نهاية عصر تصدير الديمقراطية

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 109 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
نهاية عصر تصدير الديمقراطية

هناك توجه غربي عالمي متزايد للتخلي عن تصدير الديمقراطية والعلمنة للشعوب النامية، والتعامل معها كما هي، بل ودعم الوصول إلى حالة من الاتساق أو الانسجام بين المجتمعات ومن يحكمونها. بدأ التنفيذ بالعراق الذي بالرغم من انقسامات الأغلبية الشيعية (السياسية) فيه، إلا أن التوجه العام في الغرب ملتزم بترك المجتمع العراقي يتسق مع نفسه ومع الطبقة التي لها الغلبة واليد الطولى، وأي تداول سلمي للسلطة في بغداد أصبح يقتصر على المجموعات الشيعية: تداول داخل البيت نفسه.

في ملف أفغانستان أيضاً اعترفت الولايات المتحدة ضمنياً أن البلد القبائلي المتدين لا تليق به إلا حكومة تشبه قاعدته الاجتماعية العريضة، وطالبان كانت القوة الجاهزة لاستلام السلطة، وقد تم لها الأمر.

ثم جاء الملف السوري الذي استمر طبخه على نار هادئة، والتفت المعنيون بهذا الملف ووجدوا أن القوى والفصائل التي لها الحضور الطاغي على الأرض تستحق أن تتسلم ملف الإدارة ثم السلطة ثم الدولة، وأنها يمكن أن تنجح أكثر من المعارضين الذين اكتسبوا شهرتهم أمام الميكروفونات على طاولات اجتماعات الفنادق المكيفة.

أمام هذا التوجه المتزايد لترك شعوب المنطقة تنتج الحكومات التي على مقاسها والتي تشبهها وتليق بها، لم يعد أمام الأصوات المتطلعة للتحديث والتغيير والعلمنة والترقي الاجتماعي والسياسي، إلا أن تطوي أوراقها وتعود إلى العمل من الصفر، أي من قاع المجتمع.

لا أقول إن على النخب الرضوخ والتماهي مع حكومات الأمر الواقع هنا وهناك، ولكن أمام النخب فرصة لمراجعة الإخفاقات وتغيير أساليب التفكير والعمل، والتساؤل بشأن أسباب فشل المشاريع السياسية والفكرية السابقة، ومعرفة أين يكمن الخلل. ولا شك أن أبرز وأخطر خلل يتمثل في التعالي على المجتمعات ومجاملة وخدمة من حكمها بالقهر والإذلال، حتى ارتبطت مشاريع القومية ومعظم رؤى التحديث والعلمنة السياسية بخدمة الديكتاتور، والأمر يسري حتى على جماعات الإسلام السياسي التي لا مواقف أخلاقية وعادلة لديها عندما تكون شريكة في الحكم حتى مع أسوأ الحكام.

ما الذي يجعل بلداً مثل اليمن مضت على ثورته التحررية من الثيوقراطية والكهنوت الديني الإمامي أكثر من 6 عقود لينتكس من جديد؟ وهل ستتجه القوى الدولية والإقليمية إلى شرعنة تولي جماعة صعدة وقائدها لحكم أجزاء واسعة من شمال اليمن، تماشياً مع النهج الجديد الذي يقضي بترك المجتمعات في الشرق، تنتج السلطات التي ترتضيها وتشبه الأغلبية؟ وهل جماعة صعدة تشبه الأغلبية أم تستند إلى التغلب حتى في مناطق نفوذها؟ أم أن كل ما يحدث مؤامرة أكبر من كونها نوعاً من التخلي الأجنبي عن التدخل في بلداننا؟

الخلاصة من كل ما سبق تتمثل في الاكتشاف الغربي المتأخر أن التجارب في أفغانستان والعراق كانت مكلفة بشرياً ومادياً واستراتيجياً وأن التدخلات العسكرية الطويلة والجهود المكثفة لإعادة بناء الدول على أسس ديمقراطية ليبرالية لم تنجح. ويبدو أن دوائر صنع القرار الغربية أدركت أن البنى الاجتماعية والدينية والطائفية العميقة في هذه المجتمعات أكثر تعقيداً ومقاومة للتغيير المفروض من الخارج مما كان يتخيله صانع القرار والمحلل الغربي.

صحيح أن صعود ترامب جاء ليكشف تنامي التيار الانعزالي الغربي والشكوك المتزايدة تجاه جدوى التدخلات الخارجية، لكن هذا التيار كان في الأصل موجوداً ومتنامياً حتى في عهد أوباما.

نحن نشهد منذ سنوات بالتدريج تحولاً في السياسة الغربية يركز على مصالح مباشرة ليس من بينها الحرص على تصدير الديمقراطية، والمطلوب الآن من أي حكومة مهما كان لونها وخلفيتها في مناطق العرب والمسلمين أن تضمن فقط الجدية في مكافحة الإرهاب واستمرار تدفق الطاقة في حال كانت بلدا نفطيا، رغم أن هذا الهدف سوف يتقلص مع الوقت بعد تزايد إنتاج الطاقة البديلة، وآخر ملف مطلوب من الحكومات الجديدة التي ستنشأ تباعا في المنطقة أو التي سيتم تثبيتها وضمان حمايتها وتركها كما هي أن تساعد في الحد من الهجرة إلى الغرب. أما الديمقراطية وحقوق الإنسان فقد أصبحت خصوصا في عهد ترامب من أحاديث الماضي والزمن الجميل وفي أحسن الأحوال إكليشيهات خطابية للاستهلاك ولا أحد مستعد لتمويل تحقيقها على الأرض.

وفي الواقع لقد نجح المصريون عندما تخلصوا من حكم الإخوان سريعاً ، وإلا كانت مهمة دعمهم وتثبيتهم ستكون مسألة تركية غربية ذات أولوية وفقاً للتوجه الجديد الساعي إلى البحث عن (أرخص) الحكام وأكثرهم شبهاً بواقعنا الكئيب.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

شاهد موقف الرئيس العليمي من وساطة الشيخ البركاني بين الحكومة ومليشيا الانتقالي الجنوبي

المشهد الدولي | 680 قراءة 

المستشار الرئاسي بدر باسلمه يكشف سبب تمدد الانتقالي الى حضرموت والمهرة

يمن فويس | 460 قراءة 

اليمن: المجلس الانتقالي الجنوبي يعلن السيطرة على منطقة نفطية استراتيجية ويعرض شراكة مع واشنطن ضد الحوثيين

يمن فيوتشر | 440 قراءة 

القبض على امرأة تسرق مقتنيات النساء من قاعات الأعراس صنعاء.. والعثورعلى مفاجأة صادمة بحوزتها (صورة)

المشهد اليمني | 437 قراءة 

السلطات في دبي تحث السكان على البقاء في المنازل

العاصفة نيوز | 407 قراءة 

قوات الجيش اليمني تعلن عن موقفها من الأحداث الأخيرة في حضرموت والمهرة

يمن فويس | 362 قراءة 

ميليشيا الحوثي ترسل تعزيزات غير مسبوقة نحو جنوب اليمن تحضيرًا لهجوم عسكري كبير - [تفاصيل]

بوابتي | 331 قراءة 

اللواء عيدروس الزُبيدي يكشف عن هدف الانتقالي من السيطرة على محافظات الجنوب ويتحدث عن الهدف القادم وقال قيادة الاخوان فشلت في تحرير صنعاء وانحرفت نحو الاسترخاء

المشهد الدولي | 314 قراءة 

قوات درع الوطن تواصل انتشارها في حضرموت .. صور

يمن فويس | 295 قراءة 

العثور على جثة شاب في يافع تاركا رسالة كتب فيها: لا تصلوا عليَّ ولا تقبروني.. اتركوني

بوابتي | 279 قراءة