قال صاحبي : مهما كانت الأوضاع كئيبة وسوداوية على مستوى العالم والإقليم في ظل ما يجري من حروب .. ألا يحق لنا أن نحلم بغدٍ أفضل !!! …
قلت ماذا تقول يا صاحبي .. الحلم بغدٍ أفضل .. يجوز الحلم بغدٍ أفضل .. ولكن هذا الحلم لابد أن يرافقه عمل ولو بحده الأدنى لتحقيق ذلك الغد الأفضل …وما نراه على مستوى العالم والأقاليم معتم وسوداوي .. وهذا الإعتام والسوداوية لا يوجد أي بصيص أمل لعمل جاد لتبديده .. بل نرى ونشاهد توالد أعمال تزيد من الإعتام والسوداوية على مستوى العالم والأقاليم والدول … وهذا واضح ومعلن ونشاهدة بشكل يومي في مختلف الدول في الإقليم العالم …
أما دولنا في المنطقة !! منها من تهشم وتقسم وانتشرت فيها المليشيات تستقطع أجزاء من خارطة الدول وتبني فيها دويلاتها وكانتوناتها .. حدث ولا حرج فهذه الدول تعيش حالات ما قبل الدولة …ولا بصيص أمل ان تعود دول أو شبه دول أو يعاد صياغتها بأي شكل من اشكال الدول … ومنها أي دولنا في المنطقة من أنكفأت على نفسها وتحاول العيش والبقاء في عالم يحيط بها إحاطة السوار بالمعصم كله مقسم ومفتت وتنهشه الضباع وتفترس سكانه المجاعات والقتل والحروب والإجرام صباح مساء …
لا اعتقد يا صاحبي أن هناك مجال ومساحة للحلم بغدٍ أفضل ..وتذكر الحكمة القائلة : ( لا يأتي الزمان بالأفضل ) .. بعض الفلتات في التاريخ كانت مؤقتة وأنتهت .. مثل فلتة أبو بكر وعمر … وعمر بن عبد العزيز … وبعض فلتات الأمويين .. وبعض فلتات العباسيين .. وبعض فلتات الفاطميين .. وبعض فلتات حكام الأندلس .. وبعض فلتات حكام بعض الدول في اليمن .. وبعض فلتات العثمانية وبعض فلتات حكام مرحلة التحرر الوطني وطرد الإستعمار … لكنها كلها فلتات مؤقتة لا تتواصل وتنتهي بإنتهاء أصحابها لانها ليست مؤسسة على دعائم تجعلها تستمر بقدر ما كانت فلتات مرتبطة باصحابها الحكام .. فلتات فردية ..غير مؤسسية … وبالتالي كانت تنتهي بموت اصحابها أو هزيمتهم في حروب ….
هذا باختصار جداً جداً … فلا يكون هناك مبرر للحلم بغدٍ أفضل إلا إذا رافق ذلك الحلم عمل من أجل تحقيقه والوصول إليه … وما نراه ونشاهدة عكس ذلك مزيد من التفكيك والتهشيم والتقسيم والتجويع والإذلال والنهب والإبادات الجماعية بطرق متعددة … ابشعها حرب الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة في ظل صمت وتواطؤء عربي إسلامي .. وصلف وفاشية دولية مشاركة في حرب الإبادة الجماعية التي زاوجت بين اساليب الإبادة الجماعية من خلال القصف بالطائرات والصواريخ والقنابل وبين التجويع والحرمان من المواد الغذائية والدواء والعلاج وتدمير الأرض على رؤوس ساكنيها وتدمير المستشفيات ومنع دخول الغذاء والدواء وتحويل الارض غير صالحة للحياة …
أي غدٍ أفضل سنحلم به يا صاحبي ونحن نشاهد قصف الفلسطينيين وهم في العراء أو في خيام أو يسيرون في طوابير طويلة ويتجمعون في مراكز تقديم مساعدات وهمية كاذبة تحولت الى مصائد للقتل والإبادة الجماعية بإشراف أمريكا أكبر دولة في العالم … ونحن نشاهد الفلسطينيين يقصفون بالطائرات والمدفعية والطائرات المسيرة فيموتون من القصف ويموتون من الجوع والأمراض في ظل إنعدام الغذاء والدواء …
وسامحني يا صاحبي فقد ناقضت أمر نبوي ” بشروا ولا تنفروا ” .. السبب أنه لم أرى أي بصيص أمل أو نموذج صغير يدفعني الى التبشير … بل كل ما أراه وأشاهده انا وغيري يقع في خانة التنفير … فمعذرة … لكن لله حكمة فيما يجري لا نعلمها نحن البشر .. ومثال ونموذج الصبر الفلسطيني في قطاع غزة لن يخذله الله تعالى وهو درس عظيم في الصبر لم ترى البشرية مثله …
والسلام ختام.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news