؛ بل محاولة لإعادة تدوير الإجرام بلبوسٍ أممي، أما تصدير النفط، فإن تم، فلن يكون قرارًا وطنيًا على الإطلاق؛ بل سيكون بموافقة وتوقيت الحوثيين ضمن لعبة الابتزاز السياسي".
ومضى قائلا " حتى وإن تم تصدير النفط فلن يُصدَّر لمصلحة الشعب؛ بل لإطالة عمر سلطة المليشيات، وتثبيتها بدعم غير مباشر من قوى لا يهمها سوى مصالحها".
وتابع" للأسف الشديد، المجلس الرئاسي والشرعية بشكل عام هامشية، صامتة، بلا موقف، تُدار من خلف الستار، خاضعة للابتزاز، وقد تخلّت عن مسؤوليتها أمام الله والشعب والتاريخ".
واختتم بالقول " هذا ليس تشاؤمًا؛ بل قراءة واقعية للحدث وتوقيته وللأسباب المتخذة فيه، والطرق التي سُلكت لأجل تحقيقه، لكنّا على يقين بأن الله لا يُضيع المظلوم، ولا يُخلد ظلم الظالمين".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news