تشهد الأسواق التجارية في صنعاء وعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي موجة من التخفيضات الكبيرة على المنتجات الإيرانية، في مشهد بدا لافتًا في حجمه وتوقيته.
و مراكز استهلاكية ومحال جملة وتجزئة علقت لافتات كبيرة تروّج لخصومات تصل إلى 50% على بعض البضائع القادمة من إيران، خصوصًا المواد الغذائية ومنتجات النظافة.
و هذه التخفيضات جاءت في وقت يشهد فيه السوق المحلي ركودًا ملحوظًا، ما دفع التجار إلى اتخاذ خطوات تسويقية استثنائية للتخلص من مخزون المنتجات الإيرانية.
ورغم العروض الجذابة، لوحظ ضعف كبير في الإقبال على شراء تلك المنتجات، ما أدى إلى تكدسها على رفوف المحال التجارية بصورة لم تكن مألوفة في السنوات الماضية.
ومراقبون محليون أشاروا إلى أن حالة النفور الشعبي من المنتجات الإيرانية باتت واضحة، خصوصًا في المناطق التي تعاني من تبعات الحرب والتمدد الأيديولوجي الإيراني.
*حملة المقاطعة.. وعي يتسع:*
و يعود هذا العزوف الشعبي عن شراء المنتجات الإيرانية إلى تصاعد وتيرة حملة المقاطعة الشعبية التي أطلقها ناشطون ومواطنون منذ أشهر.
و الحملة ركزت على تحميل إيران مسؤولية مباشرة في تأجيج الحرب في اليمن عبر دعمها العسكري والمالي للحوثيين، ما جعل منتجاتها مرتبطة نفسيًا بالدمار.
وساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على إيصال صوت المقاطعة إلى نطاق واسع من المجتمع، لا سيما فئة الشباب والناشطين المدنيين.
ومؤسسات مدنية انضمت لاحقًا إلى الحملة، وأطلقت حملات توعية عبر الملصقات والمنشورات الرقمية تدعو المواطنين إلى الامتناع عن شراء أي منتج إيراني.
ويقول أحد منظمي الحملة إن هدفها الأساسي هو "تجفيف منابع التمويل غير المباشر للعدوان الإيراني على الشعب اليمني عبر الاقتصاد اليومي".
*الباركود 626:*
وواحدة من أبرز أدوات التوعية التي استخدمتها الحملة هي نشر معلومات حول رموز الباركود، خصوصًا الرقم (626) الذي يشير إلى منشأ إيراني.
و بات الرقم 626 معروفًا لدى عدد كبير من المستهلكين الذين أصبحوا يتجنبون أي منتج يبدأ به، حتى دون النظر إلى تفاصيل أخرى.
وهذا الوعي يعكس درجة من النضج الاستهلاكي لم تكن حاضرة بنفس القوة قبل سنوات، حيث كان المستهلك اليمني أقل دراية بمصدر المنتجات.
و تقول إحدى المشاركات في الحملة إن التركيز على رقم الباركود سهّل على الناس مهمة التمييز والاختيار الواعي، بعيدًا عن التعقيد.
وقد ظهرت مبادرات مجتمعية بسيطة، كتعليق أوراق توعوية على أبواب المحال، تُظهر قائمة بمنتجات إيرانية شائعة تحمل هذا الرمز.
*مقاومة ناعمة:*
و الناشطون يعتبرون حملة المقاطعة سلاحًا في معركة "الاستقلال الاقتصادي" عن الهيمنة الإيرانية.
و ينظر إلى كل منتج إيراني يُشترى في اليمن على أنه سهم مالي في قلب الوطن، وفقًا لتعبير أحد منظمي الحملة.
و في السياق السياسي، يرى محللون أن المقاطعة تُعبّر عن رفض شعبي واسع للنفوذ الإيراني ورفض غير مباشر لمشروع ولاية الفقيه.
كما أن الحملة تعزز من مفهوم "السيادة الاقتصادية"، وهو أحد أركان التحرر الفعلي لأي بلد يعاني من التدخلات الخارجية.
ويتوقع محللون أن يتسع هذا الوعي أكثر في حال تم ربطه بملف الانتهاكات والجرائم التي تورطت فيها ميليشيا الحوثي بدعم إيراني.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news