على حافة السقوط

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 418 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
 على حافة السقوط

على حافة السقوط

قبل 18 دقيقة

اليمن المسمى"سعيدًا" لم يعد  كذلك،إنه يشهد اليوم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية والسياسية في العالم

.

باتت تتنازعه الصراعات الداخلية، والفقر المدقع، والانقسامات السياسية والمناطقية، وسط غياب تام لأي أفق انفراج او معالجات جذرية تنقذه من هذا الواقع المخيف.

فما بين الأمس واليوم، تغيرت ديموغرافيته، وتحوله من دولة إلى ساحة مفتوحة للصراع الإقليمي والدولي، متأرجحًا بين المعاناة وفقدان الأمل.

ومع ذلك لم يكن ماضي اليمن خاليًا من التحديات، لكنه كان محتفظًا بجزء من الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وتحديدًا بعد توحيد شطريه في العام 1990م ،وبرغم الفقر والبطالة وضعف البنية التحتية، كانت البلاد لها مؤسسات دولة ، تحاول ولو بشكل محدود تلبية احتياجات مواطنيها، ولها توجهات لبناء نظام ديمقراطي ناشئ، وإجراء انتخابات رئاسية ومحلية واتسعت فيها مساحة الرأي وحرية الصحافة.

لكن جذور المشكلة والمعاناة تشكّلت تدريجيًا مع تفشي الفساد والتهميش ، واحتكار السلطة والثروة في يد فئة، ما مهد لانفجار اجتماعي وسياسي مع ما عرف بـ"ثورات الربيع العربي".

فكل يوم يزداد الواقع تعقيدًا والحياة بؤسا،

منذ اندلاع الحرب في 2015م وسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، كان نتاجها دخول اليمن منعطفًا جديدًا من التدهور المتسارع غير المسبوق،حيث دمّرت الحرب البنية التحتية، وقسمت البلاد إلى مناطق نفوذ متعددة، وعجزت الحكومة الشرعية عن ممارسة سلطتها على الأرض،  والمواطن يعيش مرارة الفقر، وألم الجوع وانعدام الأمن، وتدهور الخدمات الأساسية على رأسها الصحة والتعليم.

فالعناء اليومي ملازم لليمني ورفيق دربه، فهو واقع في قبضة الشظف وسوء التغذية، إذ أن أكثر من 20 مليون يمني بحاجة إلى تدخلات إنسانية، بينهم ملايين الأطفال يعانون  سوء التغذية الحاد، و الانهيار الاقتصادي وفقدان الريال كل قيمته أكمل المتبقي، ما فتح بوابة الولوج إلى الجحيم، فاستعرت الأسعار ، وانقطعت رواتب الموظفين في كثير من المناطق وتضاءلت في مناطق أخرى.. كل ذلك ألقى بثقله على كاهل الشعب، وغرز في منحره مدية الموت الإجباري.

إن قسوة غياب الدولة في الواقع أذكى نوازع التشرذم لمعظم أنحاء البلاد، فغابت السلطة الفعلية وانتشرت الجريمة المنظمة، والانفلات الأمني، ودمار للتعليم هو الكارثة الأنكى، فغدت  آلاف المدارس خارج الجاهزية وأخرى متضررة كليًا أو جزئيًا، واستخدامها ثكنات عسكرية، فتسرب ملايين الأطفال من المدارس وشكل واقعًا مربكًا يسير نحو  السقوط بخطىً متسارعة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

لفد تمزق النسيج الاجتماعي بفعل الصراع الطائفي  والمناطقي الذي يتعمق كل يوم، وتمضي مآلاته نحو اجتثاث وحدة اليمن وطمس الهوية الوطنية، نتيجة تعدد السلطات والحكومات الموازية، وهو أمر مفاده استحالة بناء سياسات موحدة.

علاوة على ذلك، فإن الاعتماد على الخارج من قبل بعض الأطراف _على رأسها مليشيا الحوثي الإرهابية_، جعل الحل مرهونا بإرادة القوى الإقليمية والدولية وليس بأيدي اليمنيين.

كما أن ظاهرة التهجير الممنهج والنزوح لملايين اليمنيين عقّد الوضع الإنساني ،وغيّب المعالجات الناجعة،ومعها تعددت المبادرات الأممية والدولية، التي لم تحرز أي تقدم فعلي يفضي إلى السلام، لافتقارها للضغط  الحقيقي على الأطراف المتسببة بمعاناة الشعب، وغالبًا ما تعمل مليشيا الحوثي على إفشالها، لتستفيد من الوضع القائم ، فتعثرت المفاوضات باستمرار نتيجة غياب الثقة، والتدخلات الإقليمية التي تعمق الصراع بدلاً من حله، والمعونات المقدمة للناس لا تكفي، وغالبًا ما تنهب أو تستخدم لأغراض سياسية.

فإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن المستقبل  يشي بالمزيد من الانهيار، والخشية تخامر الجميع من تقسيم فعلي محتمل للبلاد، وظهور كيانات متطرفة وعصبوية في ظل الفوضى القائمة، وبروز أزمة إنسانية قد تتوسع إلى كارثة.

ومع ذلك لا يزال هناك بصيص أمل مشروط بحدوث تغييرات حقيقية معززة بإرادة سياسية وطنية لإنهاء الحرب، يلعب فيها الدور الإقليمي والدولي أسلوب المتبني والضاغط، وإعادة بناء الدولة على أسس وطنية ديمقراطية ، وتعزيز المصالحة المجتمعية، ودمج المكونات المختلفة تحت مظلة واحدة هي: الدستور والقانون والنظام الجمهوري.

فالوضع الذي يقف اليوم على فوهة بركان ومفترق طرق ليس بحاجة لمساعدات بل لحلول سياسية شاملة، وفق رؤية وطنية جامعة تستعيد الدولة بمختلف مؤسساتها.

إن قتامة الصورة بين اليأس والحلم ، تبقي الأمل معقودًا على ما يحدثه الوعي الجمعي من تغيير ، وتوجهات جادة يقدمها المجتمع الدولي لوضع حد لهذه المأساة والمعاناة الممتدة منذ سنوات.

*عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

قرارات رئاسية جديدة مرتقبة طال انتظارها بحضرموت

مراقبون برس | 628 قراءة 

ممنوع تحويل أكثر من هذا المبلغ إلى خارج السعودية ومن يخالف القرار سيتم ترحيله فوراً

نيوز لاين | 589 قراءة 

خارطة سعودية لإعادة تقسيم جنوب وشرق اليمن مع رضوخ الانتقالي

اليمن السعيد | 438 قراءة 

تطورات مفاجئة ...جماعة الحوثي تتحدث عن صواريخ ومحركات فرط صوتيه مدمجة بالذكاء الاصطناعي"شاهد"

جهينة يمن | 394 قراءة 

صدور قرار مصيري من هذه الجهة سيؤثر على ملايين المستخدمين والذي بدأ تنفيذه من قبل ساعات من الآن هل أنت من ضمن من شملهم القرار سارع في معرفة ذلك

جهينة يمن | 384 قراءة 

قرارات رئاسية جديدة مرتقبة طال انتظارها بحضرموت

جهينة يمن | 376 قراءة 

أول تعليق لرئيس الوزراء "بن بريك" عقب وصوله عدن

جهينة يمن | 329 قراءة 

سيتم ترحيله فوراً...ممنوع تحويل أكثر من هذا المبلغ إلى خارج السعودية ومن يخالف القرار

جهينة يمن | 322 قراءة 

ناقوس الخطر (قُرِع)!.. شبوة وأبين والزحف الإفريقي فهل نحن على أعتاب انفجار أمني؟!

موقع الأول | 259 قراءة 

المجلس الانتقالي يصدر بيانًا بشأن فتح طريق "ثرة" أبين - البيضاء

جهينة يمن | 243 قراءة