أورام سرطانية تحصد أرواح الأطفال في اليمن بسبب أسلحة الحرب المحرمة دوليًا
في بلدٍ أنهكته الحروب والمجاعة، تظهر كارثة صحية جديدة لا تُرى بالعين المجردة لكنها تفتك بأضعف ما في جسد ألأطفال الرضع. فبينما يدوّي صوت القنابل والصواريخ، هناك موتٌ صامت يتسلل إلى أحشاء اليمنيين، يتمثل في تزايد حالات الأورام السرطانية لدى الأطفال، خصوصًا المواليد الجدد والرضع، في ظل بيئة ملوثة ومراكز طبية مدمّرة، ونظام صحي مشلول
.
التقارير الحقوقية والطبية تدق ناقوس الخطر، وتربط بشكل مباشر بين الحرب المدمّرة التي يشهدها اليمن وبين ارتفاع غير مسبوق في معدلات الإصابة بالسرطان، ما ينذر بكارثة إنسانية طويلة الأمد.
خلفية الكارثة:
منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، لم يكن الضرر محصورًا في البنية التحتية والضحايا المباشرين فحسب، بل امتد الأثر إلى التربة، والهواء، والماء، ما جعل اليمنيين، وخاصة الأطفال، عرضة لمخاطر صحية غير مرئية. وتُتهم أنواع متعددة من الأسلحة، بعضها محظور دوليًا، في تلويث البيئة اليمنية بمواد مشعة وسامة مثل الرصاص واليورانيوم المنضب، والتي تؤثر على الحمض النووي وتسبب تشوهات خلقية وأورام سرطانية.
زيادة مخيفة في حالات السرطان:
وفق ما رصدته منظمات يمنية وأخرى دولية، شهد اليمن خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد الأطفال المصابين بأورام خبيثة، لا سيما سرطان الدم (اللوكيميا). وبحسب تقارير شبه رسمية، تضاعفت حالات الإصابة بين الأطفال إلى أكثر من خمسة أضعاف مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب. ويُرجّح أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى بكثير نظرًا لضعف التوثيق الطبي، وصعوبة الوصول إلى المراكز الصحية، وانهيار نظم الإحصاء والرقابة الصحية.
الأسلحة والتلوث: العدو الخفي
العديد من مناطق اليمن، خصوصًا صعدة، الحديدة، وحجّة، تعرضت لقصف عنيف ومتكرر بأنواع مختلفة من الذخائر، من بينها القنابل العنقودية. هذه الذخائر، حتى بعد توقف القتال، تترك خلفها نفايات سامة في التربة والمياه. الأطفال، بأجسادهم الصغيرة وأجهزتهم المناعية الضعيفة، هم الأكثر تأثرًا، خاصة في البيئات الملوثة التي يعتمد سكانها على مياه آبار غير مراقبة صحياً، أو يعيشون في مناطق مدمّرة ومزدحمة بمخلفات الحرب.
كارثة صحية بلا علاج:
لا تقف المأساة عند حدود الإصابة، بل تتعقد أكثر بسبب الانهيار التام في القطاع الصحي اليمني. أكثر من نصف المستشفيات والمراكز الطبية إما دُمّرت أو أُغلقت. وانقطعت الإمدادات الدوائية، خاصة أدوية السرطان عالية التكلفة، مما جعل الطفل المصاب يواجه حكمًا بالإعدام دون محاكمة. وهناك تقارير مأساوية تشير إلى إعطاء بعض الأطفال أدوية منتهية الصلاحية بسبب غياب الرقابة وانقطاع الدعم الطبي الخارجي.
مناشدات وتحذيرات:
منظمة "انتصاف لحقوق المرأة والطفل" ومراكز طبية في صنعاء وعدن وحضرموت، أطلقت تحذيرات عاجلة بشأن تصاعد حالات السرطان بين الرضع. كما دعت الأمم المتحدة مرارًا إلى التحقيق في الآثار البيئية والصحية للحرب، دون خطوات عملية ملموسة. وفي غياب إرادة دولية حقيقية، يستمر النزيف، وتُزهق أرواح بريئة دون أن تُسمع صرخاتها.
النهاية مفتوحة على المأساة:
ما يجري في اليمن ليس مجرد نتيجة عرضية للحرب، بل هو امتداد لها في صورة أشد قسوة: أجساد صغيرة تنهار بصمت، وأمهات لا يجدن ما يفعلن لأطفالهن سوى البكاء والدعاء. فهل يبقى العالم مكتوف الأيدي بينما تتحول الحرب من قصف وقنابل إلى أمراض وجينات مشوّهة؟ أم أن الوقت قد حان لتحرك عالمي حقيقي ينقذ جيلاً كاملاً من كارثة بيئية وصحية ستبقى آثارها لعقود قادمة؟.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news