أعد القصة لـ”يمن ديلي نيوز” محمد العياشي:
في أول حديث صحفي له بعد تحرره، خصّ العميد في الأمن الوطني الفلسطيني أسامة محمد موسى أبو العسل (50 عامًا) لـ” يمن ديلي نيوز” بشهادة مؤلمة وصادمة عن رحلته الطويلة في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
رحلة امتدت لواحد وعشرين عام و8 أشهر، قضى معظمها في العزل والإهمال والتعذيب النفسي والجسدي.
ولد أبو العسل في الأردن عام 1975، بعد أن نزح والداه إثر نكسة 1967 من خان يونس بقطاع غزة إلى المملكة الأردنية.
هناك تلقى تعليمه وتدريبه العسكري في مدرسة القوات الخاصة وأكاديمية الشرطة الملكية. وانضم في عام 1992 إلى قوات بدر في جيش التحرير الفلسطيني، وعاد إلى فلسطين في فبراير عام 1999.
الأسير الفلسطيني المحرر أسامة أبو العسل ووالدته أثناء زيارة له في سجون الاحتلال
من حاجز أبو هولي
يروي أبو العسل لـ “يمن ديلي نيوز” اعتقاله قائلا: تم اعتقالي بتاريخ 4 يونيو/حزيران 2003، كان عمري وقتها 27 سنة. اعتُقلت على حاجز أبو هولي أثناء عودتي من تنفيذ عملية ضد موقع عسكري إسرائيلي. ومنذ اللحظة الأولى، بدأ مسلسل التعذيب.
يتابع: التحقيق كان نفسيًا بالدرجة الأولى، وجسديا، شبح لساعات طويلة، ضرب، وإهانة، ومنع نوم. كانوا يتركونني عاريًا متعمدين، في زنزانة باردة جدًا، تحت الأرض في عسقلان.
الضوء ساطع طوال الوقت، وكانوا يدخلون عليّ عملاء مزيفين يسمونهم ‘عصافير’ لمحاولة انتزاع المعلومات. قضيت فترة التحقيق كاملة في زنزانة انفرادية، وبعدها تم عزلي عامًا كاملًا دون تهمة أو محاكمة.
الأسير الفلسطيني المحرر أسامة أبو العسل على أطلال منزله المدمر في غزة
العزل والإضرابات
يتابع “أبو العسل”: من 15 أغسطس/آب 2003 حتى 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، بقيت في العزل الانفرادي في عسقلان والنقب. وبعدها تنقلت بين عدة سجون: سجن نفحة (18 سنة)، ريمون (سنتان)، عسقلان، إيشل، وأخيرًا النقب، الذي منه تحررت بتاريخ 1 فبراير 2025.
ويضيف: “خضنا عدة إضرابات عن الطعام لتحسين أوضاعنا، أبرزها عام 2012 واستمر 30 يومًا، وكان من أنجح الإضرابات في تاريخ الحركة الأسيرة، حيث تحقق مطلبنا الأساسي: إخراج المعزولين، مثل حسن سلامة وعبد الله البرغوثي وإبراهيم حامد.
فقدان الأحبة والوجع الأكبر
من أقسى اللحظات في السجن، كان خبر وفاة والدي عام 2016، – يقول أبو العسل – وكنت حينها في العزل، لم أستطع وداعه، كنت البكر، وكُسر ظهري يومها. كذلك استشهاد ابنَ عمي نضال عام 2014، وساهر عام 2022.
ويكمل حديثه لـ “يمن ديلي نيوز ” أصبت بضغط الدم بسبب الإهمال الطبي، ومرض جلدي معدٍ لم يُعالج إلا بعد أن خافوا أن ينتقل للسجانين. وفي عام 2019 أصبت بالسكري من الدرجة الأولى، ثم تعرضت لجلطة قلبية خضعت على إثرها لعملية في مستشفى سوروكا.
وأضاف: في السجن، أكملت دراستي الجامعية عام 2018، وحصلت على بكالوريوس في التاريخ من جامعة الأقصى. ثم واصلت دراستي، ونلت الماجستير في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة فلسطين، بتقدير جيد جدًا.
الأسير الفلسطيني المحرر أسامة أبو العسل عقب الافراج عنه
ما بعد 7 أكتوبر
يقول أبو العسل: كنا نتابع الأخبار من التلفاز قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن بعد ذلك انقطعت عنا كل وسائل الاتصال. سُحبت الكتب، ومنعونا من الصلاة والأذان، وحتى من النوم. سُحبت جميع الإنجازات. قُتل أكثر من 60 أسيرًا بسبب التعذيب. أوقفوا حتى أبسط أشكال العلاج. وازداد نقلنا بين السجون لخلق عدم استقرار.
عند لحظة التحرير
“لحظة نادى السجان إسمي، علمت أنني تحررت. نعم، ثمن الحرية كان باهظًا. غزة مدمّرة، آلاف الشهداء والمنازل سُويت بالأرض. لكنني خرجت، وهناك من لا يزالون في الأسر منذ عقود. رسالتي إليهم: ‘خلفكم رجال لن يهدأ لهم بال حتى يُحرروكم، وقلوبنا معكم’.”
وعبر “يمن ديلي نيوز” يبعث أبو اسامه رسائل خاصة بصوت متهدّج: رسالتي لزوجتي: أنتِ امرأة عظيمة، صبرتِ، ربّيتِ، علمتِ، جزاكِ الله خيرًا.
ولأبنائي محمد، مها، ميساء: أنتم أملي، أفتخر بكم. ورسالتي للعالم العربي والإسلامي: أنقذوا ما تبقى من غزة. غزة تُباد، والعالم يتفرج. أطفالنا تُذبح، نساؤنا تُغتصب، والزعماء باعوا القضية. أين العروبة؟ أين الأحرار؟
ويختتم حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” قائلًا: طموحي أن أعيش ما تبقى من عمري لأولادي وأحفادي وأخواتي بسلام. قضيت عمري بين البنادق والزنازين. الآن أريد فقط أن أتنفس وأربي أحفادي على الحرية ونصر القضية الفلسطينية.
مرتبط
الوسوم
الأسرى الفلسطينيين
الأسرى المحررينن
السجون الاسرائيلية
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news