الجنوب ڤويس | عدن – خاص
في ظل أجواء إقليمية مشحونة وتصاعد التهديدات على خطوط الملاحة في البحر الأحمر، حطَّ وفد أمني دولي رفيع المستوى من منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) رحاله في مدينة عدن، في زيارة تركزت على أمن الموانئ وتدريب الكوادر الأمنية، وامتدت لأربعة أيام شهدت لقاءات مكثفة مع مسؤولين محليين وشخصيات أمنية بارزة.
زيارة تدريبية أم إعادة تموضع دولي؟
الزيارة التي قُدمت رسميًا على أنها جزء من “برنامج تعزيز الأمن البحري في الموانئ اليمنية”، ترافقت مع مؤشرات وتطورات تطرح تساؤلات مشروعة حول أبعادها الحقيقية، خاصة مع تزامنها مع تصعيد عمليات أنصار الله (الحوثيين) في البحر الأحمر واستهدافهم لسفن مرتبطة بإسرائيل.
في هذا السياق، يرى محللون أن الوفد لم يقتصر على التدريب النظري، بل امتد عمله إلى مراجعة النظم التشغيلية للموانئ، وتقييم شبكات الاتصالات، وصولًا إلى الاطلاع على خرائط الحاويات ومناطق التخزين ذات الحساسية العالية.
عدن بين الفُرَص الأمنية والتحديات السيادية
تمثل عدن، بموقعها الاستراتيجي على مدخل باب المندب، نقطة محورية في أي منظومة أمنية بحرية دولية.
غير أن استقبال وفد بهذا المستوى يثير – لدى بعض المراقبين ، مخاوف تتعلق بالسيادة، خاصة إذا ما ارتبط التعاون الأمني بتقارير امتثال دورية تُرفع إلى مراكز دولية في بروكسل أو غيرها، ما قد يُفضي إلى نوع من التبعية الاستخباراتية.
في المقابل، يُجادل آخرون بأن البيئة الأمنية في عدن تحتاج إلى دعم تقني دولي يضمن تأمين الموانئ، ويعيد بناء ثقة شركات الشحن العالمية التي بدأت تبحث عن بدائل أكثر أمانًا، بعد تقارير عن تراجع عبور السفن في مضيق باب المندب بنسبة تصل إلى 50%.
هل تأثرت قناة السويس؟
في سياق موازٍ، كانت هيئة قناة السويس قد أعلنت عن تقديم خصم استثنائي بنسبة 15% لسفن الحاويات العملاقة في محاولة لاستعادة جزء من الحركة الملاحية المفقودة، وهي خطوة تُقرأ ضمن مؤشرات تأثر الملاحة العالمية، وإعادة تقييم كثير من الخطوط البحرية.
مخاوف من التوظيف الاستخباراتي
رغم الطابع العلني للزيارة، إلا أن مصادر غير رسمية تحدّثت لـ “الجنوب ڤويس” عن “توسع الوفد في جمع بيانات ميدانية حساسة”، وربط البعض هذا بالحاجة الغربية إلى تطوير قدرات الاستشعار البحري في عدن، بما يُتيح تتبع أي نشاط أو تحركات مرتبطة بطرف ثالث.
خلاصة المشهد: تعزيز أم احتواء؟
تُجمع القراءات المختلفة على أن عدن دخلت مجددًا دائرة الاهتمام الدولي من بوابة الأمن البحري، لكنّ السؤال الجوهري يبقى حول طبيعة هذا الحضور: هل هو دعم تقني مرحلي لتأمين الموانئ، أم مقدمة لتموضع دولي دائم يعيد رسم حدود النفوذ في جنوب البحر الأحمر؟
وفي ظل استمرار التوتر الإقليمي، يبقى الجنوب أمام اختبار دقيق بين الحفاظ على الشراكة الأمنية الدولية، وضمان عدم التفريط في قراره السيادي، في وقت تتزايد فيه تعقيدات المشهد المحلي والضغط الجيوسياسي من كافة الاتجاهات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news