يمن إيكو|تقرير:
وسط تتابع خيبات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من حروبه التجارية والإدارية ودخول الولايات المتحدة في دوامة الاحتجاجات الداخلية، تمضي الصين بقوة في إحكام قبضتها على المعادن الأساسية مستكملة قرارات عدم تصديرها إلى الشركات الغربية والأمريكية، وتحديداً شركات صناعة السيارات والطائرات، وفقاً لما نشرته وكالات الأنباء الدولية ورصده موقع “يمن إيكو”.
وحسب تقرير نشرته وكالة “رويترز” ورصده وترجمه “يمن إيكو”، فإن القلق في الدول الغربية يتزايد بشأن قبضة الصين الخانقة على المعادن الأساسية، مع انضمام شركات صناعة السيارات العالمية إلى نظيراتها الأمريكية للشكوى من أن القيود التي فرضتها الصين في وقت سابق وشددتها مؤخراً على صادرات السبائك والمخاليط والمغناطيسات الأرضية النادرة، قد تتسبب في تأخير الإنتاج وانقطاعه إذا لم يوجد حل سريع.
وقال التقرير: إن شركات صناعة السيارات العالمية، خصوصاً الألمانية والأمريكية، تحذر من توقف الإنتاج في ظل غياب المعادن الأساسية من الصين، مؤكدة أن قيود التصدير الصينية تهدد بإغلاق الإنتاج وزعزعة اقتصاداتها المحلية، وذلك بعد تصريحات مماثلة من شركة هندية لصناعة السيارات الكهربائية، الأسبوع الماضي، وسط اتجاه الصين لمزيد من القيود التي تتجاوز تعليق صادرات المعادن التي تم منعها نهائياً، في إطار الرد الصيني على الهيمنة الأمريكية.
وأدى قرار الصين، في الرابع من أبريل المنصرم، إكمال دائرة القيود على الصادرات من المعادن بتعليق صادرات مجموعة واسعة من المعادن والمغناطيسات الحيوية إلى قلب سلاسل التوريد المركزية لشركات صناعة السيارات ومصنعي الطائرات وشركات أشباه الموصلات والمقاولين العسكريين في جميع أنحاء العالم رأساً على عقب، في خطوة تؤكد هيمنة الصين على صناعة المعادن الحيوية، ويُنظر إليها على أنها وسيلة ضغط من جانب الصين في حربها التجارية المستمرة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتوقفت شحنات المغناطيسات الضرورية لتجميع كل شيء من السيارات والطائرات بدون طيار إلى الروبوتات والصواريخ، في العديد من الموانئ الصينية، في حين تمر طلبات الترخيص عبر النظام التنظيمي الصيني، وهو نظام إلكتروني رقابي دقيق على الصادرات.
وقد أثار تعليق الإنتاج القلق في مجالس إدارة الشركات وعواصم الدول- من طوكيو إلى واشنطن- في حين سارع المسؤولون إلى تحديد خيارات بديلة محدودة وسط مخاوف من أن إنتاج السيارات الجديدة وغيرها من المنتجات قد يتوقف تماماً بحلول نهاية الصيف.
وقالت هيلديجارد مولر، رئيسة جماعة ضغط صناعة السيارات في ألمانيا، لرويترز يوم الثلاثاء: “إذا لم يتغير الوضع بسرعة فلن يكون من الممكن استبعاد تأخيرات الإنتاج وحتى انقطاع الإنتاج”.
وقال فرانك فانون، مستشار صناعة المعادن ومساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشؤون موارد الطاقة خلال ولاية ترامب الأولى، إن الاضطرابات العالمية ليست صادمة لأولئك الذين ينتبهون إليها.
وأضاف: لا أعتقد أن أحداً ينبغي أن يفاجأ من كيفية تطور الأمور. نواجه تحدياً إنتاجياً (في الولايات المتحدة)، وعلينا استغلال نهجنا الحكومي الشامل لتأمين الموارد وتعزيز القدرات المحلية في أسرع وقت ممكن. كان الأفق الزمني لتحقيق ذلك قد فات، كما قال فانون.
وقالت مصادر لرويترز إن دبلوماسيين وشركات صناعة سيارات ومديرين تنفيذيين آخرين من الهند واليابان وأوروبا يسعون بشكل عاجل لعقد اجتماعات مع مسؤولين في بكين للضغط من أجل الحصول على موافقة أسرع على صادرات مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة، في وقت يهدد النقص بوقف سلاسل التوريد العالمية.
ومن المقرر أن يزور وفد تجاري من اليابان بكين خلال يونيو الجاري للقاء وزارة التجارة بشأن القيود، كما سعى دبلوماسيون أوروبيون من دول بها صناعات سيارات كبيرة لعقد اجتماعات “طارئة” مع مسؤولين صينيين في الأسابيع الأخيرة، حسبما ذكرت رويترز.
وفي السياق نفسه، حذرت شركات صناعة السيارات اليابانية باجاج أوتو (BAJA.NS)_ التي فتحت مؤخراً علامة تبويب جديدة في الهند- من أن أي تأخير آخر في تأمين إمدادات مغناطيسات الأرض النادرة من الصين قد “يؤثر بشكل خطير” على إنتاج السيارات الكهربائية، وتنظم رحلة للمسؤولين التنفيذيين في صناعة السيارات في الأسبوعين أو الثلاثة المقبلة.
وفي شهر مايو أعلنت شركات صناعة السيارات العالمية: جنرال موتورز (GM.N) الأمريكية، وتويوتا (7203.T) اليابانية وفولكس فاجن (VOWG.DE) الألمانية وهيونداي (005380.KS) الكورية الجنوبية عن فتح علامات تبويب جديدة، وسط تحديات سلاسل التوريد الموصولة بالمعادن الأساسية والرقائق الإلكترونية التي تمثل الصين أكبر مصادرها في العالم، فيما أعرب عدد من الشركات العالمية الأخرى لصناعة السيارات- في رسالة مشتركة للرئيس الأمريكي دونالد ترمب- عن مخاوفها من تداعيات التصعيد التجاري الصيني.
وأوضحت الشركات- في رسالتها- أنه بدون الوصول الموثوق إلى هذه العناصر والمغناطيسات، لن يتمكن موردو السيارات من إنتاج مكونات السيارات الأساسية، بما في ذلك ناقل الحركة الأوتوماتيكي، وخانق الوقود، والمولدات، والمحركات المختلفة، وأجهزة الاستشعار، وأحزمة الأمان، ومكبرات الصوت، والأضواء، والمحركات، ونظام التوجيه المعزز، والكاميرات”، كما كتب تحالف الابتكار في مجال السيارات بالرسالة.
وكانت الصين أعلنت في ديسمبر 2024 فرض قيود جديدة على بيع مواد تصنيع الرقائق الإلكترونية، بما في ذلك الجاليوم والجرمانيوم والأنتيمون (معادن رئيسية ذات استخدامات عسكرية محتملة) إلى الولايات المتحدة. في رد على إعلان إدارة بايدن عن عقوبات تهدف إلى إضعاف قدرة الصين على إنتاج أشباه الموصلات المتقدمة، وفقاً لما نشرته حينها شبكة سي إن إن الأمريكية، ورصده وترجمه موقع “يمن إيكو”.
خطورة التصعيد الصيني للحظر التجاري على صادرات بكين من المعادن الأساسية إلى الدول الغربية لا تتمثل في كونها تطوراً مغايراً ومعاكساً لتوقعات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أراد أن يبتز دول العالم بالرسوم الجمركية ويجرها مجبرةً إلى مفوضات ثنائية يكون فيها الطرف القوي فحسب، بل وفي تزامنها مع أفق اقتصادي قاتم وكارثي تشهده الولايات المتحدة الأمريكية حيث تسير تطورات الاحتجاجات في الولايات الأكثر قوة من الناحية الاقتصادية والأكثر إسهاماً في الناتج الإجمالي الفيدرالي للقوة العظمى في العالم، ناهيك عن ما تشهده إدارة ترامب من تصدع وخلافات وانقسامات إزاء التداعيات الكارثية لحروب ترامب التجارية والإدارية التي يخوضها منذ تنصيبه في يناير الماضي.
وفي الثاني من إبريل الماضي فرض ترامب رسوماً جمركية على الواردات الصينية تصل إلى 145%، ثم خفّضها بعد ثورة أسواق الأسهم والسندات والعملات على شمولية هذه الرسوم، فيما ردّت الصين بفرض رسوم جمركية خاصة بها، تصل إلى 125% وإلى جانب ذلك صعدت في الرابع من الشهر نفسه القيود المفروضة على المعادن مستغلةً هيمنتها على سلاسل التوريد الرئيسية لإجبار ترامب على التراجع.
وفيما كان يسعى ترامب إلى إعادة تعريف العلاقة التجارية مع أكبر منافس اقتصادي للولايات المتحدة، الصين، من خلال فرض رسوم جمركية باهظة على مليارات الدولارات من السلع المستوردة على أمل تضييق العجز التجاري الواسع واستعادة التصنيع المفقود، منيت الولايات المتحدة الأمريكية بنتائج عكسية تجاوزت كارثيتها زيادة الخصومات الخارجية وفقدان حلفاء دوليين إلى انقسام الرأي العام الأمريكي والبدايات الجلية لمشهد الحرب الاهلية الكفيلة بإنهاء آخر فصول الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العالم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news