بصوت رخيم مكسو بالشعارات، يحاول قيادي حوثي إغراء جندي يمني عبر الهاتف: “نحن نحارب إسرائيل من أجلكم… عُد إلى أهلك”.. لكن ما لم يكن في الحسبان، أن الجندي كان يسجل المكالمة، وأن الرد سيقلب الرواية رأسًا على عقب.
بهذه المكالمات “المسربة”، سقط القناع عن أخطر حملة دعاية نفسية تنفذها ميليشيات الحوثي منذ بداية الحرب، بعدما فشلت في تحقيق أي اختراق ميداني يُذكر في جبهات مأرب والساحل التهامي.
حرب الاتصالات: الوجه الخفي لمعركة الحوثيين
في وقت تتآكل فيه قدراتهم العسكرية أمام صمود القوات الحكومية، لجأت ميليشيات الحوثي إلى تكتيك جديد يعتمد على ما يُسمى بـ”الاتصالات الموجهة” لاستهداف المقاتلين اليمنيين نفسيًا، تحت غطاء “العفو العام” و”نصرة غزة”.
مصادر عسكرية كشفت لـ”العين الإخبارية” أن ضباطًا في جهاز استخبارات الحوثيين يديرون غرفة عمليات سرية، تهدف لإقناع الجنود بالانشقاق عبر مكالمات شخصية، بعضها يسير بنبرة حنونة، وأخرى بلهجة تهديد مبطن.
لكن ما لم تحسبه الجماعة، أن وعي الجنود وإدراكهم لخطورة المعركة، قلب الطاولة على هذا المخطط، إذ بدأت المكالمات تتسرب، وتحولت إلى فضيحة إعلامية وأمنية، عرّت نوايا الجماعة.
“لجنة الظل”.. وحدة حوثية خاصة لإغواء الجنود
في فبراير 2021، دشّنت المليشيات ما يُعرف بـ”لجنة التواصل والاتصال”، وهي وحدة استخباراتية تجمع بين ضباط أمن وعناصر قبلية من “مصلحة شؤون القبائل”، يرأسها اللواء محمد العوامي، بإشراف مباشر من القيادي الحوثي “أبو علي الحاكم”.
المهمة: استدراج الجنود اليمنيين المنحدرين من مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين، وإقناعهم بالفرار من جبهات الشرعية.
ووفق المعلومات الأمنية، فقد توسعت مهام هذه اللجنة مؤخرًا من مأرب إلى جبهات الساحل التهامي، ترافقها ضغوط غير مسبوقة على أسر الجنود وقبائلهم في الداخل.
لكن الحصيلة جاءت عكسية، حيث رصدت القوات الحكومية حالات فرار جماعي لعائلات الجنود من مناطق الحوثيين، في مشهد يعكس فشل الحرب النفسية الحوثية في كسر الجبهات.
مكالمة مشعل الجوفي: لحظة الانكشاف الكامل
واحدة من المكالمات التي تسربت مؤخرًا هزّت الأوساط اليمنية، بعدما أجرى القيادي الحوثي مشعل الجوفي اتصالاً بجندي من المقاومة التهامية، محاولًا إقناعه بأن الحوثيين “يخوضون حربًا ضد إسرائيل”.
لكن الرد الصادم من الجندي جاء موثقًا:
“أنتم من قتل أطفال اليمن، أنتم من فجّر المدارس ونهب المرتبات، فبأي وجه تدّعون نصرة غزة؟!”
هذه المكالمة التي انتشرت كالنار في الهشيم، كانت بمثابة محكمة شعبية صوتية لجرائم الحوثي، ورسالة واضحة بأن سلاح الوعي أقوى من شعارات الخداع.
دعوات لردع الحوثيين بسلاحهم
ردود الفعل داخل الأوساط اليمنية لم تتأخر، حيث دعا ناشطون وقيادات سياسية إلى إنشاء وحدات اتصال مضادة ضمن الجيش الوطني والقوات المشتركة، تستهدف اختراق بيئة الحوثي، والتواصل مع العناصر المغرر بها لزرع الانقسام وزعزعة الثقة داخل الجماعة.
وأكد الناشطون أن الحرب النفسية ليست حكرًا على الحوثيين، وأن استخدام نفس الأدوات قد يكون مفتاحًا استراتيجيًا لضرب الجبهة الداخلية للميليشيات، وتقليص نفوذها في مناطق سيطرتها.
الخلاصة:
ما بين مكالمة مسجلة ورد صاعق، تتكشّف تفاصيل أخطر محاولة حوثية لاختراق الجبهات اليمنية تحت ستار “نصرة غزة”. لكن هذه المحاولة تحوّلت إلى فضيحة تُضاف لسجل جماعة امتهنت الكذب، لتصطدم مجددًا بجدار من الوعي الوطني والإدراك الشعبي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news