تصاعدت حدة التوتر السياسي بين المجلس الانتقالي الجنوبي وهيئة رئاسة البرلمان اليمني، بعد إعلان المجلس رفضه لقرار تشكيل لجان برلمانية للنزول الميداني إلى المحافظات المحررة لمراقبة أداء المؤسسات الإيرادية وملف النفط، واصفاً الخطوة بـ”الاستفزازية” ومتهماً البرلمان بـ”فقدان الشرعية”.
وفي سلسلة بيانات صدرت عن فروع المجلس الانتقالي في عدد من المحافظات من بينها محافظتي المهرة وسقطرى اعتُبروا فيها القرار البرلماني محاولة لـ”فرض واقع سياسي جديد” و”تمرير أجندات مشبوهة تحت مسمى الرقابة البرلمانية”، مؤكدين رفضهم الكامل لمثل هذه التحركات.
ويأتي هذا الرفض في وقت يواصل فيه المجلس الانتقالي إصدار بيانات تطالب الحكومة بتحسين الخدمات ومكافحة الفساد، رغم شراكته المباشرة في السلطة التنفيذية من خلال عضوية رئاسته في مجلس القيادة، ورئاسة الحكومة، وعدد من الحقائب الوزارية.
وكان المجلس الانتقالي قد عقد اجتماعًا لهيئة رئاسته يوم الإثنين 30 يونيو الفائت، لمناقشة نشاط رئيس المجلس عيدروس الزبيدي في العاصمة السعودية الرياض، ولقاءاته مع سفراء ودبلوماسيين أجانب، والتي وصفها موقع المجلس بأنها استهدفت بحث حلول عاجلة للأزمة الاقتصادية والمعيشية في البلاد.
ودعت هيئة رئاسة المجلس خلال الاجتماع إلى تنفيذ إصلاحات شاملة تُعيد تفعيل مؤسسات الدولة، مع التركيز على استئناف تصدير النفط وتفعيل المؤسسات الإيرادية، وتوريد العائدات إلى البنك المركزي للحفاظ على استقرار النظام المالي، معلنة دعمها لرئيس الحكومة سالم بن بريك في هذا التوجه.
غير أن هذا الدعم المعلن اصطدم برفض الانتقالي السماح لأي لجان رقابية برلمانية بالنزول إلى مناطق سيطرته في المحافظات الجنوبية، وهو ما يتسق مع نهج مستمر منذ عام 2019، حين منع انعقاد جلسات البرلمان في العاصمة المؤقتة عدن، باستثناء جلسة وحيدة لإقرار الحكومة وأداء القسم الدستوري في أبريل 2022.
ويرى مراقبون بأن هذا الموقف يعكس تناقضاً لافتًا، إذ يمنع الانتقالي جلسات البرلمان بدعوى أنها “تكرّس الوحدة” التي يعارضها، ثم يستخدم هذا الغياب كذريعة لنزع الشرعية عن البرلمان ذاته، واصفاً إياه بأنه “فاقد للمشروعية” و”ميت سريريًا”.
ويشير متابعون إلى أن رفض المجلس لا يرتبط فقط بالاعتبارات السياسية، بل يتعداها إلى مخاوف من فتح ملفات الفساد المالي، في ظل سيطرته على إيرادات الجمارك والضرائب والموانئ بعدن وغيرها من المحافظات، إلى جانب جبايات تفرض خارج الأطر الرسمية، وهو ما يجعل وجود لجان رقابية تهديداً محتملاً لكشف هذه التجاوزات.
وتؤكد هذه التطورات حجم المأزق الذي يواجه المجلس الانتقالي، الواقع بين كونه شريكاً في الحكم وخصمًا صريحًا لأدوات الرقابة والمساءلة، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويفاقم أزمات الإدارة في المحافظات المحررة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news