الجزيرة ترصد تفاقم أزمة الكهرباء الخانقة بعدن

     
مراقبون برس             عدد المشاهدات : 206 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الجزيرة ترصد تفاقم أزمة الكهرباء الخانقة بعدن

في حي شعبي مكتظ بمدينة عدن، يقف منصور سفيان (45 عاما) أمام منزله الغارق في الظلام، محاطا بأطفاله الثلاثة، باحثا بيأس عن نسمة هواء تخفف لهيب صيف قائظ في المدينة التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عاصمة مؤقتة للبلاد.

هذا المشهد لا يشكّل استثناءً، بل يعكس معاناة يومية يعيشها سكان عدن، الذين يرزحون تحت وطأة أزمة كهرباء خانقة، حوّلت حياتهم إلى جحيم لا يُطاق، ودَفعت بالمدينة المنهكة نحو كارثة إنسانية تلوح في الأفق.

يعيش منصور في منطقة الشيخ عثمان مع أسرته المكوّنة من 5 أفراد، يتناوبون في ليالٍ خانقة بين جدران المنزل وسطح يعجّ بالبعوض، كحال آلاف السكان الذين يُجبرون على قضاء لياليهم في العراء أو فوق الأسطح، هربا من غرفٍ تحوّلت بفعل الحر وانقطاع الكهرباء إلى أفران تخنق الأنفاس وتسلب النوم.

فصول المعاناة

تعاني عدن من انهيار شبه تام في منظومة الكهرباء، مع انقطاع يتجاوز 22 ساعة يوميا، في أزمة تُعدّ الأسوأ في تاريخ المدينة التي كانت أول من عرفت خدمة الكهرباء في شبه الجزيرة العربية خلال عشرينيات القرن الماضي.

يقول منصور للجزيرة نت واصفا معاناته: "النوم صار حلما بعيد المنال.. الليل جحيم من الحر، والنهار أشد وطأة"، ويضيف بنبرة يائسة: "نعيش في جحيم لا يُطاق، لا أحد يسمعنا.. وكأننا خارج حسابات الدولة تماما".

ولا تقتصر المعاناة على الحر والأرق، بل تحوّلت الأزمة إلى كابوس يهدد حياة السكان، بعدما ألقت بظلالها على مختلف مناحي الحياة، وأدّت إلى تعطيل الخدمات الحيوية، كالمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية، لتُصبح من أشد فصول المعاناة التي مرت بها المدينة.

وأدى استمرار الانقطاعات خلال الأيام الماضية إلى تصاعد موجة من الغضب الشعبي، حيث خرج السكان في احتجاجات غاضبة شملت إشعال إطارات السيارات وإغلاق الشوارع، تنديدا بتدهور الخدمات العامة، وفي مقدمتها الكهرباء.

والاثنين الماضي، شهدت عدن حادثة مأساوية، حيث تُوفي مواطن وزوجته اختناقًا بغاز أول أكسيد الكربون داخل سيارتهما، بعد لجوئهما إليها للنوم هربًا من الحر الشديد.

ورغم أن أزمة الكهرباء المزمنة تتكرر كل عام في عدن، خاصة خلال فصل الصيف، فإن المدينة لم تشهد من قبل انقطاعا شاملا وطويل الأمد كما يحدث اليوم، ما يهدد حياة السكان ويشلّ المرافق الحيوية.

يصف وكيل محافظة عدن لقطاع المشاريع، المهندس غسان الزامكي، الوضع الراهن بـ"الكارثي والمأساوي"، في ظل ارتفاع درجات الحرارة والانهيار شبه الكامل لمنظومة الطاقة، مؤكدا في حديثه لـ"الجزيرة نت" أن الأزمة تؤثر بشكل مباشر على خدمات المياه والصرف الصحي، ما يستدعي تحركا عاجلا من الجهات المعنية لمنع تفاقم الوضع.

جذور الأزمة

يُرجع مسؤولون السبب الرئيسي لتفاقم الأزمة إلى تهالك البنية التحتية، وتراجع الطاقة الإنتاجية مقارنة بالاحتياج الفعلي، إلى جانب العجز المزمن في توفير الوقود وقطع الغيار اللازمة، وتكاليف التشغيل الباهظة.

وتعتمد مدينة عدن على مزيج من المحطات العاملة بالمازوت والديزل والنفط الخام، إلى جانب حقل للطاقة الشمسية.

ومن أصل 17 محطة توليد، تعمل حاليا 5 فقط، بينما توقفت 12 محطة عن الخدمة بسبب نفاد الوقود وغياب الصيانة، وفقا لمسؤولين في القطاع.

وتقول الحكومة اليمنية إن كلفة تشغيل الكهرباء في عدن تبلغ نحو 55 مليون دولار شهريا، بمعدل 1.8 مليون دولار يوميا، بينما لا تغطي الإيرادات الشهرية كلفة تشغيل يوم واحد، ما يزيد من تعقيد الأزمة المالية والخدمية.

ويشير المهندس الزامكي إلى أن جذور الأزمة تعود إلى توقف مصافي عدن عقب حرب صيف 2015، والتي كانت المصدر الرئيسي لتكرير وتوزيع المشتقات النفطية لمحطات الكهرباء، ما أجبر الحكومة على استيراد الوقود بأسعار باهظة، لا سيما أن معظم المحطات تعتمد على الديزل، وهو من أكثر أنواع الوقود كلفة.

ويضيف أن مشروع "محطة الرئيس"، الذي يعمل بالنفط الخام بطاقة 64 ميغاواتا، ساهم جزئيا في تخفيف الأزمة، إلا أن إمدادات الوقود الخام غير منتظمة بسبب توقف الإنتاج في حقول حضرموت وشبوة ومأرب نتيجة هجمات الحوثيين، ما زاد الوضع تعقيدا.

فجوة كبيرة

وبحسب الزامكي، تحتاج عدن إلى نحو 600 ميغاوات يوميا لتلبية الطلب وتجاوز الأزمة، في حين أن الطاقة التوليدية المتاحة حاليا لا تتجاوز في أفضل الأحوال 138 ميغاواتا، ما يخلق فجوة كبيرة ويزيد من معاناة السكان.

ويُفاقم الأزمة تردّي الخدمات العامة والانهيار الاقتصادي الحاد الذي تعاني منه المدينة، إلى جانب التدهور المستمر في قيمة العملة المحلية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار واتساع رقعة الفقر، وجعل اللجوء إلى المولدات أو شراء الوقود ترفا لا تقدر عليه غالبية الأسر المنهكة أصلا.

وتتزايد المخاوف من تفشي الأوبئة والأمراض، خاصة بعد إعلان مكتب إدارة الترصد الوبائي منتصف أبريل/نيسان الماضي تسجيل أكثر من 50 ألف حالة اشتباه بالملاريا، وألف حالة مؤكدة بحمى الضنك، بالإضافة إلى 12 حالة وفاة.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي استمرار الأزمة من دون تدخل عاجل لتوفير الوقود وإعادة تأهيل البنية التحتية لقطاع الكهرباء إلى مزيد من التدهور الإنساني، ما قد يعقد الأوضاع بشكل أكبر.

تداعيات كارثية

في هذا السياق، يُحذر الصحفي والمحلل الاقتصادي ماجد الداعري من تداعيات كارثية لأزمة الكهرباء، مشيرا إلى أن تأثيرها لا يقتصر على الجوانب المعيشية، بل يمتد ليشكّل أزمة اقتصادية وصحية وإنسانية شاملة.

وقال في حديثه لـ"الجزيرة نت" إن غياب الكهرباء يعطّل مختلف الأنشطة الاقتصادية، بدءا من بائعي البقالة الذين تتلف بضائعهم في الثلاجات، مرورا بأصحاب الورش والمطاعم والبوفيهات الذين تتوقف أعمالهم، وصولا إلى الأسر التي تفتقر إلى أبسط مقومات الراحة.

وأشار إلى أن اللجوء إلى المولدات الخاصة يزيد من الأعباء المالية، إذ تتجاوز تكاليف التشغيل ما يمكن تحقيقه من أرباح، خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي المتواصل وتدهور سعر العملة المحلية.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مقترح إماراتي للدول العربية يشعل المواقع ويثير ضجة كبيرة

المشهد اليمني | 828 قراءة 

الكشف عن أمر مفاجئ حدث عقب القبض على وزير خارجية الحـ.وثيين بمطار عدن

كريتر سكاي | 801 قراءة 

نقل القيادي الحوثي الزايدي إلى سجن الفيضة تحت حراسة مشددة بعد اشتباكات دامية

حشد نت | 778 قراءة 

لن تصدق السبب...ما سبب هروب قيادات الحوثي من صنعاء؟ "تقرير"

جهينة يمن | 686 قراءة 

صدمة وشيكة في اليمن.. أسعار الأراضي إلى انهيار تاريخي بعد قرار سعودي مفاجئ

نافذة اليمن | 675 قراءة 

انفجار في قلب صنعاء: الحوثي يختطف نائب رئيس وزرائهم بتهمة "التخابر مع الموساد"

نافذة اليمن | 587 قراءة 

على يد امرأة تعاني من شذوذ جنسي ..تفاصيل صادمة لعملية اغتصاب طفلة في محافظة عمران

صوت العاصمة | 569 قراءة 

إغلاق مخارج صنعاء وذعر القيادات.. تصاعد الهروب الجماعي ومخاوف من ضربة وشيكة تزلزل الحوثيين

نافذة اليمن | 516 قراءة 

تخابر واختفاء موساد!!.. مليشيا الحوثي تعلن مصير (الرويشان)

موقع الأول | 491 قراءة 

عدن: صرف مرتبات جهتين حكوميتين في ثلاث محافظات

يمن إيكو | 438 قراءة