قضية الإرهابي أمجد خالد.. نموذج واحد من منظومة تخريبية متكاملة
قبل 4 دقيقة
قضية الإرهابي أمجد خالد لم تكن مجرد حالة فردية لقيادي خرج عن القانون، بل كانت نافذة كشفت الستار عن شبكة أوسع وأكثر تعقيداً، تربط بين بعض المكونات السياسية وتنظيمات تخريبية تعمل على تقويض الدولة من الداخل. لقد أظهرت التحقيقات والاعترافات حجم التورط والتنسيق بين هذا العنصر وبين بعض القيادات وتنظيماتها السياسية التي لم تتخلَ عن أجنداتها المشبوهة وأساليبها الإجرامية رغم تغير الظروف وتبدل التحالفات
.
ما قام به أمجد خالد من تنفيذ لعمليات إجرامية، لم يكن اجتهاداً شخصياً، بل جاء تنفيذاً مباشراً لأوامر تلقاها من تلك القيادات والجماعات التي تتولى تمويل وتوجيه هذه الأنشطة الإرهابية. القضية لم تكن لتُكشف لولا تسلسل الأحداث الذي أجبر خيوط اللعبة على الظهور، ولكن ما خفي أعظم، إذ لا يزال هناك الكثير والكثير من النماذج المماثلة ممن يتم تحريكهم وتوجيههم من خلف الستار.
لقد أظهرت هذه القضية كيف أن تلك الجماعات لم تتخلَ عن ثقافة القتل والتخريب وصناعة وتشغيل الإرهاب، بل استمرت في إنشاء معسكرات تدريبية، وتقديم الدعم اللوجستي والسياسي والاداري والإعلامي للعناصر المتطرفة. لم يقتصر دعمها لأمجد خالد على التحريض والتمويل، بل شمل منحه رتبة عميد في الجيش الوطني، وتوفير الغطاء العسكري في طور الباحة، والملاذ الآمن في منطقة التربة، والدعم الكامل لبناء معسكر الحفا بشرجب وتشكيل شبكات وخلايا إرهابية.
وما أن كُشف أمره، حتى سارعت تلك الجماعات إلى التنصل منه، والتنكر له، بل والغدر به وتحميله كامل المسؤولية بهدف التملص من المسؤولية والعقاب، في محاولة لحماية رؤوسها من الانكشاف. هذه ليست المرة الأولى التي تتنصل فيها هذه الجماعات من أدواتها بعد انتهاء دورهم أو انكشاف أمرهم، لكنها تكشف بوضوح طريقة عمل شبكة التخريب من الداخل.
أما الأخطر من ذلك، فهو ما أكدته اعترافات الإرهابي أمجد خالد من وجود تنسيق وتخادم مباشر بين هذه الجماعات الداعمة له ومليشيا الحوثي الإرهابية. لم تكن العلاقة بين الطرفين مجرد تفاهمات سياسية عابرة، بل كانت تخادماً ميدانياً يستهدف أمن واستقرار المحافظات المحررة، وعلى رأسها العاصمة المؤقتة عدن، واستهداف قيادات التحالف، والخصوم المناوئين الذين يقفون ضد المشروع الحوثي الإيراني.
هذه العلاقة التخريبية بين جماعات محسوبة على الشرعية ومليشيا الحوثي الإجرامية ليست مجرد خيانة سياسية، بل تمثل تهديداً وجودياً لمستقبل الدولة اليمنية، وتعكس السبب الرئيسي وراء إطالة أمد الحرب، وتعثّر مشروع استعادة الدولة، وتأخير القضاء على المليشيات الحوثية.
إن ما كشفته قضية الإرهابي أمجد خالد ليس سوى بداية، وستتكشف في الأيام القادمة المزيد من الملفات والنماذج التي تُدار بنفس العقلية التخريبية، والتي ظلت لعقود تمثل سرطاناً في جسد الدولة اليمنية. والحل الجذري لن يكون إلا بتفكيك هذه الشبكات، وتجفيف منابع تمويلها، وكشف ارتباطاتها، ومحاسبة جميع من تورط في تمكينها سياسياً أو عسكرياً أو إدارياً أو إعلامياً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news