تحولات بلا يقين في زمن المليشيات الارهابية
قبل 7 دقيقة
لم تعد ظاهرة التحول في المواقف تجاه مليشيات الحوثي الانقلابية مجرد حالات فردية أو تقلبات عابرة ناتجة عن ضغوط عابرة أو مصالح شخصية محدودة وإنما تحولت إلى ظاهرة تستحق الوقوف والتأمل لخطورتها لا على مسار الحرب والسلام في اليمن فحسب بل تتجاوز ذلك إلى التأثير على الوعي الجمعي والثوابت الوطنية التي تشكلت بعد ثورة 26 سبتمبر وأعيد ترسيخها بعد وحدة 22 مايو.
كيف يتحول مثقف أو إعلامي أو أكاديمي كان حتى الأمس القريب يندد بالجرائم والانتهاكات الحوثية إلى محلل لما جاء في كلمة زعيم المليشيات الارهابية متتبعا لتوقيتها ودلالاتها وكأنما هي خطاب دولة شرعية أو بيان رسمي لمؤسسة رئاسية؟
هل هذا تحول نابع من قناعة عميقة سابقة كان يخفيها هؤلاء انتظار للحظة ملائمة؟
أم أن خلف هذا التحول ترتيبات وتوجيهات وأدوات عمل مدروسة نسجتها أطراف داعمة للمليشيات الحوثية ومولت مسارات ناعمة لتطويع رموز فكرية وثقافية وإعلامية بعينها؟
وإن أشد ما يثير القلق أن هذه التحولات لا تحدث في الخفاء وإنما تحت أضواء الإعلام ومن خلال منصات مؤسسية تحظى بمتابعة وتأثير واسع تدرك تماما أن هذه الجماعة مصنفة إرهابية من قبل دول عدة وأن فكرها القائم على الطائفية والعنصرية يعيد اليمنيين إلى عصور الاستعباد السياسي والمذهبي ومع ذلك تمنح هذه المليشيات الارهابية مساحات واسعة للترويج لأفكارها المظلمة عبر تغليفها بلغة التحليل والتأويل في مشهد يخلط بين الموقف الوطني والعمل الإعلامي وبين الرأي والتحريض المغلف بالتقنيات الإعلامية الجديدة.
وهنا يطرح سؤال نفسة هل من يكتب اليوم في مدح المليشيات الحوثية هم أنفسهم الذين كانوا بالأمس من أشد المدافعين عن الدولة اليمنية ومؤسساتها وعن قيم الجمهورية والمساواة؟
أم أن عقولهم نضجت باتجاه مصالحهم الخاصة وارتبطت برؤى ومصالح داعميهم وممولي مؤسساتهم؟ كيف يمكن لشاعر أو كاتب أو إعلامي أن يرى في خطاب زعيم المليشيات حدث وطني في حين أن كلماته لا تعدو كونها بيانات تحريضية تحفر عميقا في جسد اليمن الجريح وتنفث السم في وجه الشعب ومستقبله؟
الأخطر من ذلك أن بعض هؤلاء يبدو وكأنه يتعامل مع اليمن وثورته ومكتسباته وكأنها مجرد أوراق مساومة ومقايضة يختزلها في أشخاص أو مكونات محلية أو دول إقليمية في حالة من التحيز المقيت فإذا اختلف مع طرف من أطراف الدولة أو القوى الوطنية تجده ينقلب على كل الثوابت ليقدم اليمن بأكمله قربان على مذبح مشروع الحوثي الدموي غير مبال بمستقبل البلاد أو مصير الشعب اليمني وكأن الخصومة تبرر الاصطفاف مع عدوها الأزلي الذي جاثم عليها واخطرها.
فالحاجة اليوم ماسة لوقفة جادة مع هذا الواقع ليس لمهاجمة الأشخاص أو تصفية الحسابات وإنما لتجديد الوعي بالثوابت وللتفريق بين الرأي الحر والانحراف الفكري وبين التحليل الإعلامي ومساندة الجماعة الانقلابية فاليمن ليس حقل للتجارب الفكرية ولا ساحة لتصفية خلافات النخب بل هو وطن يحتاج إلى من يؤمن به ويذود عنه ويعيد الاعتبار لتضحيات أجياله.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news