تشهد مدينة عدن، جنوب اليمن، واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والصحية في تاريخها الحديث، حيث تحولت شوارع المدينة إلى ساحات لانتشار وباء قاتل راح ضحيته العشرات خلال أيام قليلة، فيما تستمر معاناة المواطنين من انقطاع الكهرباء والمياه، وتراكم القمامة وطفح المجاري، دون أي استجابة من قبل الجهات المسؤولة التي تبقى صامتة أمام ما يجري.
في ظل حالة الإهمال والتقصير التي تعيشها العاصمة الجنوبية، أكد مواطنون لـ"المشهد اليمني" أن الوضع في عدن بلغ حدًا كارثيًا، مع تصاعد وباء مجهول الهوية يفتك بالسكان بلا هوادة، في وقت تُركوا فيه وحدهم دون دعم طبي أو تدخل حكومي حقيقي.
وأشار السكان إلى أن انقطاع الكهرباء عن معظم أحياء المدينة يزيد الأمر سوءًا، ويحرم السكان من تشغيل مضخات المياه الخاصة، ما أدى إلى نفاد مصادر المياه النظيفة، واضطرار الأطفال إلى التسلق على الجبال والذهاب إلى المساجد بحثًا عن رشفة ماء، بينما يضطر آخرون إلى شراء "البوز" (عبوات المياه الصغيرة) بأسعار مرتفعة لا تتحملها غالبية الأسر المتعففة.
وفي مشهد مؤلم، ظهرت طفلة يوم الخميس الموافق 22 مايو، وهي تحمل أوعية مياه من خزانات السبيل لتوزيعها على أهل حي الخساف، خلف وزارة العمل بحي المعبد، تحت لهيب الشمس الحارقة، في تضحية تجسد معاناة آلاف الأطفال والنساء وكبار السن الذين ينقلون المياه بشق الأنفس في ظروف غير إنسانية.
وأكد أحد المواطنين أن انقطاع الكهرباء يستمر لأكثر من 20 يومًا متواصلة، وأن المياه لم تعد تصل إلى منازلهم منذ أسابيع، مما اضطرهم للبحث عنها في أماكن بعيدة ومنقطعة، في ظل عدم وجود أي خدمات إنقاذ أو تدخل من قبل السلطات المحلية.
تُظهر هذه الكارثة حجم الفشل الذريع الذي تعاني منه المؤسسات الحكومية في عدن، حيث يعيش المسؤولون في عزلة تامة عن الواقع المرير الذي يعيشه المواطن البسيط، فيما تبقى المشاريع التطويرية والخدمية مجرد كلمات على الورق، أو مخصصات مالية تختفي في جيوب الفاسدين.
النداء:
أمام هذا الوضع المأساوي، يناشد أهالي عدن المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية التدخل العاجل لإغاثتهم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن تتحول المدينة إلى مقبرة جماعية بسبب الأمراض والجفاف والإهمال المتعمد.
ما يجري في عدن ليس مجرد أزمة خدمات، بل هو انهيار شامل للبنية التحتية والمنظومة الصحية والمعيشية، يتطلب موقفًا وطنيًا وإنسانيًا جادًا، يوقف هذا التدهور المتسارع ويضع حدًا لمعاناة مليون نسمة يعيشون اليوم بدون أدنى مقومات الحياة الكريمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news