أمين بارفيد
لا أحد يرفض عودة المخطئ إلى جادة الصواب، ولا أحد يحتكر الحقيقة ، لكن ما يثير الغثيان فعلا أن يعود بعض من انزاحوا عن موقفهم الأخلاقي تجاه مليشيا الحوثي، ويتحدثوا اليوم عن جرائمها بصوت مرتفع، وكأنهم لم يكونوا حتى الأمس القريب في حضرة القاتل، يربّتون على كتفه،ويغسلون دماءه بدماء الآخرين.
يعودون الآن من محور “الممانعة”، لا بشعور التائب كثير الخجل، بل بنبرة مزايد يصرخ أكثر من الضحايا، وكأنه وحده من اكتشف الجريمة. يعودون دون اعتذار، دون مراجعة، دون حتى وقفة تأمل، وكأنهم كانوا في نزهة فكرية، لا في حفلة تبييض لجرائم مليشيا قتلت آلاف اليمنيين، ونكّلت بأرضهم، وشردت نساءهم، وأحرقت مساجدهم.
ذهبوا إلى المحور بخفة، مستغلين صدمة الطوفان، وكلهم علم مسبق بكمّ الجرائم التي ارتكبها الحوثي في تعز وعدن والبيضاء والضالع، ذهبوا ومعهم كل التقارير الحقوقية، ثم نسوها مع أول تقرير تبييض.
ياهؤلاء اخفضوا أصواتكم دون أصوات الضحايا، لا تمشوا في دروب العودة بأحذيتكم القديمة، ففي كل شبر تمرّون عليه دمٌ لم يجف، وصرخة لم تخمد، عودوا بشعور المذنب، لا المنتصر، بشعور من أضاع البوصلة، لا من أتى ليعيدها.
لقد ثبت اليمنيون المناوئون للحوثي في الموقف من أول لحظة، ولم يساوموا على الحقيقة، ولم يغيّبوا بوصلتهم أمام ضجيج اللحظة، حين اتهمتموهم بالصهينة، كانوا يدافعون عن بيوت تُفجّر، وأسر تُقصف، وأطفال يُقنصون، ونساء يُروعن.
اليوم، حين قتل الشيخ السبعيني الجليل صالح حنتوس لأنه لم ينحنِ، يصرخ العائدون بأعلى أصواتهم، وكأنهم لم يكونوا شهودا على طلقة الحوثي الأولى، وقطرة الدم الأولى، وكأنهم لم يعرفوا الجرم منذ البداية. يحق لنا أن نسألهم هل انتهى مبرر ذهابكم لمحور الممانعة ومناصرة الحوثيين حتى تعودوا بهذه الخفة؟ أم أنكم كنتم تجهلون الجرائم التي ادنتوها من قبل؟
صدقا .. ما الذي تغيّر؟
تعليقات الفيس بوك
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news