قرار هادئ أنقذ عدن والخليج من أن تصبح جزءاً من الهند... كيف غيّرت ورقة إدارية مصير المنطقة؟

     
بوابتي             عدد المشاهدات : 432 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
قرار هادئ أنقذ عدن والخليج من أن تصبح جزءاً من الهند... كيف غيّرت ورقة إدارية مصير المنطقة؟

في شتاء عام 1956، حطّ المراسل البريطاني ديفيد هولدن رحاله في البحرين، التي كانت آنذاك تحت الحماية البريطانية. وبينما كان يتجوّل بين دبي وأبوظبي وصولاً إلى عُمان، كان يشعر أن شيئًا ما غير طبيعي يربط هذه الأماكن بالهند أكثر مما يربطها ببريطانيا نفسها.

في كل زاوية، كانت آثار الإمبراطورية البريطانية-الهندية حاضرة: الخدم يُنادون بألقاب هندية، والغسّال يُسمى "دوبي"، والحارس "تشوكيدار"، وأيام الأحد لا تكتمل دون طبق كاري ضخم يُقدَّم تقليديًا للضيوف. حتى في عُمان، كان السلطان يتحدث الأردية بطلاقة أكبر من العربية، بعد أن تلقى تعليمه في راجستان الهندية.

أما في عدن، فكان حاكمها البريطاني يصف الوضع بقوله: "كأن الزمن توقف هنا منذ سبعين عاماً، والملكة فيكتوريا لا تزال على العرش، وكيبلينغ يكتب نصوصه الساخرة".

ما لم يدركه كثيرون حينها أن أكثر من ثلث الجزيرة العربية، من عدن إلى الكويت، كانت تُدار فعلياً كامتداد للإمبراطورية الهندية، وتخضع لسلطة نائب الملك في دلهي. بل إن "قانون التفسير" البريطاني لعام 1889 اعتبر هذه المناطق جزءاً قانونيًا من الهند، لدرجة أن قائمة الولايات الهندية الأميرية كانت تبدأ باسم "أبو ظبي".

حتى جوازات السفر الهندية كانت تُصدر في عدن، التي كانت تُدار كجزء من ولاية بومباي، وأطلق عليها غاندي لقب "الميناء الغربي للهند" خلال زيارته عام 1931.

لكن في 1 أبريل 1937، جاء التغيير الحاسم: صدر قرار إداري بفصل عدن عن إدارة الهند البريطانية، لتصبح جزءًا من التاج البريطاني مباشرة. وبعدها بعشر سنوات فقط، وتحديداً في أبريل 1947، تم فصل بقية دول الخليج عن الهند، قبل أشهر قليلة من استقلال الهند وتقسيمها إلى دولتي الهند وباكستان.

كان ذلك القرار مفصلياً، لكنه مرّ بهدوء غير معتاد. فلو لم يُنفذ، لربما أصبحت الإمارات والبحرين وقطر والكويت اليوم ولايات هندية أو باكستانية، على غرار حيدر آباد أو جايبور.

حين طرح رئيس الوزراء البريطاني كليمنت أتلي فكرة انسحاب شامل يشمل الخليج مع الهند، جاءه الرد بالرفض القاطع. وهكذا، احتفظت بريطانيا بسيطرتها على الخليج 24 عاماً إضافية، حتى انسحبت نهائياً عام 1971.

وظلّت الروبية الهندية عملة الخليج، والضباط البريطانيون المقيمون يديرون المنطقة عبر سلك سياسي مرتبط بإدارة دلهي، حتى اللحظة الأخيرة.

اليوم، نادراً ما يُستحضر هذا التاريخ المعقد. في الذاكرة الجماعية، تُذكر العلاقة مع بريطانيا، لا مع الهند. لكن الذاكرة الشعبية لم تنسَ. ففي عام 2009، روى الباحث بول ريتش قصة رجل قطري مسن لا يزال يتذكر يوم ضُرب لأنه سرق برتقالة من موظف هندي كان يعمل لدى الوكيل البريطاني، قائلاً: "كان الهنود طبقة متميزة في شبابي، وقد أسعدني أن الزمن دار، وأصبحوا اليوم خدمًا في الخليج".

مفارقة مذهلة: دبي، التي كانت في يوم من الأيام نقطة هامشية في إمبراطورية الهند البريطانية، أصبحت اليوم مركزًا عالميًا، تحتضن ملايين الهنود والباكستانيين... دون أن يدرك أغلبهم أن بلادهم كادت، في لحظة ما، ترث الخليج كله.

كل ذلك تغيّر بقرار إداري بسيط، لم يُدرك أحد حينها أنه سيُغيّر التاريخ.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

اجتياح واسع لليمن خلال ساعات

جهينة يمن | 865 قراءة 

بعد سنوات من شرعنة حربها على اليمن.. السعودية تطوي صفحة الأحزاب اليمنية وترفض اشراكها في الحكم..!

الحدث اليوم | 544 قراءة 

الإمارات تطرد وزير الدفاع من سقطرى

الحدث اليوم | 399 قراءة 

"اسرائيل" تكشف سرا عن الحوثيين

جهينة يمن | 383 قراءة 

اعلان مفاجئ يباغت طارق عفاش

جهينة يمن | 364 قراءة 

عاجل:السيول تجرف المذيع عبداللطيف الزيلعي(صورة)

كريتر سكاي | 358 قراءة 

ساعات على قرار فصل السفير احمد علي عبدالله صالح

كريتر سكاي | 281 قراءة 

لن تصدق السبب...أخ يقتل شقيقته عشية زفافها وسط صدمة الأهالي

جهينة يمن | 272 قراءة 

اثيوبيا تتحدى مصر وصدام عسكري وشيك بين البلدين على أراض دولة ثالثة

العين الثالثة | 248 قراءة 

الخيانة المُؤسسة.. كيف صنع "بن دغر" جيوش المنفى لتمكين الحوثي؟

الحدث اليوم | 245 قراءة