للعام الثالث يفشل مجلس القيادة الرئاسي في تسوية أوضاع مدفوعات القوات والتشكيلات المسلحة المنضوية تحت لواء المجلس، مع التدهور المُخيف في القيمة الشرائية لمرتبات الجنود مع تسارع انهيار العملة وتفاقم الأزمة الاقتصادية.
المجلس الرئاسي الذي تم تأليفه من قيادة ومُمثلين عن التشكيلات المسلحة التي تم تشكيلها منذ ما بعد اندلاع الحرب التي فرضتها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران قبل عشرة أعوام، لم يُحقق اختراق فعلي في مهمة توحيد القوات وإعادة تنظيمها داخل هياكل وزارتي الدفاع والداخلية رغم تشكيل لجنة عليا كواحدة من الهيئات المساندة للمجلس الرئاسي الذي استند في مبررات تشكيله على توحيد صفوف القوى والقوات اليمنية المناوئة للحوثيين.
وتُعاني القوات النظامية الخاضعة فعليا لوزارتي الدفاع والداخلية من انخفاض حاد في قيمة المرتبات علاوة على عدم انتظام تسليمها مع وجود بعض التفاوت بين المناطق العسكرية نفسها، فيما تتقاضى التشكيلات الأخرى مرتبات عالية ومنتظمة ودعومات جيدة.
ففي عام 2016 تم إقرار تحديد رواتب الجيش النظامي بمبلغ 60 ألف ريال للجندي، كانت قيمتها آنذالك ألف ريال سعودي، فيما قيمتها اليوم لا تتعدى (85) ريال سعودي، مع الغلاء المُتضخم في أسعار المواد الأساسية وسوء الأحوال المعيشية. وفقا لمصادر دفاعية.
بينما يتسلّم مقاتلو القوات الأخرى مرتبات شهرية منتظمة لا تقل عن ألف ريال سعودي، إلى جانب صرفة يومية واحتياجات لوجستية كافية، بعضها مُقدمة من السعودية والبعض من الإمارات.
إلى جانب أن القوات النظامية تخضع للسياسات المالية والاصلاحات الحكومية والأطر المعمولة في الموازنة والنفقات والرقابة ومعايير المرتبات والأجور.
وتتلقى قوات الجيش والأمن في مأرب وبعض المناطق المحررة بين فينة وأخرى مكرمة سعودية يتم مُصارفتها عبر الحكومة وبأسعار منخفضة عن أسعار الصرف في السوق، ويتم صرفها للجنود بالعملة الوطنية، فيما مرتبات ومدفوعات بقية التشكيلات تصرف بالريال السعودي والدرهم الاماراتي وخارج القنوات الحكومية والبنك المركزي.
مع ما يصاحب عملية صرف الاكرامية من مشاكل إدارية وفنية، وفوضى النشر والتداول على شبكات التواصل الاجتماعي وعدم كفاءة السلطات في ضبط نشاط القادة والأفراد.
وفقا لمصادر حكومية وعسكرية مطلعة فقد جرت خلال الأشهر الماضية مشاورات ونقاشات داخل الحكومة ومع قيادة القوات المشتركة لقوات التحالف الداعم للشرعية لمحاولة تقليص الفجوة في موضوع المرتبات وعمل معالجات مرحلية تبدأ بتحسين قيمة مرتبات جنود الجيش واعتماد مبلغ 500 ألف ريال. لكن تلك المُقاربة لا تزال مُتعثرة، مع أن عدم المساواة بين مرتبات القوات ستبقى قائمة.
ووفقا لمعلومات فقد واجهت المقترحات لتسوية المرتبات رفضا متصلبا من قيادة التشكيلات الأخرى التي ترفض خفض مرتبات مقاتليها إلى مبلغ ٥٠٠ ريال سعودي، فيما واجه مقترح رفع مرتبات الجيش إلى ألف ريال أسوة ببقية القوات تعقيدات كبيرة.
تقول الحكومة المعترف بها دوليا إنها تواجه نقصا حادا في الموارد واستمرار العجز في استئناف تصدير النفط والغاز منذ اوقفته الجماعة الحوثية، وتتعذر قيادة المجلس الرئاسي بأنها لا تمتلك سلاح دفاع جوي.
وتتسع حالة من التذمر والاحتقان لدى جنود الجيش، وخصوصا الجرحى وأسر الشهداء، من ما يصفونه بالتمييز وغياب العدالة بين القوات.. مطالبين بتسويتهم ببقية التشكيلات والوفاء بحقوقهم واحتياجاتهم.
وينظر الجنود بسخط إلى الاختلالات الكبيرة داخل هيئات ومؤسسات الحكومة والفساد المُفصح عنه رسميا وما يعتبرونه بالعبث في الانفاق العام وعدم ايلاء الجيش الاهتمام المُستحق ويتهمون الحكومة بعدم الوفاء بواجباتها.
ويستنكر عسكريون حملات التشويه التي تطال القوات النظامية. فيما يُبدي البعض تذمرا من اقتصار ما تصفه الحكومة بحزمة الاصلاحات المالية وتنفيذها على القوات النظامية وبعض المناطق العسكرية دون أخرى، في وقت يتم انشاء قوات جديدة وفتح باب التجنيد والحشد، الأمر الذي يحفز تسرب جنود الجيش للالتحاق بالقوات الجديدة المدعومة.
وتقول قيادة الجيش الوطني إن جهودها لم تتوقف في استكمال عملية تصحيح الاختلالات المصاحبة للمعركة، وأنها دشنت منذ أربع سنوات العمل في تحديث قاعدة البيانات وحصر القوة في معظم المناطق العسكرية وبدء النظام الالكتروني الموحد والبصمة الموحدة، وكذلك البطاقة العسكرية.
فيما تواجه المناطق العسكرية التي أُعيد تشكيلها خلال الحرب ووقع عليها العبء الأكبر في مواجهة الحوثيين، صعوبات كبيرة في ضبط حركة القوة البشرية.
هيكلة متعثرة..
نص اعلان نقل السلطة على هيكلة وتوحيد القوات والتشكيلات الموازية، وإعادة تنظيمها، وأوكل تلك المهام للجنة عسكرية وأمنية مشتركة تم اعلان تشكيلها في ابريل 2022م.
وكان فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي تحدث في تقريره العام الماضي عن "تباين كبير" في مرتبات الجنود المنتمين للقوات اليمنية المنضوية تحت معسكر مجلس القيادة الرئاسي المشكل في السابع من أبريل 2022 بقيادة الدكتور رشاد العليمي وعضوية أعضاء يمثلون التشكيلات العسكرية والأمنية.
وورد في التقرير أن "هناك تباينا كبيرا في مرتبات الجنود، وأنه يلزم إجراء مراجعة شاملة لقوائم بعض الجماعات التابعة لحكومة اليمن. وهناك جماعات تقوم بزيادة أعداد جنودها بإضافة أسماء غير موجودة أو أسماء موظفين يعملون في وزارات أخرى لكي تحصل على المزيد من المرتبات".
وليست المرة الأولى يتناول الفريق الأممي موضوع المرتبات، فقد كان الفريق قال في تقرير مقدم للمجلس في 2020، إن "تأخر دفع المرتبات، وكذلك نقص القدرات لدى القوات الأمنية والعسكرية التابعة للحكومة يشكلان تهديدا للسلام والأمن والاستقرار في اليمن. ويشكلان عائقا أمام تنفيذ حظر الأسلحة المحددة الأهداف". بحسب التقرير.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news