بقلم: عبدالحميد السقلدي
الموت… تلك الكلمة التي تمرّ على مسامعنا فنغض الطرف عنها كأنها لا تعنينا، كأنها تخصّ غيرنا، أو كأننا مُعفى منها!
لكن الموت، في حقيقته، ليس نهاية… بل بداية.
الموت ليس ظلمة، بل غروبٌ يتبعه فجر، انتقال من ضيق الدنيا إلى سعة الحق.
هو الباب الذي يطرقه كل حي، لكن لا يفتحه إلا حين يأذن الله.
هو الصمت العظيم الذي يتكلم، يذكّرنا بأن لا شيء يبقى سوى العمل الطيّب، والنية الصادقة، والقلب الذي خفق حبًا لله وللناس.
قال تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ}
[آل عمران: 185]
أخاف الموت؟
بل أخاف أن ألقاه فارغ اليدين، مثقل اللسان، مثقوب القلب بالندم.
فالموت لا يُخيف من عمّر أيامه بالخير، ولا يُفزع من صافح الحياة بوجهٍ نقي.
قال رسول الله ﷺ:
“أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ، يَعْنِي: الْمَوْتَ.”
[رواه الترمذي وحسنه]
وصدق الإمام علي رضي الله عنه حين قال:
“الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا.”
فالموت ليس فناءً، بل يقظة بعد غفلة، ومحاسبة بعد متاع.
كلّ يوم نموت قليلًا… حين نخذل من نحب، حين نؤجّل الخير، حين نغفل عن الصلاة، أو نؤذي دون أن نشعر.
لكننا نحيا أيضًا… حين نغفر، حين نُقبل على الله، حين نبتسم لمن أنهكه التعب.
الموت ليس ضدّ الحياة، بل هو الذي يعطيها المعنى.
فما دام الموت قادمًا… فكل لحظة حياة هي نعمة، وكل فرصة صلاح هي كنز.
فلتكن حياتنا استعدادًا، لا ذعراً…
ولتكن أعمالنا صدى يُسمع بعد رحيلنا، لا صمتًا يُنسى حين نغيب.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news