17 أبريل/ نيسان 2025
يُعتقد أن العوامل الوراثية تلعب دوراً رئيسياً في الإصابة بالتوحد، لكن كان من الصعب طوال عقود تحديد هذه العوامل. والآن، بدأ العلماء في الكشف عن بعض الأدلة.
آ
حتى سبعينيات القرن الماضي، كان الاعتقاد السائد في أوساط الطب النفسي أن التوحد هو نتيجة التربية السيئة.
آ
وفي الأربعينيات، صاغ الطبيب النفسي النمساوي ليو كانر نظرية مثيرة للجدل تُسمى "الأم الثلاجة"، التي اقترحت أن التوحد ينشأ بسبب صدمة تحدث خلال الطفولة المبكرة، سببها الأمهات "الباردات" غير المباليات اللواتي يرفضن أطفالهن.
آ
ويقول دانيال جيشويند، أستاذ علم الأعصاب والوراثة في جامعة كاليفورنيا - لوس أنجلوس، إن هذا الاعتقاد يُصنف الآن، وبصورة محقّة، على أنه مضر وخاطئ للغاية، لكن الأمر استغرق ما يقرب من ثلاثة عقود لدحض نظرية كانر.
آ
ولم تتشكل صورة أدق وأوضح إلّا بحلول عام 1977، حين أجرى طبيبان نفسيان دراسة رائدة أظهرت أن التوحد غالباً ما يكون موجوداً بين التوائم المتطابقة.
آ
وكانت دراسة عام 1977 هي المرة الأولى التي يُحدد فيها عامل وراثي للتوحد. ومنذ ذلك الحين، أظهرت الأبحاث أنه عندما يكون أحد التوأمين المتطابقين مصاباً بالتوحد، يزيد احتمال أن يكون التوأم الآخر مصاباً كذلك بنسبة تفوق 90 في المئة. في حين أن فرص إصابة التوائم غير المتطابقة من نفس الجنس بالتوحد تصل إلى نحو 34 في المئة. وهذه النسب أعلى بكثير من معدل الإصابة المعتاد بين عموم الناس البالغ حوالي 2.8 في المئة.
آ
ومن المُسلَّم به الآن على نطاق واسع وجود عامل وراثي قوي في التوحد؛ لكن معرفة الجينات المُرتبطة به، وكيفية تأثير العوامل الأخرى على التعبير عن هذه الجينات، كلها أمور لا تزال قيد البحث.
آ
فروق صغيرة
حتى بعد دراسة التوائم في عام 1977، استغرق الأمر عدة عقود أخرى لتصبح التفاعلات الكاملة بين التوحد والجين البشري واضحة.
آ
بين أي فردين، تبلغ نسبة التباين الجيني حوالي 0.1 في المئة، ما يعني أن حرفاً واحداً أو زوجاً قاعدياً واحداً تقريباً من كل 1000 زوج في حمضهما النووي سيكون مختلفاً.
آ
ويقول توماس بورجيرون، أستاذ علم الأعصاب في معهد باستور بباريس: "أحياناً لا يكون لهذه الاختلافات أي تأثير على الإطلاق. أحياناً يكون تأثيرها ضئيلاً، وأحياناً أخرى يكون تأثيرها بالغ القوة".
آ
وسبق وأن تم تحديد اختلافات "فائقة القوة" فيما يصل إلى 20 في المئة من جميع حالات التوحد، حيث تُعد طفرة واحدة في جين واحد مسؤولة بشكل كبير عن إحداث اختلافات حرجة في النمو العصبي.
آ
ودور هذه الطفرات الجينية المنفردة وكيفية نشوئها يُعد من أكثر المجالات التي خضعت للدراسة المكثفة في أبحاث التوحد، لأنها، كما يوضح بورجيرون، غالباً ما تؤدي إلى إعاقات شديدة ومحدِّدة لنمط الحياة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news