في واحدة من أخطر الفضائح الصحية التي تهز القطاع الصحي في محافظة أبين، كشفت مصادر موثوقة عن تعرض جهاز الأكسجين المركزي الوحيد في مستشفى الرازي بمدينة جعار – المستشفى الرئيسي في المحافظة – لعملية نهب منظمة، جرت تحت غطاء إداري وبتسهيلات من شخصيات محسوبة على جهات صحية عليا، في ظل صمت مطبق من قبل الجهات الرسمية.
الواقعة، التي وصفت بأنها “جريمة صحية مكتملة الأركان”، تأتي في توقيت بالغ الخطورة، حيث تشهد محافظة أبين تفشيًا وبائيًا حادًا، يُعتقد أنه مرتبط بحالات تسمم تنفسي أو انتشار فيروسي، وهو ما يجعل توفر الأكسجين في أقسام العناية المركزة والطوارئ مسألة حياة أو موت.
عملية نهب وسط تواطؤ وصمت رسمي
بحسب المعلومات الأولية، فقد جرت عملية تفكيك ونقل جهاز الأكسجين المركزي من داخل المستشفى خلال أيام العطلة، وبتسهيلات من بعض الإداريين الذين عملوا على تهيئة الظروف الأمنية واللوجستية لإتمام العملية. ولم تُعرف حتى اللحظة الجهة التي تم نقل الجهاز إليها، وسط تسريبات تتحدث عن تورط أطراف نافذة في القطاع الصحي تسعى للاستفادة من الجهاز في منشآت خاصة أو لمآرب تجارية.
المصادر أكدت أن لا وجود لأي محضر رسمي أو توجيه إداري موثق يبيح أو يشرح أسباب سحب الجهاز، ما يعزز فرضية النهب المتعمد لأحد أهم المعدات الحيوية في المستشفى، خاصة وأنه كان يغذي أقسام الطوارئ والعناية المركزة، ويستخدم في إنقاذ حياة عشرات المرضى يومياً.
تهديد مباشر لحياة المرضى
تداعيات هذه الجريمة الصحية لم تتأخر في الظهور، حيث أكد أطباء في مستشفى الرازي أنهم باتوا عاجزين عن التعامل مع الحالات الحرجة، خصوصاً مرضى الجهاز التنفسي، ومرضى كوفيد والربو والتهابات الرئة المزمنة، والمواليد الذين يحتاجون إلى دعم أكسجيني دائم. كما أصبحت حياة مرضى العناية المركزة في خطر محدق، في ظل غياب البدائل أو تدخلات عاجلة من وزارة الصحة أو السلطات المحلية.
سوء إدارة ممنهج
وتشير أصابع الاتهام إلى منظومة فساد ممتدة داخل القطاع الصحي في المحافظة، تستغل نفوذها الإداري والسياسي لتنفيذ أعمال نهب وتخريب للمرافق الطبية العامة، دون مراعاة لحاجة السكان أو خطورة الوضع الصحي المتدهور. ويرى مراقبون أن هذه الجريمة تأتي ضمن سلسلة من مظاهر سوء الإدارة، التي ضربت عمق النظام الصحي في أبين، وأدت إلى انهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية.
دعوات لمحاسبة المتورطين واستعادة الجهاز
في أولى ردود الأفعال، أطلقت “منصة أبناء أبين وشبوة” حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب بفتح تحقيق فوري وشفاف حول عملية النهب، ومحاسبة كل من يثبت تورطه من مسؤولين وإداريين وشخصيات متنفذة. كما طالب نشطاء بعودة الجهاز فوراً إلى المستشفى، مؤكدين أن صمت السلطات الصحية في أبين، وفي مقدمتها وزارة الصحة، يعد تواطؤاً غير مبرر وتفريطاً بأرواح المواطنين.
ردود فعل غاضبة من الأهالي
سكان مدينة جعار ومناطق مجاورة عبروا عن استنكارهم الشديد لما وصفوه بـ”العبث بأرواح الفقراء”، مؤكدين أن ما يحدث في مستشفى الرازي هو امتداد لنهج الإهمال واللامبالاة الذي تتعامل به الجهات الصحية مع معاناة المواطن. وقال أحد الأهالي: “حين يُسرق جهاز أوكسجين من مستشفى حكومي، فهذه رسالة واضحة أن حياة الناس لا تعني شيئًا لدى المسؤولين”.
أبين أمام مفترق خطير
يأتي هذا التطور في وقت يعاني فيه النظام الصحي في محافظة أبين من نقص حاد في الإمكانيات، وغياب الدعم الحكومي، وانعدام الأدوية والمستلزمات الطبية. ويخشى المراقبون أن تكون هذه الحادثة مقدمة لانهيار شامل في منظومة الرعاية الصحية، ما لم يتم التحرك العاجل على المستويين المحلي والمركزي لوضع حد لهذا التدهور الخطير.
ختاماً، فإن جريمة نهب جهاز الأكسجين من مستشفى الرازي لا تمثل فقط اعتداءً على منشأة طبية، بل هي اعتداء مباشر على حق الإنسان في الحياة، وهو ما يتطلب وقفة جادة من الجهات المعنية، وإعلان حالة طوارئ صحية لمواجهة التدهور الذي بات يهدد حياة مئات المواطنين الأبرياء.
شارك هذا الموضوع:
فيس بوك
X
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news