هوية إيران (الثقافية) بين النسيج والقناع

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 122 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
هوية إيران (الثقافية) بين النسيج والقناع

في نقد النزعة الثقافوية التي تسجن المعنى..

وأنا أبحث في مسألة الهوية والذات العربية وقع في يدي كتاب عالم الاجتماع الفرنسي، جان فرنسوا بايار ( أوهام الهوية) الصادر ١٩٩٨م. يناقش مشكلة الهُوِية التي كثُر الحديث عنها في ظل العولمة وما أُشيع حول صدام الحضارات؛ وذلك من خلال دراسةِ ظاهرة الانغلاق الثقافي، وتجلِّياتها في المجال الأيديولوجي والسياسي والأكاديمي إذ كتب ” أنه ليس هناك من دواعي قلق معاصر إلا وتثيره قضية الهوية”ولعل الإشكال الذي يتصل بمفهوم الهوية لا يكمن في الأسماء والمسميات و التعريفات والصفات ذاتها وبذاتها,  بل فيما تعنيه للفاعلين الاجتماعيين في السياقات الاجتماعية والثقافية المشخصة (البسيطة والمركبة, الميكر والماكروسوسيولوجيا) وقد استوقفتني فكرة بايار

من النظر إلى الهويات بوصفها استراتيجيات تتغير وتتشكل باستمرار من مختلف الموارد والممكنات التاريخية المتعينة في سياقاتها المكزمانية و ” حول إشكالية الثقافة بين الهُوية والتفاعل؛ يطرح بايار في مقاله سؤالًا جوهريًّا عن مدى شرعية اعتبار الثقافة كيانًا ثابتًا يستحق الحفاظ عليه أو التخلص منه، مستندًا إلى تحليل تاريخي وأنثروبولوجي معقد. إذ يرى بأن الثقافة ليست هوية جاهزة ومكتملة يمكن وضعها في مستودع الأجهزة المستعملة والعودة اليها حينما نحتاجها بل هي عملية ديناميكية تتشكل عبر الحوار والتفاعل مع البيئة المحلية والدولية. وهذا التفاعل لا ينفي وجود جذور تاريخية؛ لكنه يؤكد أن الثقافات تتبنى عناصر خارجية وتعيد صياغتها لتكوين هويات مركبة” وفي ضوء هذه الرؤية العقلانية يناقش بايار عدد من التجارب الوطنية والثقافية التي استخدمت “الهوية” كوسيلة لإعادة إنتاج السلطة، ومن بينها التجربة الإيرانية الفارسية، التي تُمثّل نموذجًا غنيًا ومعقدًا لتوظيف الهوية في بناء الأمة والدولة والخطاب السياسي منذ عهد رضا شاه البهلوي (1925)، إذ انخرطت في مشروع قومي يهدف إلى إعادة إحياء “الهوية الفارسية” بوصفها جوهر الأمة الإيرانية. وقد تم ذلك من خلال تغريب الإسلام السياسي، وإقصاء البعد العربي، والتهوين من المكونات الإثنية غير الفارسية كالأذريين والبلوش والكرد والعرب وهذا هو ما فهمه الفيلسوف الفرنسي ميشل فوكو حينما زار ايران في سبتمبر 1978حيث شاهد الروح الفارسية تتقنع بالراية الإسلامية لا بوصفها بنية تاريخية هجينة، بل كأصل نقي وأسطوري يُستعاد من الماضي الزرادشتي-الساساني إذ تم استحضار شخصيات مثل كوروش الكبير وداريوس كرموز لـ”الروح الإيرانية”، ويُعاد تأويل التراث الأدبي، ولا سيما شعراء مثل فردوسي، في خدمة بناء سردية قوموية متماسكة جديدة وفي كتابهما ( فوكو والثورة الإيرانية) تتبع جانيت أفاري وكيفين بي أندرسون مواقف الفيلسوف الفرنسي المعجب بالثورة الخمينية في بحثه المضني عن قطيعة تامة مع الحداثة الغربية وجد تلك القطيعة الجماعية ممثلة ب” ملايين تزلزل الشوارع، حشود لا نهاية لها، بإرادة واحدة، ورغبة واحدة، عبر تناقض مُضمر مُخيف، ما يُميتنا يُحيينا، إرادة قوة نيتشوية مُعَدّلة بمزاج شرقي، والكل وراء وراء مرشد روحي واحد. ينزع فوكو قبعة الكوجيتو الديكارتي، قبعة العقلانية، وينضوي تحت عمامة روح الله الخميني الفارسية” ( ينظر، مصطفى ذكرى، فوكو في إيران ٢٠٢٤، المجلة، جوجل” .

نعم إيران بعد الثورة الخمينية(1979) لم تخفي  النزعة الفارسية، بل وضعت لها قناع جديد تمثل في الهوية الشيعية-الإمبراطورية، التي تتخذ من الإسلام وسيلة لإعادة تموضع إيران في محيطها العربي والإسلامي. يكشف  بايار  ذلك الخلط المتناقض في قلب الهوية الإيرانية الخمينية بين الرسالة الإسلامية والأيديولوجيا القومية الفارسية، فصورة إيران بوصفها “حامية المستضعفين” تخفي في طياتها نزعة توسعية ومركزية ثقافية ذات طابع فارسي شيعي، تُعيد إنتاج وهم “الهوية الإيرانية” المطلقة فيما يشبه الاستعمار الثقافي المضاد، عبر تصدير شعارات ثورة الولاية وقيمها ورموزها الطائفية الشيعية في ارجاء العالم الاسلامي كلها وفي الأثناء ظلت إيران تستبطن تمثيلًا ذاتيًا عن تفوقها الحضاري والديني على “العرب السنّة”، في إعادة إنتاج لثنائية “الفرس المتنورين” مقابل “العرب البدائيين”، وهي ثنائية كانت حاضرة أيضًا في أدبيات العصور الإسلامية الكلاسيكية (الشعوبية) وهكذا كان مشروع “الهوية الفارسية”، سواء في نسخته القومية البهلوية أو الشيعية الثورية، يعكس احتكارًا للمعنى يُقصي الآخر المختلف داخل الدولة (الأقليات) وخارجها (العرب، السنّة، الغرب).


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

القبض على مسئول رفيع يسرّب أسرار العليمي للحوثي

نافذة اليمن | 1020 قراءة 

عاجل : مسؤول يكشف عن مصرع أبو علي الحاكم وقيادات الصف الأول في صنعاء" أسماء"

جهينة يمن | 790 قراءة 

عودة الرئيس العليمي إلى عدن تحمل بشارات سارة للشعب اليمني.. تعرف عليها

يمن فويس | 745 قراءة 

رسميًا.. حماس تعلن نجاة قيادتها من غارات إسرائيلية استهدفتهم في الدوحة وتكشف عدد الشهداء

يني يمن | 741 قراءة 

العقل المدبر لـ"اجتماع الموت".. نجا بأعجوبة من الضربة على صنعاء

جهينة يمن | 704 قراءة 

الاشول: الاستخبارات السعودية تعتقل نائب مدير مكتب العليمي بتهمة كبرى.. الإسم والصورة

نافذة اليمن | 586 قراءة 

عاجل:هذا مايحدث الان في صنعاء

جهينة يمن | 582 قراءة 

صنعاء تنتقم للدوحة بهجوم صاروخي على "إسرائيل " 

الحدث اليوم | 438 قراءة 

شهداء في قلب الدوحة: قصف إسرائيلي ينهي حياة 5 من أقارب خليل الحية بينهم نجله (الأسماء)

الحدث اليوم | 427 قراءة 

عاجل.. أول تحرك أمريكي بعد الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة

موقع الأول | 403 قراءة