رغم انشغالي الدائم بعوالم الفضاء اللامتناهية، ورحلتي المستمرة نحو النجوم والمجرات، إلا أنني وجدت نفسي اليوم مشدودًا إلى شخصية أرضية من نوع نادر، لا تقل في قيمتها ومكانتها عن أسمى ما أراه عبر التلسكوبات. إنني أكتب اليوم عن رجل لم يصعد إلى الفضاء، لكنه ارتفع بأخلاقه إلى مراتب لا يبلغها إلا القليل. رجل فرض احترامه في قلوب من حوله قبل أن يعرفه الإعلام، واستحق أن يُكتب عنه، لا لمكانته الرسمية، بل لمكانته الإنسانية والأخلاقية.
لست هنا لأتحدث عن مسؤول يبحث عن الشهرة أو شخصية تتفنن في لفت الأنظار، بل عن إنسان لو أنصفه الإعلام لكان في طليعة من يُحتفى بهم، وهو الأستاذ أمين أحمد اليافعي الذي لم يعرف طريق الأضواء أو الألقاب، لكنه يسير بنوره بين الناس في كل خطوة. خلال مسيرتي العلمية والعملية، قابلت من الوزراء والمسؤولين في الدولة، لكن لم يثر إعجابي أحد منهم، ولم يبلغ أي منهم نصف ما حققه الأستاذ أمين من أثر إيجابي حقيقي في المجتمع. هو قدوة نادرة لا تنتظر التصفيق ولا تسعى وراء المناصب، بل يعمل بصمت، مؤثرًا في القيم والأخلاق بصدق وتواضع وأمانة.
منذ أن عرفته، عرفت معنى الثبات على المبادئ، والصدق في التعامل، والإخلاص في العمل. الأستاذ أمين، الذي عاش حياته في خدمة الناس وبيوت الله، هو مثال للمربي الصالح، والجار الصادق، والإنسان الذي يجمع بين الدين، التواضع، الأخلاق، وخدمة المجتمع. لم أر فيه يومًا كبرًا أو تفاخرًا، بل وجدت فيه شخصًا يعيش بمعاني الرجولة والوفاء، ويزرع الخير في محيطه دون أن يتحدث عن ذلك.
ورغم أنه معلّم في زمن أرهق فيه المعلمون وتُركوا يواجهون ضغوط الحياة وحدهم، إلا أنه لم يستسلم للظروف. بل شق طريقه بإصرار، وأثبت أن العطاء لا يُقيّده موقع أو ظرف. فقد برع في مجالات مهنية عديدة، حتى أصبح كهربائيًا بارعًا، ومهندسًا موهوبًا، ومستشارًا أمينًا لدى كثير من تجار العقارات الذين وضعوا فيه ثقتهم الكاملة، لما لمسوه من أمانة وإتقان وصدق لا يتكرر كثيرًا.
وليس غريبًا على رجل مثله أن يكون قدوة لأبنائه، فهم اليوم صورة مشرقة منه: أدب، دين، علم، وحُسن تربية. أبناء يُعتزّ بهم، ويُقال عنهم: "نِعم التربية، ونِعم الأب".
إن الأستاذ أمين أحمد اليافعي ليس مجرد شخص عادي مرّ في الحياة بهدوء، بل هو رمز حيّ للأخلاق العملية، وصورة حقيقية لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان الصالح في هذا الزمن المضطرب. ومهما كتبت عنه، أشعر أنني لا أوفيه حقه. لكنه يستحق أن يُكتب عنه، وأن يُعرف، وأن تُروى قصته للأجيال لتبقى نبراسًا في طريق من يبحث عن القدوة.
حفظك الله يا أستاذ أمين، وبارك فيك وفي ذريتك.
لقد أحببتك في الله، لأنك أحببت الخير، وكنت من أهله.
أخوك وجارك المخلص:. حسان المطري
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news