الحوثى واحتكار اليمن!

     
اليمن الاتحادي             عدد المشاهدات : 467 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الحوثى واحتكار اليمن!

عزالدين سعيد الأصبحى:

تعود الأحداث فى اليمن إلى واجهة الأخبار المتداولة، ويعود مصطلح الحوثية إلى دائرة السؤال، وماذا يجرى فى أقصى الجزيرة العربية هناك. ويمكن القول إن خلاف الحوثى فى الأساس هو مع اليمنيين أولًا وأخيراً، وليس كما يريد أن يسوقه بسردية أنه ممثل للأمة العربية والإسلامية فى مواجهة الهيمنة الأمريكية.

لذا ستنقشع غمة التدخلات الأمريكية، بحسب ما سيفضى إليه ملف المفاوضات الأمريكية الإيرانية، وخروج منظومة الحوثى بما لا يهدد الملاحة الدولية. وكل الصراع الإقليمى والدولى يجرى بحثه فى روما أو طهران والرياض ومسقط، بعيداً عن اليمنيين، وسيجد الجميع نقاط توافق حسب المصالح الممكنة، وستبقى بعد ذلك المشكلة اليمنية بتعقيداتها الحقيقية، وأهمها اختطاف الحركة المتمردة العاصمة اليمنية، وتدمير مؤسسات الدولة فيها، بدعوى أنها تقيم دولة الاصطفاء الإلهي.

وسنجد أنفسنا نعيد القول الذى لم يسمعه الحوثي، وهو أن أولى الخطوات لإيجاد مخرج سريع هى أن الحوثى يجب أن يقتنع أنه مجرد بشر، وليس كما يرى هو وأتباعه أنه (القرآن الناطق). وأن التنظيم الذى يقوده يجب أن يبقى فى دائرة التعدد السياسى المتعارف عليه، وليس جهازاً أمنياً محتكراً للحقيقة وحاميها على الأرض.

وأن أتباعه مجاهدون ضد الكفار فى كل ربوع اليمن.

مشكلة اليمنيين مع الحوثى هى فى جوهر الفكرة للمشروع العنصرى الذى يقسم البشر بتراتبية فاشية معلنة، وليس فى شيء آخر.

وللذين يناصرون الحوثى دون إدراك، عليهم أن يقفوا بجدية حول جوهر فكرة الحركة ورؤيتها، منذ الوثيقة الفكرية الزيدية التى وضعت للحركة، ونشرت فى 2012 بوضوح بعد سنوات من التواري. وفيها إعلان احتكار الجماعة لتمثيل الزيدية بل وتطييفها، وفيها كانت أولى خطوات إقصاء كل ممثلى الزيدية التقليدية، ثم ذهابنا إلى تكريس ممنهج للمذهبية التى بقيت غير معترف بها فى الصراع اليمني، وصارت للأسف الآن عنوان صنعاء الرئيسي، وصولاً لترسيخ أن ذلك حق إلهي.

صمت الناس حينها عما بدا أنه مجرد إعلان للحركة، فى وثيقة فكرية تصادر جزءاً من الجغرافيا، وتعلن احتكار التمثيل الزيدى سياسياً. فهل يستمر الصمت، ونحن فى خطوة صار الحوثى يعلنها بوضوح: أنه حركة تمثل كل اليمن وتختزل كل الوطن بعناصره؟

وهذه مشكلة اليمنيين مع الحوثي، الذى ألغى فكرة الدولة المدنية، بل وفكرة الدولة عامة، واختزل الطائفة بشخصه (كرمز مقدس)، واختزل اليمن بجماعة أنصاره، التى اقتصرت الآن على هيكل الميليشيات القائم على منهج عسكرى مغلق، لا حزب سياسى مفتوح.

الذهاب إلى القول إنه لا نقاش فى هذا الأمر لأن الحوثى يعلن أنه يناصر غزة، وعلى الكل أن يرضخ ويسلم، وإلا فكل معارض للحوثية هو صهيوني، نوع من الممارسة الفاشية التى تخدم العدو فقط، وتدمر مستقبل اليمن.

اليمنيون لا يختلفون على القضية الفلسطينية العادلة ونصرتها، وآخر من التحق بركب النضال من أجل فلسطين من اليمنيين هم الحوثيون، ولا يزال وضعهم عند كل اليمنيين محل شك من هذه القضية، لأن جوهر الفكرة لديهم يرفض النظرة القومية والعروبة، ناهيك عن الموقف الحدى من كل أشكال الحداثة، ودولة المواطنة ونظرة المساواة والقبول بالآخر.

فالحركة ترى بنفسها مشروعا اصطفائيا يقوم على استمرار الحرب مع الغير، (هذا الغير فى الأساس هو بقية الأطياف اليمنية أولاً، ثم كفار الكون لاحقاً). نحن أمام فكر داعش تماماً بشكل آخر.

إن واقع الأحداث الجارية فى اليمن مؤلم، لأنها تدمر البلد الكبير، ليس فقط فى منشآته والبنى التحتية، ولكن فى تعزيز التشظى المجتمعي، الذى تكرسه الجماعة المتمردة فى صنعاء.

فمشاريع التقسيم المناطقى بدأت مع اختطاف صنعاء من الجماعة لأكثر من عقد من الزمان الآن.

وفكرة تعزيز الصراع المذهبى لم تكن أبداً فى خريطة المواجهات قبل تمكن الجماعة من مؤسسات عاصمة الدولة وأجهزتها الأمنية.

وستبقى أمامنا نقطتان رئيستان، الأولى حول تصور الحركة الوطنية اليمنية لليمن لليوم الأول لصنعاء ولليمن بعد الحوثى (وهذا بحاجة إلى وقفة لاحقة).

والنقطة الثانية هى تأكيد حقيقة أن المشاريع الضيقة التى تريد احتكار اليمنيين برؤية ضيقة، وجماعة محدودة، هى الخطر الحقيقى على وحدة اليمن، وعلى دولة المواطنة.

ويكفى أن نرى أن عشر سنوات من ترسيخ جماعة الحوثى لمشروع الهيمنة على صنعاء، ومأسسة الطائفية، أفرزت كل أفكار التعصب المناطقى والمذهبي، والذهاب بعيداً فى تمزيق المجتمع.

إن مواجهة هذا الواقع الصعب، ليس فقط بسرعة الحسم على الأرض، وتوحيد القرار العسكرى والاقتصادي، ولكن أيضاً بوضع مشروع دولة المواطنة فى مقدمة كل قول لبلد الحكمة والإيمان.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

المقاومة الوطنية تخمد تصعيداً حوثياً في جنوب الحديدة

حشد نت | 881 قراءة 

قرارات مفصلية تلوح في الأفق لإعادة تشكيل المشهد السياسي اليمني

المرصد برس | 849 قراءة 

إتفاق خماسي بإخراج أعضائه ونقل صلاحياته… تجميد “الرئاسي” رسميًا

العاصفة نيوز | 820 قراءة 

السفير الأمريكي لدى اليمن: الحوثيون يستخدمون الاختطاف وسيلة للابتزاز وانتهاك الكرامة الإنسانية

حشد نت | 547 قراءة 

توتر أمني في "الوضيع" بأبين بعد هجوم مسلح على نقطة أمنية

بران برس | 527 قراءة 

صورة حصرية ل خاطف الطائرات اليمنية المعتقل في عدن يظهر بجانب رئيس وزراء الحوثي الذي قتل بغارات إسرائيلة الشهر الماضي

المشهد الدولي | 525 قراءة 

حلقة جديدة من “بودكاست برّان” | البيضاء والإمامة.. حكاية صراع عبر التاريخ (فيديو + صوت)

بران برس | 500 قراءة 

**”مكحل تعز” في قبضة السلطات الليبية… والسفارة اليمنية تتحرك لإنقاذه ونقله إلى دولة عربية

المشهد اليمني | 463 قراءة 

رئيس الحكومة سيعود الى عدن قريباً و بصلاحيات أوسع

يمن فويس | 454 قراءة 

الكشف عن قائمة سرية لقيادات حـ.ـوثية قُتلـ.ـت في غـ.ـارات أمـ.ـريكية وإسـ.ـرائيلية

صوت العاصمة | 411 قراءة