نهاية عصر تصدير الديمقراطية

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 55 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
نهاية عصر تصدير الديمقراطية

هناك توجه غربي عالمي متزايد للتخلي عن تصدير الديمقراطية والعلمنة للشعوب النامية، والتعامل معها كما هي، بل ودعم الوصول إلى حالة من الاتساق أو الانسجام بين المجتمعات ومن يحكمونها. بدأ التنفيذ بالعراق الذي بالرغم من انقسامات الأغلبية الشيعية (السياسية) فيه، إلا أن التوجه العام في الغرب ملتزم بترك المجتمع العراقي يتسق مع نفسه ومع الطبقة التي لها الغلبة واليد الطولى، وأي تداول سلمي للسلطة في بغداد أصبح يقتصر على المجموعات الشيعية: تداول داخل البيت نفسه.

في ملف أفغانستان أيضاً اعترفت الولايات المتحدة ضمنياً أن البلد القبائلي المتدين لا تليق به إلا حكومة تشبه قاعدته الاجتماعية العريضة، وطالبان كانت القوة الجاهزة لاستلام السلطة، وقد تم لها الأمر.

ثم جاء الملف السوري الذي استمر طبخه على نار هادئة، والتفت المعنيون بهذا الملف ووجدوا أن القوى والفصائل التي لها الحضور الطاغي على الأرض تستحق أن تتسلم ملف الإدارة ثم السلطة ثم الدولة، وأنها يمكن أن تنجح أكثر من المعارضين الذين اكتسبوا شهرتهم أمام الميكروفونات على طاولات اجتماعات الفنادق المكيفة.

أمام هذا التوجه المتزايد لترك شعوب المنطقة تنتج الحكومات التي على مقاسها والتي تشبهها وتليق بها، لم يعد أمام الأصوات المتطلعة للتحديث والتغيير والعلمنة والترقي الاجتماعي والسياسي، إلا أن تطوي أوراقها وتعود إلى العمل من الصفر، أي من قاع المجتمع.

لا أقول إن على النخب الرضوخ والتماهي مع حكومات الأمر الواقع هنا وهناك، ولكن أمام النخب فرصة لمراجعة الإخفاقات وتغيير أساليب التفكير والعمل، والتساؤل بشأن أسباب فشل المشاريع السياسية والفكرية السابقة، ومعرفة أين يكمن الخلل. ولا شك أن أبرز وأخطر خلل يتمثل في التعالي على المجتمعات ومجاملة وخدمة من حكمها بالقهر والإذلال، حتى ارتبطت مشاريع القومية ومعظم رؤى التحديث والعلمنة السياسية بخدمة الديكتاتور، والأمر يسري حتى على جماعات الإسلام السياسي التي لا مواقف أخلاقية وعادلة لديها عندما تكون شريكة في الحكم حتى مع أسوأ الحكام.

ما الذي يجعل بلداً مثل اليمن مضت على ثورته التحررية من الثيوقراطية والكهنوت الديني الإمامي أكثر من 6 عقود لينتكس من جديد؟ وهل ستتجه القوى الدولية والإقليمية إلى شرعنة تولي جماعة صعدة وقائدها لحكم أجزاء واسعة من شمال اليمن، تماشياً مع النهج الجديد الذي يقضي بترك المجتمعات في الشرق، تنتج السلطات التي ترتضيها وتشبه الأغلبية؟ وهل جماعة صعدة تشبه الأغلبية أم تستند إلى التغلب حتى في مناطق نفوذها؟ أم أن كل ما يحدث مؤامرة أكبر من كونها نوعاً من التخلي الأجنبي عن التدخل في بلداننا؟

الخلاصة من كل ما سبق تتمثل في الاكتشاف الغربي المتأخر أن التجارب في أفغانستان والعراق كانت مكلفة بشرياً ومادياً واستراتيجياً وأن التدخلات العسكرية الطويلة والجهود المكثفة لإعادة بناء الدول على أسس ديمقراطية ليبرالية لم تنجح. ويبدو أن دوائر صنع القرار الغربية أدركت أن البنى الاجتماعية والدينية والطائفية العميقة في هذه المجتمعات أكثر تعقيداً ومقاومة للتغيير المفروض من الخارج مما كان يتخيله صانع القرار والمحلل الغربي.

صحيح أن صعود ترامب جاء ليكشف تنامي التيار الانعزالي الغربي والشكوك المتزايدة تجاه جدوى التدخلات الخارجية، لكن هذا التيار كان في الأصل موجوداً ومتنامياً حتى في عهد أوباما.

نحن نشهد منذ سنوات بالتدريج تحولاً في السياسة الغربية يركز على مصالح مباشرة ليس من بينها الحرص على تصدير الديمقراطية، والمطلوب الآن من أي حكومة مهما كان لونها وخلفيتها في مناطق العرب والمسلمين أن تضمن فقط الجدية في مكافحة الإرهاب واستمرار تدفق الطاقة في حال كانت بلدا نفطيا، رغم أن هذا الهدف سوف يتقلص مع الوقت بعد تزايد إنتاج الطاقة البديلة، وآخر ملف مطلوب من الحكومات الجديدة التي ستنشأ تباعا في المنطقة أو التي سيتم تثبيتها وضمان حمايتها وتركها كما هي أن تساعد في الحد من الهجرة إلى الغرب. أما الديمقراطية وحقوق الإنسان فقد أصبحت خصوصا في عهد ترامب من أحاديث الماضي والزمن الجميل وفي أحسن الأحوال إكليشيهات خطابية للاستهلاك ولا أحد مستعد لتمويل تحقيقها على الأرض.

وفي الواقع لقد نجح المصريون عندما تخلصوا من حكم الإخوان سريعاً ، وإلا كانت مهمة دعمهم وتثبيتهم ستكون مسألة تركية غربية ذات أولوية وفقاً للتوجه الجديد الساعي إلى البحث عن (أرخص) الحكام وأكثرهم شبهاً بواقعنا الكئيب.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

الرئيس العليمي يوجه اللواء العرادة بأمر عسكري هام

يمن فويس | 734 قراءة 

مصلى العيد يتحول إلى مسرح للجريمة.. فتحي بن لزرق يعلق على التفاصيل الصادمة!

نيوز لاين | 545 قراءة 

إغلاق طريق الضالع -صنعاء عقب حدوث هذا الأمر!

كريتر سكاي | 511 قراءة 

زعيم تنظيم القاعدة في اليمن يتوعد ترامب وماسك وقيادات دول الخليج ومصر والأردن

الموقع بوست | 482 قراءة 

للمرة الأولى .. ظهور علني لشقيق عيدروس الزبيدي بشوارع عدن(صور)

جهينة يمن | 415 قراءة 

مجزرة دمويّة في مسجد.. مسلح يقتل 24 مصلي بإطلاق نار وقنبلة أثناء صلاة المغرب في رداع

نافذة اليمن | 381 قراءة 

لكي نفهم ماحدث في مارب وكيف انتهى...

يني يمن | 364 قراءة 

إغلاق الطريق الرئيسي الرابط بين عدن وصنعاء الذي تم فتحه قبل أيام

يمن فويس | 344 قراءة 

من المستشفى الى المذبحة .. الكشف عن تفاصيل وهوية مرتكب مجزرة مسجد برداع قتل واصاب عشرات المصلين

المشهد اليمني | 320 قراءة 

بيان شديد اللهجة من السفارة الأمريكية في اليمن ضد مليشيات الحوثي الارهابية (تفاصيل)

الحكمة نت | 277 قراءة