قرار هادئ أنقذ عدن والخليج من أن تصبح جزءاً من الهند... كيف غيّرت ورقة إدارية مصير المنطقة؟

     
بوابتي             عدد المشاهدات : 408 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
قرار هادئ أنقذ عدن والخليج من أن تصبح جزءاً من الهند... كيف غيّرت ورقة إدارية مصير المنطقة؟

في شتاء عام 1956، حطّ المراسل البريطاني ديفيد هولدن رحاله في البحرين، التي كانت آنذاك تحت الحماية البريطانية. وبينما كان يتجوّل بين دبي وأبوظبي وصولاً إلى عُمان، كان يشعر أن شيئًا ما غير طبيعي يربط هذه الأماكن بالهند أكثر مما يربطها ببريطانيا نفسها.

في كل زاوية، كانت آثار الإمبراطورية البريطانية-الهندية حاضرة: الخدم يُنادون بألقاب هندية، والغسّال يُسمى "دوبي"، والحارس "تشوكيدار"، وأيام الأحد لا تكتمل دون طبق كاري ضخم يُقدَّم تقليديًا للضيوف. حتى في عُمان، كان السلطان يتحدث الأردية بطلاقة أكبر من العربية، بعد أن تلقى تعليمه في راجستان الهندية.

أما في عدن، فكان حاكمها البريطاني يصف الوضع بقوله: "كأن الزمن توقف هنا منذ سبعين عاماً، والملكة فيكتوريا لا تزال على العرش، وكيبلينغ يكتب نصوصه الساخرة".

ما لم يدركه كثيرون حينها أن أكثر من ثلث الجزيرة العربية، من عدن إلى الكويت، كانت تُدار فعلياً كامتداد للإمبراطورية الهندية، وتخضع لسلطة نائب الملك في دلهي. بل إن "قانون التفسير" البريطاني لعام 1889 اعتبر هذه المناطق جزءاً قانونيًا من الهند، لدرجة أن قائمة الولايات الهندية الأميرية كانت تبدأ باسم "أبو ظبي".

حتى جوازات السفر الهندية كانت تُصدر في عدن، التي كانت تُدار كجزء من ولاية بومباي، وأطلق عليها غاندي لقب "الميناء الغربي للهند" خلال زيارته عام 1931.

لكن في 1 أبريل 1937، جاء التغيير الحاسم: صدر قرار إداري بفصل عدن عن إدارة الهند البريطانية، لتصبح جزءًا من التاج البريطاني مباشرة. وبعدها بعشر سنوات فقط، وتحديداً في أبريل 1947، تم فصل بقية دول الخليج عن الهند، قبل أشهر قليلة من استقلال الهند وتقسيمها إلى دولتي الهند وباكستان.

كان ذلك القرار مفصلياً، لكنه مرّ بهدوء غير معتاد. فلو لم يُنفذ، لربما أصبحت الإمارات والبحرين وقطر والكويت اليوم ولايات هندية أو باكستانية، على غرار حيدر آباد أو جايبور.

حين طرح رئيس الوزراء البريطاني كليمنت أتلي فكرة انسحاب شامل يشمل الخليج مع الهند، جاءه الرد بالرفض القاطع. وهكذا، احتفظت بريطانيا بسيطرتها على الخليج 24 عاماً إضافية، حتى انسحبت نهائياً عام 1971.

وظلّت الروبية الهندية عملة الخليج، والضباط البريطانيون المقيمون يديرون المنطقة عبر سلك سياسي مرتبط بإدارة دلهي، حتى اللحظة الأخيرة.

اليوم، نادراً ما يُستحضر هذا التاريخ المعقد. في الذاكرة الجماعية، تُذكر العلاقة مع بريطانيا، لا مع الهند. لكن الذاكرة الشعبية لم تنسَ. ففي عام 2009، روى الباحث بول ريتش قصة رجل قطري مسن لا يزال يتذكر يوم ضُرب لأنه سرق برتقالة من موظف هندي كان يعمل لدى الوكيل البريطاني، قائلاً: "كان الهنود طبقة متميزة في شبابي، وقد أسعدني أن الزمن دار، وأصبحوا اليوم خدمًا في الخليج".

مفارقة مذهلة: دبي، التي كانت في يوم من الأيام نقطة هامشية في إمبراطورية الهند البريطانية، أصبحت اليوم مركزًا عالميًا، تحتضن ملايين الهنود والباكستانيين... دون أن يدرك أغلبهم أن بلادهم كادت، في لحظة ما، ترث الخليج كله.

كل ذلك تغيّر بقرار إداري بسيط، لم يُدرك أحد حينها أنه سيُغيّر التاريخ.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

الإطاحة بزعيم هذه الدولة برعاية أمريكا وبريطانيا

نيوز لاين | 729 قراءة 

الريال اليمني يستهل تعاملات اليوم السبت بالانخفاض

نافذة اليمن | 517 قراءة 

طائرات ضخمة تحط في مطار صنعاء وسط ترقب دولي

نيوز لاين | 462 قراءة 

5 اسباب وراء سر قوة الريال اليمني أمام الدولار.. تبقى خطوة واحدة لتوحيد عملة صنعاء وعدن

نيوز لاين | 417 قراءة 

الغباري  يكشف سبب حكم الإعدام بحق أحمد علي.. التفاصيل الكاملة

المرصد برس | 386 قراءة 

سعر الريال السعودي في عدن وحضرموت اليوم السبت 2 أغسطس 2025

المشهد العربي | 384 قراءة 

الحكومة تصدر قائمة بأسعار المواد الغذائية المخفضة مع تعافي الريال اليمني.. وثائق

نيوز لاين | 314 قراءة 

الحكومة تعلن حالة استنفار استعدادًا لحدث دولي حاسم لإنقاذ اليمن من مجاعة شاملة

نيوز لاين | 313 قراءة 

عاجل:تحديد ساعات انقطاع الكهرباء الليلة بعدن

كريتر سكاي | 290 قراءة 

العليمي تحت الإقامة الجبرية.. وسط حديث عن إزاحة المجلس الرئاسي

العاصفة نيوز | 284 قراءة