في ظل موجات الجفاف المتواصلة وارتفاع درجات الحرارة، تتجه أزمة الغذاء في اليمن نحو مزيد من التفاقم، ما ينذر بتداعيات قاسية على ملايين السكان الذين يواجهون أصلاً ظروفاً معيشية بالغة الصعوبة نتيجة الصراع المزمن والانقسامات الداخلية والتوترات الإقليمية.
تقرير أممي حديث كشف عن مؤشرات مقلقة تتعلق بتدهور الأوضاع الزراعية في البلاد، حيث أدى غياب الأمطار وارتفاع الحرارة إلى إجهاد واسع للمحاصيل، حتى في المناطق المرتفعة التي تُعرف تاريخيًا باعتدال مناخها.
وذكر التقرير أن درجات الحرارة في مايو الماضي تجاوزت 42 درجة مئوية في المناطق الشرقية والساحلية، ما تسبب في تراجع رطوبة التربة وارتفاع معدلات التبخر، وهو ما زاد من الضغط على الأنظمة الزراعية المحلية، وهدّد الإنتاج في الموسم الرئيسي للمحاصيل.
ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن مؤشرات الغطاء النباتي أظهرت تراجعاً حاداً في غالبية المناطق الزراعية، مع رصد علامات مبكرة لإجهاد نباتي على نطاق واسع.
كما نبهت المنظمة إلى تفاقم أزمة المياه نتيجة ضعف تدفق الموارد السطحية والجوفية، وزيادة الحاجة إلى الري في ظل ظروف مناخية غير مواتية.
وتتقاطع الأزمة المناخية المتفاقمة مع ضغوط إضافية ناجمة عن الاضطرابات في البحر الأحمر والتصعيد الإقليمي، ما أثر بشكل مباشر على سلاسل الإمداد الغذائي.
فقد انخفضت واردات المواد الغذائية إلى الموانئ الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي بنحو 20% خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، لتبلغ 1.79 مليون طن مقارنة بـ2.23 مليون طن خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
وتدير مليشيا الحوثي الإرهابية مؤسسة موانئ البحر الأحمر التي تشمل موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف، وهي مرافئ أساسية لوصول السلع الغذائية إلى ملايين السكان في شمال وغرب البلاد.
وليس الوضع أفضل حالاً في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والتي تتخذ من عدن عاصمة مؤقتة، فقد أوضحت “نشرة السوق والتجارة اليمنية” الصادرة عن الفاو في مايو الماضي أن توقعات الأمن الغذائي لا تزال قاتمة في عموم البلاد، شمالًا وجنوبًا، مشيرة إلى أن الأزمة مرشحة للاستمرار حتى فبراير 2026، مع وجود أكثر من نصف السكان بحاجة إلى مساعدات غذائية طارئة.
ومع استمرار هذه الظروف المركبة، يواجه اليمن تحولًا قسريًا في أنماط الاستهلاك اليومي، يشمل الغذاء الأساسي ذاته كالخبز، نتيجة انخفاض القدرة الشرائية وتقلص الإمدادات، وهو ما يُنذر بمزيد من التدهور في الأمن الغذائي لمجتمع يعيش بالفعل تحت ضغط الحرب والمناخ والانهيار الاقتصادي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news