تحقيق صادم.. التربة اليمنية تتحول إلى بؤرة تسمم بفعل المعادن الثقيلة وسط غياب الرقابة وتفشي الفوضى في أسواق المبيدات

     
قشن برس             عدد المشاهدات : 40 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
تحقيق صادم.. التربة اليمنية تتحول إلى بؤرة تسمم بفعل المعادن الثقيلة وسط غياب الرقابة وتفشي الفوضى في أسواق المبيدات

 

كشف تحقيق ميداني موسع بالاعتماد على تحاليل مخبرية وزيارات ميدانية، عن تلوث خطير للتربة الزراعية في اليمن بمواد سامة، تهدد صحة الملايين جراء انتقالها إلى الغذاء.

وأظهرت نتائج التقرير الذي نشره “العربي الجديد”، تركيزات مرتفعة من معادن ثقيلة كالرصاص والزرنيخ، تتجاوز الحدود المسموح بها عالمياً بتسعة أضعاف، في ظل فوضى عارمة تشهدها أسواق المبيدات والأسمدة المحظورة.

 

تلوث يفوق الحدود المسموح بها بتسعة أضعاف

واعتمد التحقيق على عينات تم جمعها من عدة مناطق زراعية، بينها محافظة الضالع جنوبي اليمن. وكشفت نتائج تحليل عينة تربة من مزرعة في منطقة “حجر” في ديسمبر 2024 عن تركيز مرتفع للرصاص بلغ 9.9 ملغم/كغم، أي ما يفوق الحد المسموح به عالمياً بتسعة أضعاف.

وأوضح الدكتور عبد القادر الخراز، أستاذ تقييم الأثر البيئي بجامعة الحديدة، أن التحاليل كشفت أيضاً عن وجود تركيزات عالية من الزرنيخ، مما يشير إلى استخدام مبيدات وأسمدة غير آمنة. وأضاف: “هذه النتائج ليست مفاجئة، بل تؤكد استمرار تدهور التربة اليمنية منذ سنوات بسبب الممارسات الزراعية الخاطئة”.

 

وادي حريب: بؤرة تلوث جديدة تهدد الأمن الغذائي

لا يقتصر التلوث على محافظة الضالع، بل يمتد إلى مناطق زراعية حيوية مثل وادي حريب في محافظة مأرب، والتي تُعد من أهم مصادر الإنتاج الزراعي في اليمن. وكشفت تحاليل أجراها مختبر ALS الماليزي لثلاث عينات من تربة الوادي عن وجود تركيزات صادمة من الرصاص بلغت 120 ملغم/كغم، إضافة إلى معادن أخرى خطيرة مثل الكادميوم والبريليوم والنيكل والزنك، وجميعها تتجاوز الحدود الآمنة.

وتشير دراسة بعنوان “تأثير تلوث صناعة النفط على الصحة وسبل العيش: حالة حريب، محافظة مأرب، اليمن” إلى أن 70% من المساحات المزروعة في ثلاث مناطق رئيسية بالوادي، تشمل “أبو تهيف” و”العقيل” وقرى “العويدان” و”الأشراف”، ملوثة بالمعادن الثقيلة. وهذا الأمر ينذر بكارثة صحية، خاصة أن مأرب تساهم بـ7.6% من إجمالي الإنتاج الزراعي الوطني.

 

إرث سام.. من ثمانينيات القرن الماضي حتى اليوم

يعود جزء من هذه الكارثة إلى إرث قديم من الإهمال، حيث تم دفن ما يقارب 30 طناً من المبيدات السامة في مناطق متفرقة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وفقاً لتقارير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) عام 1999.

وتشير تقديرات حديثة أعدها الدكتور هشام ناجي من جامعة صنعاء في أبريل 2023، إلى وجود 462 طناً من المبيدات المهجورة في أكثر من 40 موقعاً، ما أدى إلى تلويث آلاف الأطنان من التربة.

وحذرت الدكتورة لنا سعيد، أستاذة علوم البيئة، من أن هذه السموم تبقى فعالة لعقود، حيث تمتصها المحاصيل وتنتقل إلى الإنسان، مما يفسر الارتفاع الكبير في معدلات السرطان. فبيانات المركز الوطني للأورام تُظهر تضاعف الحالات من 4207 عام 2015 إلى 6789 عام 2022، مع تسجيل 90 ألف حالة منذ 2003.

 

صحة اليمنيين على المحك.. ارتفاع مفزع في معدلات السرطان

يربط خبراء بين تلوث التربة وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في اليمن. وتؤكد الدكتورة لنا سعيد، أستاذة علوم البيئة، أن المعادن الثقيلة مثل الرصاص والزرنيخ تتراكم في أنسجة المحاصيل، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.

وتشير بيانات المركز الوطني للأورام إلى ارتفاع عدد حالات السرطان من 4207 في عام 2015 إلى 6789 في عام 2022، بينما وصل إجمالي من تلقوا العلاج منذ عام 2003 إلى 90 ألف حالة. ويُعتقد أن التلوث البيئي أحد العوامل الرئيسية وراء هذه الزيادة المخيفة.

 

أسواق المبيدات.. فوضى بلا رادع

يكشف التحقيق عن فوضى عارمة في سوق المبيدات، حيث تُباع مواد محظورة مثل “دروسبان” و”موسبيلان” و”سوبر أسيد” في أسواق محافظات لحج وأبين، رغم منعها بموجب قرار وزارة الزراعة عام 2007. ويحذر المهندس الزراعي عبد القادر السميطي من خطورة هذه المبيدات، التي تحتوي على مواد مثل “كلوربيريفوس”، التي تؤثر على الجهاز العصبي والتنفسي.

من جهته، كشف صالح مكيش مصعبين، نائب مدير مكتب الزراعة في أبين، عن ضبط كميات من المبيدات المحظورة، مثل “ميثوميل” و”بيريميفوس-مثيل”، خلال حملات تفتيش في 2023. وأشار إلى انتشار بائعين غير مرخصين يمارسون نشاطهم دون أي مؤهلات علمية، مما يفاقم الأزمة.

 

خوفٌ يسيطر على المواطنين.. وغسل الخضار لا يكفي

في خضم هذه الكارثة البيئية، يعيش اليمنيون في قلق دائم. تقول إيناس الحمادي (40 عاماً) من لحج: “أغسل الخضار عشر مرات، لكنني لا أثق بأنني تخلصت من السموم داخلها”. هذه العبارة تلخص مأساة شعب يواجه تهديداً خفيّاً، لا يقتل فوراً، بل يتربص به على المدى البعيد.

وسط هذا الوضع، يبقى السؤال الأكبر: من سيتحمل مسؤولية إنقاذ ما تبقى من تربة يمنية، وصحة ملايين اليمنيين، قبل فوات الأوان؟

 


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

موسم الغيث يقترب بقوة: فلكي يُحذّر من أمطار فوق المعدل تضرب اليمن في هذا الموعد

نافذة اليمن | 1042 قراءة 

الجوف.. مليشيا الحوثي تفرض طقوسًا طائفية إيرانية داخل المساجد وتُجبر السكان على حضور "مجالس اللطم"

حشد نت | 950 قراءة 

عاجل.. غارات إسرائيلية عنيفة على الحديدة

بوابتي | 758 قراءة 

يمتلك عمقًا قانونياً وبصيرة استراتيجية.. السيرة الذاتية الكاملة لمدير مكتب رئيس الوزراء الدكتور علي عطبوش

المنارة نت | 701 قراءة 

رئيس مجلس القيادة الرئاسي يصدر قرارًا جديدًا يمس هيكلة الحكومة اليمنية

تهامة برس | 694 قراءة 

مصير مأساوي لأحد المتورطين في مقتل الشيخ حنتوس.. تفاصيل

موقع الأول | 612 قراءة 

40 مليون يمني يقبلون رأس هذه السيدة الكويتية الشجاعة

المشهد اليمني | 593 قراءة 

تدهور خطير في حالة سفينة تجارية قبالة الحديدة بعد هجوم حوثي بالزوارق والمسيّرات

حشد نت | 515 قراءة 

غارات إسرائيلية عنيفة على منشآت حيوية في الحديدة بإستدعاء عبدالملك الحوثي

المنارة نت | 496 قراءة 

عاجل:تعرف على المناطق التي استهدفها الطيران قبل قليل

كريتر سكاي | 428 قراءة