اخبار وتقارير
"مافيا الصيدليات" في تعز.. سمٌّ يباع على الأرصفة وفسادٌ يقتل المرضى بصمت
الثلاثاء - 13 مايو 2025 - 11:50 م بتوقيت عدن
-
نافذة اليمن - محرم الحاج
ملف الصيدليات المخالفة في مدينة تعز يزداد اتساعًا وتعقيدًا، وقد أصبح مثخنًا بالفساد، والسمسرة، والرشوة، وغياب التخطيط والرقابة، وسط تكشف مستمر لمافيات الدواء وطرق إدارتها الخطرة التي تهدد صحة المواطنين وحياتهم.
ففي الوقت الذي يفترض أن تكون الصيدليات ملاذًا آمنًا للمرضى، تحولت في تعز إلى تجارة مزدهرة تغزو الأحياء الشعبية بكثافة تفوق البقالات والمطاعم. ويُلاحظ ازدهار غير طبيعي في ثراء ملاك بعض الصيدليات، ممن سرعان ما تحولوا إلى مالكي عقارات وسيارات فارهة، وسط غياب رقابي رسمي، فيما تعمل صيدليات أخرى وكأنها مراكز صحية مصغرة دون تراخيص.
وفق شهادات مواطنين، فإن عدداً كبيراً من الصيدليات تُدار من قبل أشخاص غير مؤهلين، بعضهم لا يحمل حتى شهادة إعدادية، الأمر الذي أدى إلى كوارث صحية. المواطنة (ك،ع،س) روت معاناتها، بعد أن اشترت من صيدلية في مديرية المظفر حقنة "ديبروفوس" لطفلها البالغ ثلاث سنوات، بناءً على توصية من البائع الذي لم يكن صيدليًا، وتدهورت حالته الصحية، وكاد يفقد حياته لولا تدخل أطباء مستشفى الصفوة الذين أوضحوا أن الحقنة مخصصة للحساسية وتُعطى فقط لمن تجاوز عمره 21 عامًا.
الأسرة حاولت تقديم شكوى ضد الصيدلية، لكنهم قوبلوا بالتهديد، واكتفوا بقولهم: "حسبنا الله ونعم الوكيل". وليست هذه الحالة الوحيدة، فقد وثّق التحقيق عشرات الإصابات بسبب صرف أدوية خاطئة من قبل عاملين غير مؤهلين.
استبيان غير علمي شمل 10 صيدليات في مركز محافظة تعز كشف أن 75% منها تفتقر لوجود صيادلة مرخصين، ويعمل بها "عمّال" يفتقرون لأي تأهيل. هذه الفوضى تستفيد من ضعف العقوبات في قانون مزاولة مهنة الصيدلة، ومن تهاون إدارة التفتيش التابعة لمكتب الصحة.
(ط،ا،ح)، شاب يبلغ من العمر 25 عامًا، ويعمل في إحدى الصيدليات رغم أن تحصيله لا يتعدى الإعدادية، قال: "نصرف الدواء حسب طلب الزبون وبما يلائم قدرته المادية، حتى أدوية الأمراض المزمنة والخطرة". ويضيف ببرود: "الصيدلية غير مسؤولة عن سوء استخدام العلاج".
فتحي (24 سنة)، طالب في أحد المعاهد الخاصة، أكد أنه يعمل منذ عام ونصف في صيدلية، وبدأ بصرف الأدوية بعد أسبوعين من المراقبة، دون أن يزورهم أي فريق تفتيش طيلة تلك الفترة. وأضاف: "نلجأ لتوظيف خريجي إعدادية وثانوية في الفترة المسائية لتجنب التفتيش".
ويقرّ ملاك صيدليات بأنهم يفضلون توظيف غير المؤهلين لتقليل التكاليف، حيث يتقاضى العامل غير المختص نحو 20 دولارًا شهريًا فقط، أي ما يعادل سدس راتب صيدلي مرخص.
المؤلم أكثر، هو أن هناك صيدليات وهمية تدار بالكامل دون أي ترخيص رسمي، ويتولاها أشخاص لا علاقة لهم بالقطاع الصحي. وبحسب مصدر طبي فضّل عدم ذكر اسمه، فإن الظاهرة ليست جديدة بل تعود لفترة التسعينيات، لكنها تفاقمت بشكل غير مسبوق خلال سنوات الحرب، حيث باتت تهدد حياة الناس، نتيجة صرف الأدوية الخاطئة وجهل العاملين بتفاعلاتها الكيميائية، مما قد يؤدي إلى الوفاة.
وأشار المصدر إلى أن مكتب الصحة يعرف بوجود هذه المخالفات، ويقوم بحملات عبثية "استرزاقية" من وقت لآخر، دون تحقيق نتائج فعلية تحمي حياة الناس.
واختتم المصدر حديثه بمناشدة: "على الأجهزة الرقابية أن تدرك أن صحة المواطن ليست مجالًا للمساومة أو التبرير، بل تستدعي عملاً جادًا ومسؤولًا، فالمواطن يدفع ثمن علاجه ولا ينبغي أن يكون حفر قبره بيديه".
الاكثر زيارة
اخبار وتقارير
السعودية دفعت لحسم الحرب.. وترامب يتراجع: كيف أفلت الحوثيون من قبضة أمريكا؟.
اخبار وتقارير
احتجاجات غاضبة في تعز تطالب بالقبض على قتلة مرسال وتستنكر تواطؤ الأجهزة الأ.
اخبار وتقارير
مصرع قيادي حوثي بارز حاول اختطاف مسلح ضاوي في نقطة تفتيش.
اخبار وتقارير
الحوثي ينشر الرعب في صنعاء ومحافظة أخرى.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news