قوبلت حادثة حصار منزل الشيخ صالح حنتوس في مديرية السلفية بمحافظة ريمة وقتله على يد الحوثيين، بتضامن واسع من اليمنيين وتنديد كبير بانتهاكات الجماعة المسيطرة على المحافظة.
وكان الشيخ حنتوس، الذي يدير مركزًا لتعليم القرآن، قد قُتل بعد مقاومته مسلحين حوثيين لعدة ساعات، بحسب مصادر محلية.
وأثناء محاصرته، قال حنتوس في رسالة صوتية:"هذه وصيتي إلى الناس جميعًا، هذا اعتداء صارخ. ضربوا عليّ حتى داخل المسجد، وحاولوا اغتيالي. أنا مظلوم، نهبوا مرتباتي ومرتبات زوجتي، ورموا على أولادي داخل السوق. توجهنا إلى الدولة، لكن لم ينصفنا يومها فؤاد الجرادي، والآن جاء فارس روبع يهددني أنه سيقصف عليّ البيت."
إدانات واسعة
قال "المركز الأمريكي للعدالة" إنه تلقى معلومات من مديرية السلفية بمحافظة ريمة، تفيد بمحاصرة الحوثيين لمنزل الشيخ صالح حنتوس وزوجته لساعات، وسط إطلاق نار كثيف ومباشر، ما أدى إلى إصابتهما بجروح بالغة ونزيف داخلي، دون القدرة على إسعافهما نتيجة استمرار الحصار ومنع وصول فرق الإنقاذ أو المسعفين.
وأكد المركز أن استمرار هذا الحصار الدموي، واستخدام القوة العسكرية ضد مدنيين داخل منازلهم، يُعد جريمة واضحة بموجب القانون الدولي الإنساني، وانتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف، وخصوصًا القواعد التي تحظر استهداف المدنيين وفرض العقاب الجماعي والحرمان من العلاج والرعاية الطبية.
وحمل المركز الحوثيين المسؤولية الكاملة عن سلامة الشيخ صالح حنتوس وزوجته، وطالب برفع الحصار فورًا، وتوفير الرعاية الطبية العاجلة لهما.
كما طالب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومكتب المبعوث الأممي، بالتحرك الفوري لإيقاف هذا الاعتداء، والتحقيق فيه، وضمان حماية المدنيين.
بدوره، طالب التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية بتحرك دولي عاجل لإدانة ما وصفه بـ"الجريمة البشعة" التي ارتكبتها جماعة الحوثي بحق الشيخ صالح حنتوس، أحد أبرز معلمي القرآن الكريم في محافظة ريمة، وأفراد أسرته.
وأوضح التكتل، في بيان صادر الثلاثاء، أن "المليشيا شنت حملة عسكرية على منزل الشيخ حنتوس في قرية المعذب، عزلة بني نفيع بمديرية السلفية، مستخدمة أكثر من عشرين طقمًا عسكريًا، قبل أن تقصف المنزل بقذائف RPG، وتضرم فيه النار، ما أدى إلى إصابته وزوجته بجروح خطيرة (أدّت لاحقًا إلى وفاتهما)، وسط استمرار منع إسعافهما لتلقي العلاج".
وأكد البيان أن القصف الحوثي لا يزال متواصلاً حتى لحظة صدوره، ما يهدد بكارثة إنسانية على مستوى الأرواح والممتلكات، في ظل ما وصفه بـ"الصمت الدولي المريب" الذي يشجع المليشيا على مواصلة جرائمها دون رادع.
واعتبر التكتل أن هذه الجريمة تعكس تناقض الشعارات التي ترفعها المليشيا حول "نصرة فلسطين"، في الوقت الذي تمارس فيه أبشع الانتهاكات بحق اليمنيين وتستهدف أمنهم واستقرارهم.
العليمي: جريمة نكراء
وصف عضو مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي، الجريمة التي ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق الشيخ صالح حنتوس، بأنها "نكراء"، معتبراً أنها تكشف ليس فقط عن سلوك الجماعة الإجرامي، بل أيضاً عن حجم الرعب الذي تعيشه في مواجهة رفض الشعب اليمني للخضوع والذل.
وقال العليمي في تغريدة على منصة "إكس"، إن الحالة الهستيرية التي تظهرها المليشيا، والتي تجلت في محاصرة وقصف منزل رجل أعزل، كل ذخيرته "مصحف وموقف"، تعكس هشاشة هذه الجماعة التي تتدثر بالسلاح وتقمع المواطنين الأبرياء.
وأشار إلى أن الممارسات الحوثية الأخيرة من ملاحقات واعتقالات تطال عشرات اليمنيين، تعكس "حالة انتقامية" تعيشها الجماعة بحق كل من يرفض مشروعها القمعي والطائفي.
وأكد أن الشيخ حنتوس كان مثالًا لهذا الرفض، إذ واجه الموت بشجاعة رغم سنوات عمره السبعين، وكان سلاحه الوحيد: الثبات والموقف.
وختم بالقول:"رحم الله الشيخ صالح حنتوس وذويه الشجعان، المعلم الذي عاش حرًا ومات بطلًا شامخًا، ليقول لنا جميعًا إن هذا الشعب لا يموت، وإن البطولة تنبض في جنباته."
وقال الصحفي عامر الدميني إن "كل من يتورط في سفك الدماء، فحتمًا ستكون نهايته من جنس عمله"، مؤكدًا أن "من يمارس القتل والتشريد اليوم، سيكتوي غدًا بنفس النار، وربما أشد".
وأضاف أن "هؤلاء يرسمون بأيديهم الوسائل التي سيتعامل بها معهم الناس مستقبلًا، فالحزن الذي دخل كل بيت يمني وهم يتفرجون، سيعود إليهم يومًا ما بنفس القسوة وربما أكثر".
وأشار إلى أن "الثمن اليوم باهظ، والباغي يبدو واثقًا من فعله، لكن عند لحظة شعوره بالاكتمال والسيطرة، سيفلت كل شيء من يده".
درس للأجيال
رئيس الهيئة العامة للكتاب، يحيى الثلايا، قال:"سجل وصيته بصوته قبل استشهاده وبعثها إلى الناس جميعًا. قال باختصار: من مات أو قاتل دون عرضه وماله فهو شهيد."
وأضاف أن الشيخ الشهيد صالح حنتوس صدق الوعد، وأنفذ الوصية، وأبرّ بقيمه ومبادئه.
"قتلوه في داره، لم يذهب إليهم أو يبدأ المواجهة، لكنه لم يجبن أو يذل حين بدأوا. لم يقاتل الشيخ صالح وحيدًا، بل قاتلت إلى جانبه زوجته الشجاعة المؤمنة، وخاضت معركة الكرامة معه."
وتابع:"حين ارتقت روحه، كانت زوجته فاطمة بنت غالب المسوري لا تزال محاصَرة، منشغلة بجثمانه الطاهر، بحسب ما نقله ابن أخيها هشام المسوري."
وأردف:"عاش صالح حنتوس وزوجته العظيمة حياتهما بلا أولاد، فنذرا نفسيهما لتعليم أبناء مجتمعهما حتى آخر يوم. لقد اكتسبا المجد والخلود بوصيته التي وصف فيها أبناء منطقته بـ(أولادي)."
الخلود بدلًا من الفناء
قال الصحفي علي الفقيه:"هو الفصل الأخير، لكن الاختلاف في المعنى فقط: الخلود أم الفناء."
وأضاف:"شيخ سبعيني يعاني من أمراض مزمنة بقي في بيته، أراد أن يكمل حياته بما بدأه كمعلم للقرآن، بينما أرادوا إذلاله وإخراسه. ولو أنه استسلم لهم، لكان مصيره الموت قهرًا في سجونهم السيئة. لكنه أبى، وقرر أن تكون نهايته تليق برجل شهم وعنيد."
وتابع:"صاحبي الذي أخذوه من بيته في قريتي بنفس الطريقة (كان معلم قرآن أيضًا) مكث ثماني سنوات في سجونهم، دون تهمة مثبتة، وأُفرج عنه بعد معاناة طويلة. لكن الشيخ صالح حنتوس قالها بوضوح: لم يعد في العمر بقية، فاختار أن يجعل من لحظاته الأخيرة درسًا عمليًا لطلابه على سطح داره: قاوم البغي ما استطعت، أو متْ وأنت تحاول."
وختم:"أما شيوخ العار الذين هيأوا وبرروا الجريمة، فمصيرهم أن يكونوا مجرد سماسرة رُخاص ونعالًا لكل صاحب سلطة. وكلٌ منهم سيلقى جزاءه."
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news