حوّلت مليشيا الحوثي المواجهة بين إيران وإسرائيل إلى حملة إعلامية داخلية، سخّرت فيها أدواتها الدعائية لتكريس خطابها الطائفي، وتلميع ارتباطها بالمحور الإيراني، في وقت يتجاهل إعلامها معاناة اليمنيين تحت سلطتها.
فمع حلول ما تسميه الجماعة بـ«يوم الولاية»، كثّفت قنواتها الفضائية ومنصاتها الإلكترونية بثّ محتوى تعبويّ يصوّر الحوثيين كشريك مباشر في المعركة الإقليمية، ويقدّم مشاهد الصواريخ الإيرانية والحوثية كـ”نصر إلهي” ضد إسرائيل، في تناغم دعائي يعكس حالة الاصطفاف الإعلامي مع طهران.
المعركة بلا حلفاء: طهران تواجه إسرائيل.. والحوثي آخر أوراقها
نصبت الجماعة شاشات عرض عملاقة في الساحات العامة داخل صنعاء ومدن أخرى، وبثّت على مدار الساعة مشاهد مختارة بعناية من القصف الإيراني والغارات الإسرائيلية، مع تعليق دعائي مكثف يبرز “شجاعة المحور”، ويغفل عمداً الخسائر المدنية أو التعقيدات السياسية للصراع.
واستغلت مليشيا الحوثي هذه التغطية الدعائية لربط خطابها المحلي بالأحداث الدولية، حيث أُعيد بث خطابات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي مراراً، مملوءة بمفردات مثل “الرد المزلزل” و”العدوان الصهيوني” و”الشراكة المصيرية مع إيران”، في محاولة لترسيخ ارتباط الجماعة بحلف إقليمي يتجاوز حدود اليمن.
وفي مشهد يجمع بين التضليل الإعلامي والتعبئة الجماهيرية، لجأت المليشيا إلى الترغيب والترهيب لحشد السكان في الفعاليات، من خلال الترويج بمنح مالية ووجبات غذائية، مقابل التلويح باتهامات العمالة لمن يتخلف عن الحضور، مستفيدة من تصريحات إعلامية إسرائيلية عن “جواسيس في اليمن” لتأجيج خطاب التخوين.
المفارقة الأبرز، بحسب مراقبين، أن كل هذه الحملات الإعلامية والدعائية تزامنت مع أزمة إنسانية خانقة يعيشها المواطن اليمني، حيث لا تتوفر رواتب منتظمة، ولا خدمات أساسية، في وقت كشفت فيه مصادر محلية عن إنفاق مليشيا الحوثي ملايين الدولارات على تنظيم الاحتفالات والبث الدعائي، رغم إعلانها المتكرر عن “عجز في الخزينة”.
وبينما تواصل وسائل إعلام الحوثيين تغطية «المعركة الكبرى» بين إيران وإسرائيل، تغيب تماماً أي إشارات لمعاناة السكان تحت سلطتها أو للأزمات المعيشية التي تزداد سوءاً. ويرى محللون أن الجماعة تتعمد توجيه انتباه جمهورها بعيداً عن الداخل المنهك، إلى “انتصارات” وهمية تُبث على الشاشات، لتعزيز شرعيتها المزعومة واستمرار مشروعها.
وفي الوقت الذي تروّج فيه لانتصارات إعلامية عبر شاشاتها ومنصاتها، لم تلقَ فعاليات الجماعة ذات الزخم في بعض المناطق، خصوصاً القريبة من خطوط التماس، حيث سجلت مصادر محلية حضوراً باهتاً وسخرية شعبية من هذه الفعاليات، باعتبارها مجرد استعراض دعائي لا يمتّ لواقع الناس بصلة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news