قشن برسـخاص
تشتهر محافظة المهرة شرق اليمن بتنوع ثقافتها وتراثها الغني، حيث يُعد فن صناعة الكحل أحد أبرز مظاهر هذا التراث، وهو جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية والاجتماعية للسكان. تُستخدم هذه الصناعة التقليدية كرمز للجمال والأنوثة، إذ يُستعمل الكحل لتزيين العيون وإبراز ملامح الوجه.
تاريخ صناعة الكحل في المهرة يمتد لآلاف السنين، حيث كانت النساء في المنطقة تستخدمه لأغراض تجميلية ودينية، بالإضافة إلى فوائده الصحية المزعومة في حماية العين وتقليل الالتهابات.
تبدأ عملية صناعة الكحل بتحضير المواد الخام، حيث يتم استخراج أحجار الكحل الطبيعية من جبال المهرة. تُطحن هذه الأحجار بدقة لتحويلها إلى مسحوق ناعم، ثم يُضاف إليه مكونات طبيعية مثل زيت الزيتون أو الزيوت العطرية للحصول على قوام مناسب ورائحة عطرة.
تتطلب العملية التقليدية لصناعة الكحل مهارة عالية وصبرًا من الحرفيين المحليين، الذين يقومون بصياغته يدويًا، مما يضفي لمسة فريدة على كل قطعة تعكس مهارتهم. تُستخدم أدوات تقليدية بسيطة تم توارثها عبر الأجيال، مما يمنح الصناعة طابعًا عريقًا.
يُعتبر الكحل جزءًا أساسيًا من العادات والتقاليد في المهرة، حيث يُستخدم في المناسبات الاحتفالية مثل الأعراس والمهرجانات. يُعتبر وضع الكحل تقليدًا اجتماعيًا يعكس الفخر بالجمال والتراث، كما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالهوية النسائية، إذ تحرص النساء على استخدامه كجزء من زينتهن اليومية.
على الرغم من الأهمية الكبيرة لصناعة الكحل، تواجه هذه الصناعة تقلبات عدة، منها المنافسة مع المنتجات الكيماوية الحديثة المتاحة في الأسواق. قلة الدعم للمصنعين المحليين تشكل تحديًا أكبر، مما يعرض هذه الصناعة التقليدية للخطر ويستدعي الحاجة إلى الاهتمام والحماية لضمان استمراريتها.
تظل صناعة الكحل في المهرة تجسيدًا لجمال الطبيعة وفن الحرفيين المحليين، ووسيلة للحفاظ على التراث الثقافي الأصيل. يتطلب الحفاظ على هذه الصناعة جهودًا مشتركة من المجتمع المحلي والجهات المعنية لدعم الحرفيين والحفاظ على تاريخ الكحل، الذي يمثل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمهرة. إن إحياء الاهتمام بهذه الصناعة ليس فقط ضرورة اقتصادية بل هو واجب ثقافي للحفاظ على تراث يمني غني يفخر به الجميع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news